عقل العقل

تعيش منطقة الخليج العربي هذه الأيام تظاهرة كروية شعبية تعودنا عليها منذ سبعينات القرن الماضي، تخبو هذه المسابقة في بعض دوراتها لأسباب متعددة ويقل الاهتمام بها، بل إن بعض الدول الخليجية تشارك بمنتخبات رديفة ورمزية في بعض دوراتها، ولكن ما يحسب للدول الخليجية هو المحافظة على هذه المسابقة الجامعة للأخوة الخليجية، ولا شك عندي أنها كانت من الأسباب الأساسية لتطور الكرة الخليجية وتقدمها في المحافل القارية والعالمية، أما على المستوى العربي فهذه المسابقة بقيت رغم كل الظروف مقارنة بالمسابقات العربية والإفريقية المماثلة لها.

الكويت الشقيقة تحتضن هذه الأيام خليجي 26 وهي نسخة يبدو أنها جاذبة للجميع في الجماهير الحاضرة في الملاعب هناك أو خلف الشاشات في الدول الخليجية، المستوى الفني للمباريات في تصاعد ومنافسة شرسة بين المنتخبات الخليجية ومنها المنتخب السعودي الذي بدأ مبارياته فيها بتعثّر أمام البحرين وفوز صعب على اليمن، أما مباراته الأخيرة أمام العراق فكانت قطعة فنية قدمها لاعبو الأخضر السعودي لما استشعروا المسؤولية الوطنية، وقدموا ملحمة كروية أمام الشقيق العراقي، للأسف بعض جماهيرنا تنظر للمنتخب السعودي الوطني بمنظار ضيق كله تعصب لناديه الذي يشجعه، فالفوز رمادي ولا طعم له إذا لم يشارك لاعبون من ناديه بغض النظر عن إمكانياتهم الفنية وإن شاركوا ولم يوفقوا واستبعدوا فالاتهامات جاهزة لمسؤولي المنتخب بأنهم يحابون هذا النادي أو ذاك. في مباراة المنتخب ضد العراق أعتقد أن أغلب التوقعات قبل المباراة كانت تذهب للعراق ولكن المنتخب السعودي تغلب على نفسه وقدم أجمل مبارياته فنياً وروحياً في حالة لم نشاهدها منذ زمان.

عودة الثقة لنجم المنتخب السعودي سالم الدوسري هي أحد المكاسب المهمة ورسالة للجماهير السعودية عامة أنه يجب علينا الابتعاد عن التعصب الرياضي عندما يلعب منتخبنا الوطني. لا أعرف كم الذين كانوا يتمنون أن يضيع سالم ضربة الجزاء، ولكنه أبدع فيها وفي صناعة الأهداف وقيادة المنتخب في المباراة وخاصة شوطها الثاني طبعاً هناك نجوم آخرون عانوا من التنمّر في الماضي وعلى رأسهم عبدالله الحمدان، الذي عليه الاستمرار على هذا المستوى والروح ولا يمكن أن ننسى ملحمة نوف بوشل دفاعاً وهجوماً في تلك المباراة. عموماً المنتخب كان يعلب بروح وقتالية مشهودة والملاحظة أن الدفاع السعودي وبخاصة البليهي وتمبكتي يحتاجون إلى تركيز أكثر في المباريات القادمة والتي أعتقد أن الأخضر السعودي سوف يلعب علي النهائي ومؤهل بقوة للفوز فيه سواء أمام الكويت أو البحرين.

الإعلام الخليجي الرياضي ومناطق الجماهير في العواصم الخليجية وخاصة في دولة الكويت لها رونقها الجاذب للبطولة وتعد إضافة جميلة لأجواء البطولة والتي تُقام في أجواء شتوية رائعة تساعد على الحضور الجماهيري والسفر والترحال للدولة المضيفة، بقي أن نتمني أن يعود الأخضر السعودي منتصراً وبطلاً لهذه البطولة، فنحن بحاجة لإنجاز وبطولة لمنتخبنا فقد مر أكثر من عقدين ونحن ننتظر.

التفاؤل جميل والفوز والخسارة هي ديدن اللعبة وعلينا التفهم التام لو خرج منتخبنا من البطولة إذا قدم ولعب بروح فكل الأمور يمكن التغاضي عنها.