شدّ انتباهي خلال متابعتي النشرة الإحصائية الشهرية للبنك المركزي السعودي 2024، تسجيل الاقتصاد السعودي نمو مستويات السيولة على أساس سنوي بنسبة 8.7%، بزيادة 232,160 مليار ريال. بلغت الزيادة مستوى 2,906,636 مليوني ريال، وهي قمة جديدة تُعد ربما الأعلى، مقارنة بالفترة المماثلة نفسها من العام 2023، والتي بلغت 2,674,476 مليوني ريال. هذه المستويات من السيولة القوية تُعد محركاً للمنظومة الاقتصادية والتجارية، ومساهمة في تحقيق معدلات إيجابية بمسيرة التنمية الشاملة. لعلي أضيف أن التحول الكبير الذي تشهده المملكة العربية السعودية في القطاعات كافة، يترجم على أرض الواقع تنويعاً في مصادر الدخل وتقليلاً في الاعتماد على النفط من خلال الدفع بالاقتصاد الرقمي ودمج التكنولوجيا في مختلف القطاعات. على سبيل المثال، سجلت الدولة نمواً في الناتج المحلي الإجمالي من القطاع الرقمي فقط نسبته تزيد على 7% في العام الماضي. نتيجة هذه التطورات حتماً إيجابية، وهي استمرار التحول إلى اقتصاد مزدهر، وتحسين رفاهية المواطن، وإتاحة وتوفير فرص عمل جديدة لتعزيز التنمية داخل الدولة. المساهمة الجادة للدول في تحقيق مستهدفاتها واستراتيجياتها ليست بالأمر السهل. لعلي أطرح بعض الأمثلة. الحكومة عازمة على استكمال مساهمتها برفع حجم سوق العقارات في المملكة إلى 69.51 مليار دولار أميركي في عام 2024، بل من المتوقع أن يصل إلى 101.62 مليار دولار أميركي بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 8% خلال الفترة المتوقعة (2024-2029). هذا أيضاً يعني أن السعودية في طليعة الأسواق العالمية في استخدام التقنيات، وتعزيز الابتكار، وتنظيم الممارسات المستدامة وتحديد الحلول المبتكرة، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية. هكذا تعمل المملكة على تحقيق هدفين رئيسين؛ التواصل والتعاون مع العالم، والحرص على مكانتها كمركز عالمي للابتكار والمال والأعمال. إضافة لما سبق، الإصلاحات والمشاريع الاستثمارية الجديدة التي تُنفذها السعودية تساهم في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية للقطاعات الجديدة. الدليل أنّ قطاع الفنون والترفيه سجل أعلى نمو سنوي في الاستثمار الأجنبي المباشر بالقطاعات الاقتصادية بالمملكة، وبنسبة 163.3% مرتفعاً من 645.08 مليون ريال في 2022 إلى 1.69 مليار ريال في 2023. طالما أن الحديث هنا عن القطاعات الجديدة، لا بدّ من توجيه التحية لهيئة تنمية صادرات المملكة لإطلاقها خدمة "استورد من السعودية" التي تهدف إلى ربط المستوردين الدوليين بالمصدرين السعوديين لتسهيل عملية الاستيراد وإيصال المنتجات الوطنية إلى أسواق عالمية جديدة. هذا الأسلوب الحديث، والمعترف به في الدول المتقدمة، يعمل على فتح آفاق جديدة للمنتجات السعودية غير النفطية، ويعزز وجودها في الأسواق العالمية. آخر الكلام. لا شك أن الرياض ماضية في تحديد الاتجاه الصحيح في تطبيق أفضل الممارسات المالية وتطوير الأعمال والشراكات. من التطورات الهامة الأخيرة في المملكة، حصولها على المراكز المتقدمة من منظمة الأمم المتحدة UN لعام 2024 لمؤشر الخدمات الرقمية، وفي مؤشر المشاركة الإلكترونية، وفي البيانات الحكومية المفتوحة، وكذلك في مجال المهارات التقنية.