موسى بهبهاني

في السابق كنا نعلم بأن هناك قائمة لا تنتهي من التأثيرات السلبية والأمراض المحتملة الناجمة عن الاستخدام المفرط للهاتف المحمول، والألعاب الإلكترونية، مثل الصداع ومشاكل السمع، وفقدان الذاكرة والتركيز، وصولاً إلى طنين الأذن والاضطرابات العصبية وحتى سرطان المخ. بالإضافة إلى إدمان أطفالنا عليها.

ولذلك لابد من الترشيد في استخدامنا لهذه الأجهزة تفادياً لمضارها الصحية.

نتساءل الآن:

هل هذه الأجهزة يُمكن اختراقها وتفجيرها؟

- تفاجأنا في الأسبوع الماضي بسلسلة من التفجيرات نالت مجموعة من أبناء الشعب اللبناني الشقيق، وأسفرت التحقيقات الأولية بأن أجهزة المناداة تعرّضت للتفجير على نطاق واسع وفي توقيت محدد، وفي اليوم التالي تعرضت أجهزة اللاسلكي للتفجير في وقت محدد أيضاً!

وشاهدنا بعض الأفلام المصورة في القنوات الإخبارية لضحايا تعرضوا لهذه الحادثة المروعة:

- منهم مَنْ كان يتسوّق لشراء احتياجاته الغذائية.

- ومنهم مَنْ كان سائراً على قدميه.

- آخرون كانوا في العمل.

- ومنهم مَنْ كان برفقة أسرته.

مشاهدات مؤلمة حقاً... شهداء وإصابات متعددة... هناك مَنْ فقد عينه، يده، رجله... إصابات متعددة بالبطن والصدر والساق... فالاغتيالات والتنكيل وقتل الأبرياء ديدن اليهود الصهاينة، لعنهم المولى عز وجل، فلم تر الدنيا أمة أخبث منهم، فهم أهل الكذب والغدر والمكر، قتلة الأنبياء وأكلة السحت، لايرون لغيرهم حرمة، انتهكوا الحرمات وامتلأت قلوبُهم غيظاً على خاتم الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم).

{ لَتجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ ‌عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا}.

و تُشير التحقيقات الأولية بأن هذه الأجهزة قد تم التلاعب بها لتكون عبوات ناسفة؟ (بمعنى أن خطوط الإنتاج في هذه الشركات التي تنتج هذه الأجهزة مخترقة).

ورأي آخر يقول بأن البطارية في الجهاز قد تكون سبب الانفجار؟؟ (اختراق تقني).

والخطر الأكبر هو:

هل من الممكن أن تتحوّل هواتفنا المحمولة إلى عبوات ناسفة؟

هل من الممكن تكرار هذه الهجمات على أجهزة أخرى مثل الهواتف الذكية، والسماعات، والساعات الذكية، واللابتوب... وجميع الأجهزة الإلكترونية؟!

مَنْ الذي يمتلك هذه التكنولوجيا؟

ومَنْ الذي يتمكّن من اختراق هذه الأجهزة؟!

كتبت في مقالة سابقة نُشرت قبل أعوام سأذكر جزءاً منها لعل فيه الإفادة:

مُنذ سنوات عدة مضت، عندما كنا ندرس مادة (الملاحة الفلكية) وهي أحد العلوم التقنية لتحديد المواقع في البحار والمحيطات عند عبور السفن، وذلك باستخدام جهاز (السدس) لتحديد زاوية الارتفاع بين أيّ جرم سماوي، سواءً أكانت الشمس أو القمر، أو أحد النجوم وبين الأفق المرئي، وهي عملية حسابية يقوم بها الضابط البحري لتحديد الموقع الذي تتواجد فيه السفينة، وحدث أن جرى نقاش بين الطلبة والأستاذ حول هذه المادة العلمية، وكنت ممَنْ شارك في هذا النقاش، فسألت أستاذ المادة لماذا التركيز على العلوم التقليدية القديمة، وعدم الاعتماد كلياً على التكنولوجيا الحديثة لتحديد الموقع باستخدام جهاز الـ(GBS)، وهي تقنية حديثة وعلى مستوى عالٍ من الدقة لا مجال لوقوع الخطأ فيها، فبمجرد إدخال البيانات في الجهاز وخلال ثوان معدودات نتمكّن من تحديد الموقع، وكذلك حساب زمن الوصول للهدف المراد الوصول إليه، وبذلك نوفّر الجهد والوقت في آن واحد؟.

