كان مساءُ أول من أمس في معرض الشارقة الدولي للكتاب لقاءً حميماً بين الشعر العربي والشعر اليوناني، وأجمل ما في اللقاء كانت البساطة وتلقائية الكلمات التي كانت تنقل من اليونانية إلى العربية أو العكس عن طريق المترجم د. خالد رؤوف التلقائي هو الآخر من دون تكلّف في اليونانية.. اللغة التي عاش بين أهلها، ونقل إلى العربية روايات مثل رواية «فناء المعجزات» للكاتب اليوناني «ياكوفوس كامبانيليس»، ونقل د. رؤوف من اليونانية إلى العربية أيضاً مجموعة قصص قصيرة للكاتب اليوناني «أنتونيسي ساماراكيس»، ولعلّها المرة الأولى التي ستقرأ فيها أدباً يونانياً لهذين الكاتبين اللذين نقلهما د. رؤوف إلى العربية، وقدّمت للكاتبين الناشطة الثقافية اليونانية السيدة سيسي باباثاناسيو، المشرفة على جناح اليونان في المعرض، والتي لا تكفّ عن الابتسام، ويشعّ وجهها بالطيبة وروح الصداقة.
مرة ثانية كان الشعر موسيقى ذلك المساء الذي أمضيته برفقة رائعة مع شعراء ومثقفين يونانيين عبّروا عن إعجابهم العميق بالمعرض وتنظيمه وحجمه الثقافي والدولي، وكان اسم الشارقة يتردد على ألسنة هؤلاء الضيوف الأعزّاء، بين أهلهم وأقرانهم مثقفي الإمارات.
قرأت نجوم الغانم، الشاعرة والرسامة السينمائية الإماراتية، عدداً من قصائدها المثقفة التي اشتغلت عليها بطريقة الهايكو، ولكن بروحها وبطريقتها العربية، وتراثها الثقافي العربي من دون استعارات أو مرجعيات يابانية حيث بلاد الهايكو.
كانت السيدة سيسي باباثاناسيو تنقل إلى اليونانية ما كانت تقرأه نجوم الغانم بالعربية، وأكثر من ذلك لقد ترجمت قصائد نجوم كلها إلى اليونانية، وكنت ألاحظ، وقد شهدت الأمسية، خلجات وحركات وجوه الجمهور اليوناني وهو يستمع إلى شعر عربي منقول إلى اليونانية.
لقد لاحظت أمراً آخر في هذه الأمسية الاستثنائية فعلاً، وهو أن القصيدة التي كانت تقرأها نجوم وهي مؤلفة من 10 أو 12 كلمة فقط، تحتاج إلى 20 أو 25 كلمة باليونانية، وقد سألت عن هذا الفرق الواضح تماماً بين اللغتين في القصيدة الواحدة: السبب هو الإيقاع، وشرح الصور ونقلها بأمانة شعرية مع صعوبة ترجمة الشعر، ومع ذلك، كانت لحظة قراءة بالغة الجمال مزجت بين روح الشعرية العربية، والشعرية اليونانية.
أصغيت إلى شاعرين يونانيين مهمّين، وقد جاءا إلى الشارقة بكل محمولهما الثقافي المتوسطي: الأول: أنتونيس سيكاثاس، والثاني: ثانيسي هاثوياولوس، وسنعرف هذين الشاعرين روحاً وإنسانية من خلال ترجمة د. خالد رؤوف، لكنه في هذه الحالة نقل لنا شعراً لهما لم يكن هو المقروء مباشرة في الأمسية، وهو موقف ثقافي صادق ويستحق الاحترام؛ ذلك أن الشعر لا يمكن ترجمته ترجمة فورية وكأنه خطاب سياسي أو اقتصادي وظيفي.
أمسية عربية يونانية تعلمت منها جمال الصداقة، وسحر الشعر، وضرورة الترجمة.
علينا أن نتعلم الشكر أيضاً:.. شكراً للكتاب والكتابة في معرض الشارقة الدولي للكتاب.
التعليقات