عبدالعزيز الفضلي

تعرّض الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله - الملقب بإمام أهل السنة - إلى العديد من الابتلاءات في حياته، ولعل أشدّها وأقساها (فتنة خلق القرآن).

فالقول بخلق القرآن عقيدة تبنّاها المعتزلة وأقنعوا به الخليفة المأمون، فأمر الخليفة بأن يُدعى الناس إلى القول بخلق القرآن، ودعا العلماء إلى تبني القول نفسه، وهدّد من يعارض بالضرّب وقطع الرزق!

فاستجاب له معظم أهل زمانه - مُكرهين - إلا الإمام أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، فطلبهما وأقسم على قتلهما، فدعا الإمام أحمد، ربه أن يكفيه شره، فمات الخليفة قبل قتله للإمام أحمد.

ثم تولّى الخلافة بعده أخوه المعتصم، وقال بقول أخيه، وأمر بضرب الإمام أحمد وسجنه.

أتى بعض المشفقين إلى الإمام أحمد، وطلبوا منه أن يقول بخلق القرآن أو بالتورية وهو معذور عند الله، لكن الإمام رفض الأخذ بالرخصة لأنها ستكون فتنة للناس، لذلك آثر تحمل الأذى على القول بخلق القرآن، واستمر ثابتاً إلى أن تُوفي الخليفة المعتصم، ثم تولى الخلافة بعده المتوكل، فأطلق سراح الإمام أحمد، وأكرمه، ورفع المحنة عن الناس.

لو تأملنا حال إخواننا المقاومين والمجاهدين والمرابطين في غزة، لوجدنا بينهم وبين موقف الإمام أحمد أوجه شبه عدة.

فأهل غزة رفضوا الذل والخضوع، وهم موقنون بأنهم على الحق لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم.

ولم يلتفتوا لمن قدم لهم النصح إشفاقاً عليهم، بأن يلقوا السلاح، ويسيروا كبقية القطيع.

وهم ثابتون على موقفهم، ويتحملون العدوان المتكرر من جيش الاحتلال مع تغير الحكومات وتبدل الرؤساء، سواء في الكيان الصهيوني أو الداعمين له في أميركا وأوروبا.

أهل غزة هم النبراس والقدوة للشعوب الحرة، لذلك هم صامدون ثابتون، ولن يتزحزحوا عن موقفهم حتى يقضي الله بينهم وبين عدوهم.

متفائلون بأن الفرج قريب لإخواننا في غزة وفلسطين، وبأنّ الله تعالى سينصرهم على عدوهم، وسيردّد أهل غزة ومناصروهم ساعتها: (قُلْ جاءَ الحقُّ وزَهَقَ الباطِلُ إنّ الباطِلَ كانَ زَهوقا).

X: @abdulaziz2002