" ان فيكم قوة لو فعلت لغيرت مجرى التاريخ"
ثقافتي الجامعية و دراستي للعلوم السياسية في العراق والولايات المتحدة أعطتني دافعاً للتطرق، وبكل تواضع، لما أود أن أراه يحدث للعراق من تقدم وديمقراطية ومساواة وسلام. والخطوة الاولى تبدأ بمعرفة تاريخنا الحقيقي بتجرد ونزاهة والخطوة الثانية تكون بالمحبة والتفاهم الإيجابي وعدم الولاء والتبعية لدولة. وأما الخطوة الثالثة فهي ان نتعاضد لما فيه خير المجتمع وخير الوطن... وعندما نحقق ذلك ننبذ السلاح وحماقة حاميله ويتحد المجتمع وينتصر الوطن. وكل ذلك يحدث عندما يتحول الانسان الفرد التابع الى إنسان مجتمع رائد مؤمن ومنذ الصغر بالنشيد الوطني المرتسم في عروقنا "موطني ".
صدقوني أننا نحتاج البغاة والطغاة والحمقى بيننا كي نتبين طريقهم وطريقنا " والله يُنزّل بقدر مايشاء....إنه بعباده خبير بصير " الشورى*. العقل بطبيعته الجينية قاصر عن معرفة الخالق الذي نهتدي إليه بالإيمان. ما اعظم الذين يؤمنون بي وبك ويحترمون حقوقنا كافراد في هذا الوطن، بعد كثرة حمقى الدين والسياسة، وما أجمل أن نحمل الصفة الأيمانية بالله ولا نفرق كما يفعل الحمقى من زناة الخلافة الأسلامية وتمييزهم للمسلمين حيث أطاحوا بأركان الأسلام بتطرف إرهابي دموي لامثيل له في التاريخ الأسلامي.
ما لانريده للعراق الهيمنة الشيعية، الهيمنة السنية، الهيمنة القومية، والهيمنة العشائرية وكل مادخل الى أرض الرفدين من التعالي المصطنع والتلوث الفكري الخارجي للقيم الشيطانية.... نريد للعراق الهيمنة والنضوج الوطني لحب أهل العراق والأرض.
ردود الفعل المنفعلة والأضطرابات التي سبّبها الصراع المذهبي والقومي ومؤشرات إعادة ومعاودة الحديث عن أخطائها، أبقت العراق العربي على ماهو، "حصاناً عاقراً تنبح عليه كلاب المنطقة وزناة الخلافة الأسلامية من كل صوب "، بل وأصبح " Boot Camp " لكل من يحمل السلاح للقتل والأبادة والتهجير.....وهو ما لانريده للعراق. وعملياً هناك تفاصيل نقدية عديدة، لما لايجب أن يأخذ مكانا في عقول الكل والبعض في مجتمعنا.
ان الاوان لوقف الصخب والتوتر ومبارزات الخطاب المثالي وأحزاب تصرخ عن الطرق المثلى لتحرير نينوى وأهلها وعشائرها ومكوناتها، ومظاهرات ساحات بغداد وإشاعة من يتوقع قتله والتبشير بموته ومشاركة أصحاب القنوات التلفزيونية فيها.
ضربات تعجيزية أو استعراضية وإدخال الأنف الخارجي في الشأن العراقي أمور ينبغي معرفتها وتجاوزها وهي ما لانريده للعراق ولأجياله الشابة. أين إلتزامنا بما أوصانا به الله " يا أيها الذين آمنوا، وإن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ألا تصيبوا قوماً بجهالة....فتصبحوا على مافعلتم نادمين " نعم. ما لانريده للعراق اليوم التأزم والتشرذم والأنقسام وإختلال موازين الفكر بين الطبقات الشعبية. وعلى الأصح، فقدان التوازن الأخلاقي السياسي والمذهبي والقومي والعشائري والذي تستأنس بإذاعته وتعميمه قنوات تلفزيونية حرة تؤجج الصراع بخبث وتُدخل مايحلو لها من مناقشات شذوذية الطابع والمغزى عن مستقبل العراق.
