مضى عام 2024 بكل ما فيه من سعادة ومرارة ومفاجآت. مضى وولى ويجب أن تمضي الأحقاد والبغضاء من قلوبنا معه، فلا خير في سنة جديدة وقلوبنا مليئة بكل تلك الأثقال، فالنسيان متعة، والمغفرة نعمة.
كتبت في عام 2024 ما يقارب الثلاثمئة مقال، أتعبتني كتابة بعضها، لكن وحدها التي أمتعتني كتابتها، كما تحب الأم الطفل الذي أتعبتها ولادته. كما رأيت تلك المتعة في نوعية وعدد من قرأ تلك المقالات. لا أتذكر الآن، ولا حينها أنني ندمت يوماً على ما كتبت، فقد كتبتها وفيها دائماً شيء مني، وأنا غالباً منسجم مع.. نفسي!
عام جديد قادم، وهو بالنسبة لي، بداهةً، سيكون الأكثر متعةً، لأنه الأكثر قيمة في حياتي حتى الآن، وسيفوقه أهمية ومتعة العام الذي سيليه، فهكذا يجب أن تكون عليه الأمور، فلم يتبق من «الزمن» إلا القليل وعليّ تقع مهمة جعله ممتعاً ومفرحاً، وهذا لا يمكن تحقيقه إن بقيت الأحقاد في قلوبنا، أو رفضنا نسيان إساءات الغير لنا، أو أضعنا لحظة اعتذار لمن تضرر من تصرف أو كلمة منا.
* * *
أتمنى الصحة لنفسي وأحبتي في العام الجديد، وأتمنى قبلها الازدهار لوطني، وأتمنى أكثر وأكثر ألا يطول انتظاري لأن أرى الوطن الذي طالما عرفته، وطن المحبة والسلام، وطن التسامح، كويت الليبرالية وتطبيق القانون على الجميع والعدل والأمان للكل، وطناً يعيش فيه المواطن والمقيم في مساواة تامة أمام القانون.
نريد أن نعيد مجد عباقرتنا ورموز فنوننا وقادة الفكر بيننا، الذين رحلوا، وتركوا فراغاً كبيراً وراءهم، وحدث كل ذلك بإرادتنا، بعد أن استبدلنا بهم ناشري السحر والنميمة وكره الآخر ورفض التطور والانفتاح، الذين فتحت حكوماتنا لهم أذرعتها، وأبواب مدارسها، ومدرجات مسارحها، وميكروفونات وسائل إعلامها، وأبعدت أصحاب الآراء والأصوات التي كان لها يوماً الفضل في رفعة الكويت، فناً ورياضة وعلماً وثقافة وأدباً ورقياً.
نريد عودة كويت البلابل والأناشيد، كويت الفن العريق، كويت الابتسامة للغريب، كويت التسامح، فشبرات المباركية، ومطاعم الأفنيوز، وكراسي الاستادات الرياضية كانت شاهدة، في الأيام القليلة التي مضت، مدى عطش الناس للفرح البريء، الذي سرى في قلوب الجميع، مواطنين وعرباً وأجانب، في عرس رياضي جميل لم يتطلب نجاحه غير فتح البلاد، وإسعاد العباد، وشيء من «غض النظر»، فلا شيء تغير، ولا بيوت خربت، ولا قلاع عفة انهارت، ولا أمن غاب، ولا أمان افتُقد.
لقد نجح اتحاد الكرة في تنظيم بطولة خليجي 26 لكرة القدم، ونريده أن ينجح ثانية، وأن تنجح الجهات الأخرى معه في إقامة مثل هذه المناسبات الجميلة، فهي تمثل مكسباً للجميع، Win Win Situation بتأثيراتها النفسية والاقتصادية الكبيرة، فقد سجلت أرقام زائري الكويت قفزات لم نعرفها منذ ما بعد التحرير، وانفتاحاً مع نسبة إشغال فندقية رائعة، أثرت إيجابياً في مجمل النشاط التجاري. وكالعادة، لم تخسر من إقامة المناسبة إلا غربان الظلام، غربان كراهية الآخر، ومعاداة كل جميل.
أحمد الصراف
التعليقات