بدأت الإجازة الصيفية للطلبة، واهتمت أغلب الأسر بإشراك أبنائها في المراكز الصيفية والأنشطة والفعاليات المنظمة لهم خصيصاً، وهي كثيرة ومتعددة وتناسب مختلف الأعمار، وتشجع للانضمام إليها، ولم يبق غير تفعيل التسجيل والتوصيل إليها؛ وهو ما يستصعبه بعض الأهالي وخاصة في أوقات الصيف الحار، على الرغم من أن الأنشطة التي توفر لهم لا تقدر بثمن، وتماثل فائدتها ما استفاده الطالب على مدار العام الدراسي من علم، وربما أكثر من حيث الفائدة التي تشكل شخصيته وتصقلها.
فالأنشطة الصيفية ليست بمحتواها فقط، إنما بالتعامل مع المحيط الخارجي المختلف عن المدرسة والمنزل، وتختلف عن بقية الأجواء التي تعوّد عليها الطالب، كما أن الاحتكاك بأقرانه، والمنظمين الأكبر منه، يساعد على تشكيل شخصيته المستقبلية، ولا يمكن أن يمضي النشاط الصيفي، من دون فائدة تذكر على الطالب، فيما أن انفتاح شخصيته ينأى به عن الصفات الانطوائية وحب العزلة والمشكلات المرتبطة بها، إذ إن عدم الاختلاط بأقرانه خارج أسوار المدرسة، يبقيه شخصية كتومة لا تستطيع أن تعبر عن ما في داخلها، وتكبر معه تلك الصفة إلى أن تكون ملازمة له، وبأيدينا أن نحافظ على أبنائنا من العزلة ونطور شخصياتهم في تحمل عناء التسجيل والتوصيل والمتابعة للأنشطة فقط.
وللأسف بعض من ينأى بأبنائه الطلبة عن تلك الأنشطة، نجدهم من الشخصيات الحاصلة على درجات عالية علمياً داخل الصفوف الدراسية، إلا أن خبرتهم في المهارات الحياتية تكاد تكون صفراً، لذلك تجد بعضهم يصطدمون بالحياة الجامعية ولا يكادون يستطيعون مجاراة الحياة فيها، ويعودون للتقوقع في منازلهم التي توفر لهم الراحة والأمان اللذين لا يجدونهما إلا فيها. لذلك لا نريد لأعداد مثل تلك النماذج من الطلبة أن تزداد، ونحاول قدر الإمكان أن نحميهم ونوسع دائرة الراحة والأمان في محيطهم، بدفعهم وإشراكهم في الأنشطة الخارجية التي تنظمها الجهات المختصة وتضع أهدافاً محورية لها، ولا تنظم عبثاً لشغل وقت الفراغ فقط.
والجميل أن الأنشطة متعددة وكثيرة وترقى بجميع الاهتمامات، خاصة التي تنظمها وزارة الثقافة ومراكز الشباب، والجهات الحكومية التي فتحت أبوابها لتدريب الطلبة الكبار على الأعمال وتعويدهم على جو العمل، قبل دراستهم الجامعية، نرفع القبعة احتراماً لتلك الجهات وكذلك لأولياء الأمور الحريصين كل الحرص على تنمية مهارات أبنائهم الحياتية والعلمية معاً، لنحصل على مجتمع سوي يتنافس في التميز والعطاء في كل ردهاته ومن أبنائه الصغار عمراً والكبار في مستوى إدراكهم وتفاعلهم مع محيطهم.
التعليقات