يقولون إن السر في نجاح أي ربة منزل في الطهي «النَفَس»، فتشعر وأنت تتذوق الطعام بأنها صنعته بحب وتفننت في «الخلطة» لتُسعد أهل بيتها وضيوفها، هذا ينطبق على صناعة العمل الدرامي، فإما أن يتفنن المخرج ويتذوق بكل حواسه كل تفصيلة فيه ليقدم وجبة متكاملة يعشقها كل من يتذوقها، وإما أن يشعر الجمهور بأن شيئاً ما ينقص هذه الوجبة. هناك مذاق مفقود وسحر منقوص، ولا يتوقف الأمر على المخرج فقط، بل هناك أيضاً «نفَس» المؤلف في كتابة النص وقدرته على تقديم كل ما يُشبع العقل ويفرح القلب.

تتوالى المسلسلات الطويلة والقصيرة والمتوسطة التي تعرضها الشاشات والمنصات، منها ما يمر وكأنه لم يكن موجوداً أصلاً، ومنها ما يترك بصمة ويثير فضول الجمهور فيتحدث عنه الجميع على السوشيال ميديا، ومنها ما يشعرك مع كل حلقة بأن هناك نكهة ناقصة، وحلقة ربط وشد مفقودة، ونستشهد هنا بالمسلسلين الجديدين «مطعم الحبايب» و«تيتا زوزو». من تأليف محمد عبد العزيز وإخراج شيرين عادل، قررت النجمة إسعاد يونس العودة إلى التلفزيون لتقديم مسلسل يتناسب مع سنّها والأجواء العائلية المحببة، «تيتا زوزو» والذي يضم حولها مجموعة من الممثلين المعروفين حالياً من جيلي الوسط والشباب، مثل ندى موسى ونور محمود وغيرهما، بجانب طبعاً الكبار محمود البزاوي وصلاح عبدالله، مسلسل توقعناه متميزاً كأغلب المسلسلات التي بتنا نشاهدها في السنوات الأخيرة، وتتناول مشاكل عائلية واجتماعية معاصرة، لكن متعة المشاهدة بقي ناقصاً والإحساس بأن الإيقاع بطيء يلازمنا طوال الوقت، رغم القضايا الواقعية في أغلبها التي يتناولها المسلسل، ولم تمنحها المخرجة شيرين عادل لمسة فنية تشد الجمهور وتبقينا مترقبين ومشغولين بما هو آتٍ من أحداث، وهذا البرود في الإيقاع لازمنا منذ الحلقة الأولى.

في المقابل يأتي «مطعم الحبايب» إخراج عصام عبد الحميد وتأليف ورشة سرد لمريم نعوم، مفعماً بالحيوية، متقناً من حيث المضمون والإخراج، باستثناء بعض الأخطاء في الصوت، حيث تعلو الموسيقى فتطغى على الصوت وبالكاد نفهم الحوار بين الممثلين، مسلسل يتضمن الكثير من عناصر القوة، ويستحق التوقف عنده لاحقاً ومطولاً. القصة وحدها لا تكفي، و«تيتا زوزو» يحتاج إلى ضبط الإيقاع وضبط بعض القصص التي تعيشها أسرة زوزو، خصوصاً أننا نشعر كثيراً بأن النص عبارة عن مجموعة أفكار وضعت في نقاط متفرقة، ولم يكتبها المؤلف محمد عبد العزيز بروح واحدة، فسقطت الروابط التي تجمع الحكايات، وجاءت بعض المشاهد وكأنها من حلقات منفصلة متصلة، مثل مشهد الذكاء الاصطناعي في بداية المسلسل وتعامله مع ضيفة الشرف دنيا ماهر، والتي لم تشكل أي إضافة إلى العمل، بل بدت مجرد حشو لا لزوم له، علماً أن شخصية الذكاء الاصطناعي بحد ذاتها مفتعلة وغير محببة.