تجري الاستعدادات لعقد مؤتمر للسياسيين السّنة في بغداد خلال شهر تموز الجاري، ومابين المد والجزر أو الترغيب والتهديد الذي يحيط هذه الفعالية، فأن قطاعات سياسية من الشيعة والسنة والعديد من القوى السياسية والمراقبين الحياديين، يجدون في المؤتمر وتأسيس ائتلاف سني يقابل الإئتلاف الشيعي، تكريسا لمبدأ المحاصصة الطائفية التي أوصلت البلد الى التمزق والأنهيار والخوض في مستنقعات الفساد على كافة الأصعدة.

ماالهدف من هذا التشكيل تحت عنوان ائتلاف سني..؟
مهما بحثنا عن تبرير لتسويق وطني،فأن الحقيقة الماثلة تشير الى محاولة فرض الطبقة السياسية السنية المتواجدة في مفاصل الحكومة والبرلمان والعملية السياسية منذ ١٤ عاما، وجعلها المرجعية السياسية للسنة وعلى غرار التحالف الشيعي سيتشكل الائتلاف السني. برغم كونها تلقى المزيد من النقد والرفض والبعض يحملها مسؤولية ماوقع للمدن السنية من تهجير ودمار وفقر وانتهاكات متنوعة، بل ان قطاعات واسعة من الجمهور السني المنكوب بهذه الطبقة السياسية، صار يرى فيها صورة الشبح الذي يهدد حياتها ووجودها عبر صفقات تعقدها الشخصيات السنية مع الاطراف النافذة والمدعومة اقليميا لفرض مصالح هذه الاحزاب وافرادها، أو في التورط الصريح في التابعية للدول التي ترفع لواء الاسلام السياسي الطائفي.

ان مجموع الحراك الاجتماعي بصوره المحتجة او المعترضة على العملية السياسية يشير الى شعار رفض الفساد المتولد عن المحاصصة الطائفية، وان التطلعات الشعبية تتجه الى التركيز على المواطنة والدولة المدنية ومحاربة الطائفية كونها المسؤول الأول عن الخراب الوطني، ولأن الجمهور العراقي تخلى عن الطائفية السياسية وانتصر العراقيون في معركة تحرير الموصل بلا فواصل طائفية، فأن السعي لإعادة الحياة بجسد الطائفية وهو يحتضر، يؤكد ان هذه الطبقة السياسية ماعادت تنتمي لديناميكية الواقع المأساوي الذي تكبد خسائره الشعب العراقي بكل طوائفه بسبب سلوك السياسي الطائفي.
واذ تتردد الآن اسماء عدد من المشاركين في مؤتمر تموز السني، فأن المفارقة الأولى تشير لمشاركة العديد من النواب والوزراء والمسؤولين العراقيين السنة بهذا المؤتمر، مما يسقط عنه مشروعية المصالحة الوطنية خصوصا وان ابرز التيارات السياسية السنية المعارضة، لم تحضر المؤتمر أو لم تدع له.

أما المفارقة الأخرى فأن مؤتمر تموز لم يطرح برنامجا سياسيا مطروح للمناقشة بين الاوساط السياسية العراقية من مختلف اتجاهاتها.

كنت ولم أزل أشدد على أهمية قيام مؤتمر وطني شامل وبرعاية الأمم المتحدة وحضور دول الجوار النافذة في الداخل العراقي، تشترك فيه جميع الاحزاب والقوى السياسية، يتصدى للتجربة السياسية العراقية وابرز مشكلاتها وأزماتها واسباب ذلك، على ان تتم فيه تصفير الخلافات والاعتذار عن الاخطاء السابقة وصياغة برنامج وطني سياسي مشترك وملزم لجميع القوى السياسية، وان يتولى مجلس الأمن الدولي وضع ضوابط وعقوبات صارمة للدول التي تتدخل بالشأن العراقي..الخ.

لكن مايحدث في الفضاء السياسي العراقي هو اصرار الاحزاب السياسية على ابقاء لعبة الطائفية هي السائدة لأنها السبيل الأمثل للابقاء على الموافع الامتيازات والسلطة والنفوذ، رغم الخراب والكارثة التي تضرب بالوطن.

خلاصة القول ان هكذا مؤتمرات قوامها الطائفية السياسية مآلها الفشل، لأنها ستولد من افكار في واقع تجاوزها وصار يبحث عن خلاص من هذه الورطة التاريخية المسماة (طائفية)، لأنها جعلت من العراق وشعبه حطبا ً لصراع الدول ومطامحها واستراتيجيتها، والرأي هنا يشمل جميع العراقيين دون استثناء.

[email protected]