خالد بن حمد المالك

أبلغ صورة، وأصدق تعبير للمقارنة بين عهدين، هي تلك المظاهرات السلمية الحاشدة التي تزيَّنت بها ميادين وشوارع المدن السورية في الجمعة الأولى بعد سقوط بشار الأسد ونظامه.

* *

حشود كبيرة ما كان ليُسمح لها بالظهور لو كان بشار الأسد لا يزال رئيساً لسوريا، فمثل هذا المشهد كان سوف يواجه بالحديد والنار، كونه يعترض على حكمه، ويرسل رسائل مضمونها ارحل.

* *

غير أن الحال الآن غيره مع حال نظام بوليسي دموي ومستبد، كان يقتل كل معارض، أو يزج به في غياهب السجون ليعذبه حتى الموت، كما رأينا في الأقبية المظلمة التي كان يتم فيها الرعب، والممارسات غير الإنسانية ضد المعارضين.

* *

في عهد بشار، وقبله في عهد والده حافظ الأسد، وعلى مدى أكثر من خمسين عاماً رأينا الأهوال، والقمع، والإمعان في قتل الأبرياء، للبقاء على كرسي الحكم بفعل الإرهاب، والممارسات غير الإنسانية.

* *

اليوم يخرج الشعب السوري، بلا خوف، أو محاسبة، ويعبِّر عن مكنون ما يراه ويختلج في صدره، دون أن يفكر بما سوف يلقاه من الجلاّدين، ومن القتلة الظلمة، وأعداء المواطنين.

* *

وبين الأمس واليوم قصص تُروى، وروايات تُحكى، ومشاهد تُبكي، وأحداث وجثامين، وكأننا أمام ما لا يُصدق، لولا أننا أمام حقائق دامغة، ومشاهد حقيقية، وصور لا تكذب، وروايات موثَّقة، وقصص تتحدث عن واقع.

* *

فماذا بعد عهد بشار، ما الذي سيفعله العهد الجديد لإنهاء الطغيان، وإعادة الابتسامة المفقودة للشعب السوري الشقيق، وكيف سيتعامل مع من يحتل أرضه من روسيا إلى أمريكا ومن تركيا إلى الميليشيات الموالية لإيران؟!

* *

ماذا عن العودة إلى الحضن العربي، وترك ولاء الدولة لغير العرب، وعن عودة سوريا دولة مدنية تتعامل مع كل الفئات السورية سواسية ودون تمييز، ومتى تكشف سوريا الجديدة عن توجهاتها وسياساتها داخلياً ومع الخارج حتى لا يطول الانتظار؟!

* *

هذه بعض الأسئلة التي تدور في أذهان السوريين وغير السوريين، فلا يزال العهد الجديد لا يتحدث، ولا يجيب عن الأسئلة، بينما هناك خوف لدى السوريين من الانقسامات والخلافات، والتدخل الأجنبي لإفساد هذا الإنجاز التاريخي الكبير.

* *

ثقتنا كبيرة بأن من أجبروا بشار الأسد وزبانيته على الهروب المذل، لن يقبلوا بأقل من ضمان وحدة وسيادة واستقلال سوريا، وأنهم أحرص ما يكونون على خدمة الشعب، وحماية حقوقه، وتلبية مطالبه، وتوفير الأمن والسلام لكل المواطنين.

* *

هناك تحديات، ومعوقات، ومؤامرات خارجية، ولكنها بعزيمة من أطاحوا بحكم دام أكثر من نصف قرن، رغم عنفه ودمويته، سيكونون في موقع المسؤولية القادرة على تحقيق أماني الشعب، وحماية مكتسباته، ومنع أي أضرار يمكن أن تمس مصالح الدولة والشعب.