واجاب الأستاذ بكل علم وثقة وهدوء، قائلاً بأنّ ما ذكرته صحيح، فانتشار الأقمار الاصطناعية في الفضاء خدمت تلك المنظومة الحديثة وأصبح الأمر سهلاً، إنما الأمر الأهم من كل هذه الأجهزة هو تأهيل العنصر البشري العامل على السفينة وتدريبه على طريقة تحديد ومعرفة المواقع اعتماداً على النجوم والأجرام السماوية، ثم يأتي بعد ذلك دور التكنولوجيا الحديثة والاستعانة بها، فالعنصر البشري هو الأهم في هذا الموضوع.

وهنا ملاحظتان مهمتان لتوضيح هذا الأمر:

1 - عدم الاعتماد كلياً على التكنولوجيا الحديثة والتخلي عن العلوم التقليدية خوفاً من تعطلها مما قد يُسبّب لنا الكوارث التي نحن في غنى عنها، ففي حالة إذا كنا مبحرين في عرض البحر وحصل عطل في الأقمار الاصطناعية التي تنقل البيانات لأجهزة الـ(GBS) ولم نكن مدربين على كيفية استخدام جهاز (السدس) لتحديد المواقع تقليدياً كما كان يفعله أجدادنا الأسبقون، هل سنتمكن من تحديد موقعنا في هذا المحيط اللامتناهي، أم سنكون تائهين في المحيط تتلاطمنا الأمواج الرهيبة، فنكون لقمة سائغة لهذا الامواج؟

2 - أيضاً، يجب أن نعلم أن هذه التكنولوجيا الحديثة هي تحت تصرف وتحكم دول متقدمة آخذة بزمام هذه التقنيات التكنولوجية، وعلى علم بكل تفاصيلها وكيفية تعطليها أو اختراقها، ما الذي يضمن لنا عدم قيامها بتعطيل هذه التكنولوجيا عند حدوث أيّ خلاف مع أي دولة؟

لهذا، فإن دراسة ومعرفة الطرق التقليدية للملاحة أمر أساسي للضباط العاملين على متن السفن لمواجهة أيّ طارئ قد يحدث.

وبالفعل، فإن هذا الأستاذ يستحق كل تقدير واحترام، وكذلك جعلنا ننظر إليه كأستاذ مقتدر متمكّن من العلم الذي يحمله.

- عندما نرى الواقع الذي نعيش فيه اليوم، نجد الاعتماد الكلي على التكنولوجيا الحديثة والأجهزة الذكية، وإهمالنا للتقنيات القديمة التي اعتمد عليها الانسان لآلاف السنين، عندما لم يكن للتكنولوجيا الحديثة أيّ دور في حياة إنسان ذلك الزمن، وهذا يدق جرس الإنذار لنا بأن اعتمادنا الكلي على التكنولوجيا الحديثة بصورة تامة خطأ كبير وكارثة عظيمة - فما الذي يضمن لنا عدم تعطل هذه التكنولوجيا الحديثة لأيّ سبب من الأسباب؟

ختاماً،

أليس من الوارد ان يتم استغلال هذه التكنولوجيا في تفجير الأجهزة في جميع الأماكن مثل: المستشفيات، الطائرات، السيارات، المجمعات، الملاهي، دور العرض... وتكون حياة الإنسان في خطر؟ وهذا ماحصل بالتفجيرات الأخيرة في لبنان؟

عادة في المواجهات هناك قواعد ومحاذير عندما تتواجه الجيوش في الميادين، والمدنيين والأطفال والنساء يكونون غير مستهدفين، إنما الآن اختلفت الأمور وتغيرت القيم فالكل مستهدف وتم استخدام كل ماهو محظور...

- الحرب الجرثومية (نشر الأوبئة)!

- الحرب الإلكترونية (تفجير الأجهزة الكمالية)!

فهذا الكيان السرطاني الذي يعبث بالأجهزة الإلكترونية السلمية، ويحولها إلى أدوات تدمير، وبمساعدة دول تسانده، قد لا يتوانى عن استهداف كل شيء دون حدود ولا خوف من الخالق عز وجل، لذلك علينا أن نكون على حذر وحرص ووعي تام من هذا الكيان الشيطاني.

دعونا نتكاتف جميعاً ونتحمل مسؤوليتنا المشتركة لحماية مجتمعاتنا من أي تهديد قد يمس أمننا الإسلامي.

ونسأل المولى عز وجل، أن يجعل لنا من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ويحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار.

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمدلله رب العالمين.