عدونا الاول هو الجهل وعدونا الثاني هو الجهل وعدونا الثالث الجهل أيضاً... فقد أخرجنا أنبياءنا بالوعد الأمين من ظلمات الجهل والوهم الى نور العلم والمعرفة والسلم والتحضر، وها هو الوطن ينتظر من جديد نهضة الفكر ويقضة الضمير. صراع عباد الله في الشكل والمحتوى لا يُبشّر بأي مستوى حضاري أو تقدم يفيد شعب العراق خاصة بإمكانات الدولة المتواضعة التي تحارب ببلادة في كل جبهة وكل ميدان. ومن الضروري معرفة ماتُقره وما تَرفضه الأديان وتبّين خلافات رعاة التفسير للكتب الدينية وأقوالهم الحمقاء على مدى التاريخ. وكشف ما يخصصه زناة داعش ومؤازريهم من وقت لمواصلة الحروب والصراعات الأقليمية بين الدول، وحاجةُ الرأي الأصح في صحة الأحاديث الدينية المخصصة للمتابعين ومايهمهم من شأنه. الدين الذي يقرر مصير البشرية بالصراع الأبدي لم يعد سارياً إلا بين المغفلين والمستفيدين والحمقى. والعنصر والقومية والمذهب لم يعد المنهج الساري لا في السياسة ولا في الدين الأيماني.
فلماذا لايسمعون مايريده الجيل الشاب، وكيف الخروج من فخ الأنقسام والتشرذم والتأزم الماثل أمامهم على الطريق؟
أثارت ثروات البلاد مطامع عدة طوائف مسلحة لاترتعي ولاتتعلم، وظلت لسنوات تتنافس على السلطة ورائحة الدم والموت تفوح في كل مدينة وقرية وكل محافظة شملها الخراب والدمار.
فما لاأريده ولا تريده لأطفال في عمر الزهور أن تضع الحكومة ايدهم على الزناد وتحثهم على القتال الزمني......اليقظة والحذر ومراقبة عناصر وفلول الأرهاب لا جدال فيه، ولكن دون وضع جيل من الشباب في ميدان الخطر بحجة مجابهة عناصر الأرهاب وتحمّيلهم ماليس في نطاق مسؤوليتهم العسكرية والأمنية أو السياسية. الكل يعلم سبب منافذ الأرهاب وفلول حملت وتحمل شريعة الله زيفاً، ومن كلفهم برفعها. وأمانينا وتطلعاتنا مختلفة عنهم وعن شيطانهم، فسبحانه تعالى أوضح لهم ( لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً). والله لا يخيب المساعي والنوايا الحسنة.
نقدي الشديد ينصب على القيادات العسكرية للحكومة الأتحادية التي تريد " أسلحة حديثة متطورة". والقيادات الشيعية والسنية وأحزابها الأسلامية المتعددة تريد " أسلحة حديثة متطورة "، والقيادات الكردية وأحزابها تريد " أسلحة حديثة متطورة ". وما أسخف طلبات القتل والدمار وإمتنان قادة السلطة لها وهم يشكرون الدول المتسابقة في إمداد السلاح وتوريده وإعتبارها دول صديقة حليفة. كيف تتوازن الأمور بالحاجة الحقيقية للسلاح والعتاد؟ كيف إستمرت وتغلبت هذه النعرة الشيطانية على روح المواطنة والمجتمع المدني الآمن وتدفقت الملايين من ميزانية العراق على مصروفات وإمدادات الاسلحة وعقودها لحروب لاحقة وصراع قادم والتشكر لله على مبدأ القتل والقتال بأسمه؟ ولا أريد أن أدخل في مواضيع العقود النفطية المزيفة وطرق تهريبه كي لا يتعقد الموضوع محلياً وإقليمياً ومن تحالف في السر والعلن مع المهربين والشركات المزيفة.
ما لا أريده للعراق مناهج التعليم التي تمتهن تدريس الشعارات الدينية في الجوامع ونشر روح الكراهية والعداء بين الديانات الأبراهيمية.
وأتفق تماماً مع ما قالت برلمانية مصرية منى منير، إن "مناهج التعليم الأزهري تحتوي على قنابل موقوتة، وتعد سبباً رئيسياً في تنامي ظاهرة التطرف والأرهاب، بما يستدعي إدخال تعديلات عليها". وتتهم السيدة منى منير، الأجهزة الأمنية بالتقصير في التحريات قبل وقوع تفجيري طنطا والإسكندرية، بعد أن جرى تفكيك قنبلة قبل يومين أمام كنيسة الإسكندرية.
