لاتحتاج أكثر من إصبع طفل صغير كي يهدم نسيج بيت العنكبوت وتتلاشى خيوطه. هذا ماكان وهذا ماعليه حال العراق لعقود من الزمن. 

الى جانب الغرور والغطرسة السياسية وإدعاء تمثيل العراق وطنياً وإقليمياً ودولياً، لايتمتع أصحاب الشأن العراقي بعبئ المسؤولية، حتى أصبح الأصرار على الخطأ فضيلة. 

التوجهات القومية والمذهبية العراقية ظلت تغزل جسوراً من خيوط العنكبوت بلا توجه حقيقي وبتضليل رسمي إعلامي وأبواق خارجية تنفث سموم الشر، ورافقها مجموعة الأقتراحات والمفاوضات المطروحة التي ظلت تراوح في مكانها نظراً لضيق الطريق العشائري والقومي والمذهبي المُسيس للسياسة الجديدة - القديمة وكل أصبع يشير الى إتجاه، و لاتجد إجابة وافية ونزيهة عن توجههم الفعلي لإحلال الأمان والسلام في ربوع العراق. 
قامت قوى الأرهاب التي رحّبَ بها بعض أصحاب الشأن بتهديم الموصل على رؤوس أهلها وصفق لهم البعض وهدموا المساكن البيوت و الفنادق و المستشفيات وجامعة الموصل والمساجد والمعالم الحضارية وصفق لهم البعض ورحبوا بهم حين احتلت شرذمة مجرمة قليلة العدة والعدد الموصل منذ علم 2014. أضطرب قادة العراق حول السلوك الميداني ألأفضل والتصرف الصحيح لإزالة هذه الفئة، وتباهى بعضهم بتحريرها وهم قعود يصرحون للقنوات التلفزيونية بنغمة غير معروفة ميدانياً وغامضة عسكرياً على ضباط الحرب. وإستمرت الحالة على منوالها لأكثر من عام 2015 و 2016...الجانب الأيمن....لا الجانب الأيسر أولاً....حررنا الجانب الأيمن....وبدأنا بتحرير الجانب الأيسر!
غطرسة بعض قادة العراق وإداراتهم للبلاد لم تكن في مكانها وإعاقتهم للحلول واضحة. وتسابق بعضهم إعتباطاً بالأقوال بأن "الحمية من الرجال الأبطال يتسابقون لتطهير أرض الموصل بعد شهر أو شهرين أو سنة من إحتلالها ". 

وفي خطوات أثارت الهلع، تباهى أصحاب الشأن بالأسلحة الفتاكة المستوردة التي جاوز مبلغ شرائها 38 بليون د ولار أمريكي، وتباهوا بالفرق العسكرية المُشّكلة وأعدادها لدحض الأرهاب الخارجي، وكما قالوا بأنها داخلة بالالاف ضمن خطة التحرير. 

ولم تدقق البيانات والتصريحات العراقية الأعتباطية في كيفية تجنيب الأهالي من قصف الطيران والمدفعية. فالمعلوم جيدا ان اهل الموصل لم يغادروا بيوتهم واستتروا ومن تبقى منهم بسراديبهم التي لم تحميهم من بطش طيران الدولة و طيران التحالف ومجموعات المجرمين من شرذمة داعش مع أن عددهم لايتجاوز بضع الاف وكانت تجوب سياراتهم وعرباتهم المصفحة تجوب كل أنحاء محافظة نينوى بكل حرية كل منذ أكثر من سنتين. 

ورغم إعتماد العراق سياسياً على مقترحات خارجية أجنبية تنصحهم دبلوماسياً بعدم التشتت الفكري ودون تهديد بعضهم البعض بحجة التقسيم والأنفصال والنظر الى الخلف، ونصحهم بالتركيز على المستقبل وإستغلال الطاقات الشابة والموارد بشكل أفضل، فأن غالبية الأحزاب العراقية في السلطة لم تتصرف أزاء التهديد والخطر الماثل أمامها، تصرفاً ثابتاً ومازالت تتملك قياداتها روح القومية والمذهبية والتحالف المشبوه ودفعت الى الواجهة مصالح دول وأعلتها بالأفضلية على المصالح الوطنية. 

مازال مفتاح الاستقرار والسلام باليد. حيث سنحت الفرصة مرات ومرات للعراق للتأهل والإقدام، رغم تراكم الأخطاء الجسيمة وتكابر وتفاخر أصحاب الشأن بأنهم مؤهلين. لنتعلم من إسرائيل التي وحدت الشعب اليهودي، بينما أنتم تقتلون بعضكم. وحماية بيت العنكبوت هش ولن يدوم وفق طريقة اللا غالب واللا مغلوب. 
فمتى يكون في إستطاعتكم إحلال السلام في ربوع العراق دون تشريد أهله؟ 

كاتب وباحث سياسي