حسن اليمني

سعدت جداً بتواصل جهاز المرور عبر الأستاذ خالد الشثري على إثر مقال بعنوان «رسالة إلى جهاز المرور» المنشور بهذه الجريدة يوم الجمعة 1-6-2024م وكان تواصلا مفيدا استفدت منه كثيراً، وكان أهم ما فيه أن إيقاف حسابات من عليهم مخالفات مرورية لم يكن إجراءً موفقا، ولم يصدر من جهاز المرور.

لقد كان وضع حد لاحتساب المخالفات بما يمنع تراكمها وتجاوزها القدرة والملاءة المالية للمخالف هو الأهم، وكما أفادني الأستاذ خالد فإن جهاز المرور يعكف على دراسة ستظهر قريباً يتم فيها تحديد لعدد المخالفات المرورية وتصعيد العقوبة في المخالفة المرورية عند حد أو عدد معين شهري وسنوي لجزاءات أقوى؛ مثل سحب الرخصة وتعطيل الاستفادة من المركبة، كما أن معالجة المخالفات ستأخذ بالاعتبار العدد والتكرار؛ سواء شهرياً أو سنوياً ليتم التعامل معها بشكل متقدم يدرس طبيعة نشوء المخالفة ويفصل بين المستهين بالنظم المرورية والحريص على اتباعها، وهو أمر إن تم فعلا فسيكون بمثابة نقلة نوعية لجهاز المرور في تفعيل الرسالة النبيلة وراء إيقاع المخالفة الهادف لضبط السير وتأمين السلامة وحفظ الوقت.

لقد ظهر واضحاً أن الإجراء الأخير الذي طبقته البنوك بإيقاف حسابات كثير من المستفيدين بناء على مخالفات مرورية لم تسدد كان إجراءً غير موفق، وإن كان مبنياً على تعليمات من قبل البنك السعودي المركزي وبموافقة وزارة العدل، وإن كان البديل قد لا يكون واضحا، خاصة أن بعض من يواجهون تراكم مخالفات بمبالغ تتجاوز راتبهم الشهري سيصبح حجز مبلغ المخالفة أكبر من رصيد المعاش الشهري، وهنا مشكلة تمتد لشئون وشجون أخرى كالتزامات ومسئوليات تمس آخرين، - ولا بد - من القول صراحة إن المس بحسابات المخالفين البنكية ليس الإجراء الصحيح وإنما هو معالجة خطأ لخطأ ارتكبه جهاز المرور نفسه، فهو من لم يضع حدا لعدد المخالفات، بل راكمها حتى وصلت مبالغ تتجاوز قدرة البعض من المخالفين، وربما زادت عن كيل التحمل والاهتمام لتصبح ميؤوسا من معالجتها لدى المخالف وبما يخلق مشاكل أخرى في التزامات ومسئوليات ربما أهم، هنا نريد من اللجنة المكلفة بحل هذا الأمر والمشكلة من جهات عديدة منها وزارة الداخلية ممثلة بجهاز المرور والبنك السعودي المركزي ووزارة العدل أن تعيد دراستها للمشكلة بمساحة أوسع تأخذ في الاعتبار الملاءة والقدرة المالية حسب متوسط الرواتب الشهرية المبينة في جداول إحصاءات الهيئة العامة للإحصاء ووزارة الاقتصاد والتخطيط، وبما يأخذ في الاعتبار الشئون الاجتماعية والأسرية المبنية على قواعد النظم الاجتماعية في البلاد.

إن أي معالجة لمشكلة أو قضية لا تمتد إلى مساحات تستوعب الأسباب والأثر والتأثير إيجابا وسلبا لا تسمى معالجة، بل ترحيل إلى مستوى أعلى في الإشكال، وما حدث نهاية شهر يونيو لكثير من المستفيدين أمام البنوك بتداعي إيقاف حساباتهم لم يكن فيه نوع من الحل بقدر ما رمى بالكثيرين في مشاكل وقضايا متعددة، أما عملية فتح باب التمديد وكسب وقت محدد ضاغط على المخالف في التزاماته المالية والاجتماعية والأسرية فهو أيضا ليس نوعا من المرونة الإيجابية؛ ذلك أن إيقاف حساب شخص لدى البنك بحد ذاته خطأ وعقاب لا يطول المخالف وحده بل ويمتد لأسرته والتزاماته المالية تجاه الغير بما في ذلك الكهرباء والماء والهاتف والنت، وكان الأصح لو تم سحب رخصة السياقة وتعطيل الاستفادة من المركبة للمخالفين الذين تجاوز عدد مخالفاتهم خمس مخالفات -خلال عام- واحد، ويمكن هنا القول إن هذا المخالف سيستخدم مركبة ليست تحت ملكيته ربما باستعارة من أخ أو صديق فليكن ولتكن عقوبة ومخالفة لمالك هذه المركبة وإما إن قيل إنه سيستخدم النقل العام فأقول أهلا وسهلا، وهذا هو المطلوب، لو لا ان المواصلات العامة لا زالت غائبة عن كثير من المدن والقرى وما بينهما وبما يجعل العقوبة مؤلمة على المخالف وتزرع فيه الحرص على السداد بالطرق الممكنة وبما لا يخلق مشكلة أخرى وفي نفس الوقت تخلق الردع وعدم التكرار للمخالف.

إن ما فهمته من شرح وتفصيل الأستاذ خالد الشثري حول الأمر أن إيقاف الحسابات أدى غرضه وأنه لحث المخالفين بالاهتمام بالسداد من خلال تقديم مدد التزام أخرى مصحوبة بمكافآت تخفيض بين خمسين إلى خمسة وعشرين بالمائة لغلق موضوع الاستهانة بالمخالفات المرورية، وبما يعني أنها بمثابة قرص إذن للاستيقاظ من الاستهانة والغفلة ولعله يكون كذلك، بقي تنظيم يحدد عدد المخالفات المرورية وحبذا لو وضع أيضا حدا للمبالغ المالية حتى لا نعيد خطأ التراكم في العدد والمبالغ، وجميل جدا ما سمعته حول التمييز في التعامل مع المخالفة بحجم اعدادها كخطوة رائعة فليس من يرتكب مخالفة واحدة في السنة كمن يخالف عشر مرات في الشهر، وهذا منطق يظهر فهم وتفهم جهاز المرور المشارك في إعداد هذه النظم، نأمل ونتفاءل خيرا.