السياسيون والمعمون والعلمانيون ورؤساء العشائر والهيئات الأسلامية الشيعية والسنية والكردية حلفوا اليمين على خدمة العراق ديمقراطياً و دستورياً....وجلسوا مع بعضهم لتسيير وإدارة شؤون الناس في بلد يمتلك كل مصادر التقدم. فما الذي حصل ومنذ عام 2003 الى اليوم؟ نعرف تماماً لماذا أطالوا اللعبة وكيف تكالبت احزاب مخربة على السلطة لنهب ماتستطيع من أموال العراق وتهريبها بوجود الحسيب والرقيب والنزيه والأيادي المشلولة أو المشاركة في السرقة؟
ستيوارت بوون المفتش الأمريكي العام لإعادة إعمار العراق كشف في تقرير قدمه الى الكونجرس الأمريكي، عن قيام متعاقدين عراقيين وأمريكيين بسرقات منذ عام 2004 فلاحقاً وكانت المطالبات العراقية لإعادة الأموال شكلية لإدارة الرئيس جورج بوش لإرجاع 17 بليون دولار أي في حدود (5. 10 إسترليني ) من واردات النفط المهربة المنهوبة. *
Former Special Inspector General for Iraq Reconstruction Stuart Bowen *
أموال العراق و الميزانية المسروقة التي يتحاشى مجلس النواب الكشف عنها ومتابعة شأن إرجاعها لإضطرابهم التوجهي السليم أو مناقشة خطة المصارف للارتقاء بالواقع المصرفي و تطبيق المعايير الدولية اللازمة لعملها. ونراها تتلاشى يوماً بعد آخر، بدليل أن الدولة ليس لها مشروع بالنسبة للعملة المحلية الجنونية ( الدينار)، حيث كان الدينار الواحد = 3 دولارات. ومالانريده للعراق هو القبول بجنون عمل العملة وضعف قيمتها، حيث يظهر أن الدرجات الخاصة بدرجة مدير عام وكراتب أولي عند استلام المنصب تم رفعه بالنسبة لحملة شهادة الدكتوراه حيث اصبح الراتب الاسمي مع المخصصات ( 3750000 ) دينار في حين كان الراتب السابق (3500000 ) دينار فقط. اما بالنسبة للمدراء العامين الذين لديهم خدمة خمس سنوات فاكثر والحاصلين على شهادة الدكتوراه فالراتب 1500000 علاوة ( 5 ) سنوات 5 * 83000 = 415000
لماذا يتحاشى مجلس النواب الوصول الى نتيجة رسمية بالنسبة الى:
المسؤولين عن تهريب النفط 2. تهريب العملة لعمولة مع شركات أجنبية 3. سرقة الخزينة. 4. عمولات شراء أسلحة وعتاد وأجهزة وملابس عسكرية.
لاأريد من يجلس برلمانياً ولايحث على العمل المنتج والمثمر، ومن لايحث الشباب على الدراسة وتنشق العلم والعلوم وتهيئة السبل لهم بدلاً من الحث على التظاهر والجلوس في الساحات العامة بلا عمل وتبنيهم مشاريع إنفاق لإتفاقات خارجية.
فقدان الثقة برعاة الدين وطوائفهم المذهبية البرلمانية والانحطاط الحضاري والانهيار الفكري والسياسة الغوغائية الغير عقلانية التي أتوا بها هي نغمة من نغمات التبعية والخذلان. وأصبح واضحاً بعد الحقبة الزمنية المظلمة التي رعتها أحزاب الخراب وتوقف الزمن عنها بلا حركة، وقوع الأنسان العراقي بين أدعياء العلوم الدينية من الوحوش الضارية وبين قلوب الرحمة النظيفة ونوايا الأديان السلمية. أنه مأزق زمني لايحله إلا الأنسان بنفسه وبتعليم مدرسي ثقافي مجتمعي يبدأ بأسهل الأسئلة ثمّ ما يليها من منطق واستنباط الفائدة بالعقل والدراسة والتمييز، لأن ماتقوم بدرسه أو تدريسه قد يعم بالفائدة على الجميع إنسانياً ومجتمعياً.
باحث وكاتب سياسي
التعليقات