بخلاف قلّة متضررة من حل مجلس الأمة السابق، وتعليق بعض مواد الدستور، فإن كل فرد عاقل في الكويت فرح لقرار الحل والإيقاف، بعد أن عانينا وعانت البلاد من فترة كان عنوانها الفوضى، وباطنها الرغبة في السلطة، ولو على حساب كل مصالح الأمة وأمن الدولة.

مرت على الحكومة فترة المئة يوم الأولى، التي عادة ما تكون كافية للحكم على أدائها وكفاءتها، لكن النتيجة كانت متواضعة مع وقوع بعض مسؤوليها في أخطاء قاتلة كان يسهل تجنبها، وخصوصاً في إصدار قوانين وقرارات غير مكتملة تشكو من مثالب، وتتطلب إعادة النظر والمراجعة المعمقة.

لقد عاشت الوزارة الحالية في ما يشبه ثلاثة أشهر عسل حلوة، من دون مراجعات، ولا وساطات، ولا تدخلات نواب، ولا طلبات تعيين، ولا حضور جلسات، ولا رد على استفسارات وأسئلة نواب، ومع هذا لم نر غير اجتماعات أسبوعية يتيمة لا تستغرق وقتاً طويلاً، لا تخرج منها إلا أمور أبعد ما تكون عن سلّم الأولويات، التي طال انتظارها.

النتيجة التي توصّل إليها الكثيرون أن من شبه الاستحالة تقريباً تجاهل النظام الديموقراطي، ولا يعني ذلك حتماً أننا في عجلة لعودة مجلس الأمة، والخير حتماً في ما تم، ونأمل أن يلتقط مجلس الوزراء أنفاسه، بعد راحة المئة يوم الأولى، بخلاف الجهد الكبير والواضح الذي بذله، ويبذله النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى وزير أو وزيرين آخرين، وأن يبدأ الإنتاج الحقيقي، فأيديهم تقريباً طلقة، وملفات القضايا التي تنتظر موافقتهم موجودة أمامهم، وما عليهم غير اتخاذ القرار المناسب، أما الخوف من الوقوع في الخطأ، فهو يؤدي في أحيان كثيرة إلى الوقوع في أخطاء أكبر.

* * *

تعتبر الديموقراطية أمراً حيوياً لإدارة أية دولة، لأسباب رئيسية وفرعية عدة. فمن خلال الديموقراطية تتم حماية حقوق الأفراد، الذين لا حول لهم ولا قوة. فالدولة الدستورية هي ضمانتهم الوحيدة ضد التعسف.

كما تتمتع الأنظمة الديموقراطية عادة بضوابط وتوازنات، تمنع إساءة استخدام السلطة، وتوفر الحماية ضد الحكم الاستبدادي، مما يضمن أن يعيش المواطنون متحررين من الاضطهاد.

كما تتيح الديموقراطية للمواطنين حق انتخاب ممثلين، يعكسون وجهات نظرهم ومصالحهم، وهذا يضمن أن تصرفات الحكومة تتماشى مع إرادة الشعب.

كما تتيح الديموقراطية مشاركة المواطنين النشطة في العملية السياسية، مما يؤدي إلى مجتمعات أكثر استنارة، بدلاً من حالة الخمول والسلبية الحالية. كما تعزز الديموقراطية مبدأ المساواة، حيث يكون لجميع المواطنين رأي متساوٍ في القوانين والسياسات التي تحكمهم. وهذا يعزّز الشعور بالعدالة، وتتيح التداول السلمي للسلطة، وهذه من أهم سمات الديموقراطية، عبر انتخابات منتظمة وحرة ونزيهة، وهذا الاستقرار أمر بالغ الأهمية للتنمية الشاملة.

كما أن المساءلة والشفافية تتطلبان من الديموقراطيات أن تكون الإجراءات والقرارات الحكومية شفافة وخاضعة للتدقيق، وتساعد في الحد من الفساد، حيث يتعين على الحكومة الاستجابة للناخبين، ومن غير المرجح أن ينخرطوا في ممارسات غير أخلاقية، عندما تكون أفعالهم مفتوحة للمراجعة العامة.

كما للديموقراطية دور في تشجيع النقاش والمعارضة وتبادل الأفكار، مما قد يؤدي إلى الابتكار والتقدم، كما توفر البيئة المناسبة لحل الصراعات، ضمن آليات معينة، بدلاً من العنف، وهذا يساهم في الاستقرار الاجتماعي، وخلق مجتمع أكثر سلماً.

ما هو مطلوب من الحكومة الآن وضع الضوابط، التي تكفل وصول أقل عدد من غير الأكفاء إلى المجالس المقبلة، فشرط بلوغ المرشح الثلاثين من العمر، وأن يقرأ ويكتب، وغيرها من شروط مضحكة وغير عملية، يجب تعديلها إلى الأفضل.

* * *

لقد مررنا بحقب عدة كانت نتائج أغلبيتها غير سارة، والكل يتطلع إلى الحقبة الحالية، ويتأمل منها الخير العظيم، وهو قادم لا شك.


أحمد الصراف