محمد ناصر العطوان

ربما لم يعد من الغريب أن نشاهد أحد أفراد العائلة وهو يجلس أمام «الايباد» أو التلفزيون الذكي لمشاهدة مسلسل، ويبكي والدموع تنساب منه، ولكنه في الوقت نفسه ليس حزيناً ذاك الحزن الجارح، بقدر ما هو حزين حزناً لطيفاً متعاطفاً مع المشهد أو الممثل في المسلسل. نحن نعيش الآن أزهى عصور المسلسلات، حيث أصبحت المسلسلات مثل «صديق» يثير مشاعرك المكبوتة، ويصف أعمق جراحك، ويقدم لك الدعم النفسي أحياناً، ويأخذك بموسيقى حزينة تثير فيك النوستالجيا والحنين لعالم أصبح مفقوداً الآن.

المسلسلات تمتلك القدرة على أن تأخذنا في رحلات عاطفية مكثفة. على سبيل المثال، نجد أنفسنا متأثرين بمشاهد من مسلسلات مثل «لن أعيش في جلباب أبي» الذي يعالج قضايا العائلة والعلاقات الإنسانية بواقعية مؤثرة. أو يمكن أن نتعاطف مع شخصية في مسلسل مثل «Breaking Bad» الذي يظهر تحول الشخص العادي إلى مجرم بسبب الظروف.

المشاهدون يجدون في هذه المسلسلات صديقاً موقتاً يشاركهم مشاعرهم، يضحكون ويبكون معه، ويشعرون بنوع من الراحة النفسية الموقتة. ولكن يجب أن نتذكر أن هذا الدعم النفسي الذي تقدمه المسلسلات هو دعم وهمي، موقت، وينتهي بمجرد إيقاف الشاشة.

في نهاية المطاف، يجب أن نتذكر أن شبكة الدعم الحقيقية تأتي من الأصدقاء والعائلة. هؤلاء هم الأشخاص الذين يعرفوننا بشكل حقيقي، والذين يمكنهم تقديم الدعم الحقيقي والمستدام. العلاقات الإنسانية المباشرة هي التي توفر لنا الدعم النفسي والمعنوي الذي نحتاجه بشكل فعلي.

عندما نواجه مشكلة، يمكننا أن نتحدث مع أصدقائنا ونشاركهم مشاعرنا وأفكارنا. الأصدقاء يمكنهم تقديم النصائح والدعم بشكل مباشر وفعّال.

العائلة أيضاً هي شبكة الدعم الأساسية التي نتعلّم منها قيمنا ومبادئنا. عندما نمر بأوقات صعبة، يمكن لأفراد العائلة أن يكونوا مصدر راحة ودعماً حقيقياً.

كذلك الانخراط في الأنشطة الاجتماعية والمجتمعات المحلية يمكن أن يوفر لنا دعماً نفسياً ومعنوياً. المجتمعات تعزّز شعورنا بالانتماء والتكافل.

المسلسلات قد تكون وسيلة رائعة للتسلية والتعبير عن المشاعر المكبوتة، ولكن يجب أن نتذكر أنها ليست بديلاً عن الدعم النفسي الحقيقي. الأصدقاء والعائلة هم شبكة الدعم الحقيقية التي نحتاج إليها لتحقيق التوازن النفسي والمعنوي في حياتنا. لذلك، بينما نستمتع بمشاهدة المسلسلات ونتعاطف مع شخصياتها، يجب علينا أن نتذكر أن الدعم الحقيقي يأتي من الأشخاص الحقيقيين في حياتنا، وليس من الشخصيات الوهمية على الشاشة... أو حتى من الرواية. وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

moh1alatwan@