من حكمة الله "جلت قدرته وعلا شأنه" في تدبيره لهذا الكون ان يدخر للمنعطفات الخطيرة رجالا يعملون بكل ما أُوتوا من قوة وعزيمة لإرجاع البشرية الى جادة الصواب وينقذونها من الدمار والهلاك، وواقعة كربلاء هي أحد المنعطفات التي قلً نظيرها في التاريخ الإنساني فضلا عن التاريخ الإسلامي. والحسين واهل بيته وانصاره المخلصون والمؤمنون بمبادئه كانوا ذخيرة الله لإنقاذ دينه ورسالته من التحريف وأمة نبيه من الضلال والانحراف.
ومن الحتميات التاريخية ان للثورات الإصلاحية قادة متجددين يكملون مسيرة بعضهم بعضا، لذا احتاج الإسلام بعد الثورة الكبرى التي قام بها خاتم الأنبياء (ص) الى حركة تصحيحية أخرى لتصحيح المسار بعد ان انحرف الحكام عن نهجه القويم مع أفول الخلافة الراشدة، وافرغوه من مضامينه الجوهرية وحولوه الى هيكل مزركش بالقشور الدينية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. لهذا جاءت الحركة التصحيحية الحسينية بهدف التصدي لذلك الانحراف والظلم والاستئثار، فكانت حركة الحق ضد الباطل حيث جسد الامام الحسين (ع) واصحابه أسمي معاني التضحية والايثار والشهادة، فكانت حركته التصحيحية من اجل نصرة المظلومين وإرساء مبادئ العدالة في المجتمع وترسيخ معاني المواطنة الصالحة.
الامام الحسين (ع) واصحابه كانوا يمثلون الطليعة الواعية في عصرهم التي تعيش آلام المجتمع وآماله، وتقف على كل ما يهدد المسلمين وغير من المسلمين في سلوكهم وعقيدتهم وحياتهم المادية والمعنوية. كان كل فرد منهم يملك رؤية واضحة عن تحركه التصحيحي العادل، واثبتوا بمواقفهم شجاعة لا نظير لها، وكانوا على يقين بصدق الجهاد وعلم مسبق بالنتائج المرتقبة إبان خوض المعركة غير المتكافئة من حيث العدد والعدة. فهم على الحق، والشهادة من اجل الحق واجب شرعي واخلاقي، وما الشهادة إلا أصداء لأصوات الحقيقة العليا والرسالات العظمى.
في الحقيقة، لم تكن واقعة كربلاء مجرد حادثة تاريخية عابرة، بل هي حركة تصحيحية سياسية اجتماعية لها ابعادها الأخلاقية والفلسفية التي تضمنت مفاهيم وقيم إنسانية عالمية هي من أسباب تخليدها عبر العصور، وستبقى ما بقيت السماء والأرض، شعلة تنير طريق الثائرين من اجل الحرية والحق والعدل والمساواة، وكل المبادئ الإنسانية الخيرة، لأنها حركة تصحيحية من اجل الانسان في كل زمان ومكان.
قالوا في الامام الحسين (ع):
المفكر المسيحي انطوان بارا:
"لو كان الحسين منا لنشرنا له في كل أرض راية، ولأقمنا له في كل أرض منبرا، ولدعونا الناس إلى المسيحية باسم الحسين". وقال: "الإمام الحسين وعصبته القليلة المؤمنة عزموا على الكفاح حتى الموت، وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلت تتحدى إعجابنا وإكبارنا عبر القرون حتى يومنا هذا".
الكاتبة الإنكليزية فريا ستارك:
"ليس من الممكن لمن يزور هذه المدن المقدسة أن يستفيد كثيراً من زيارته ما لم يقف على شيء من هذه القصة، لأن مأساة الحسين تتغلغل في كل شيء حتى تصل إلى الأسس، وهي من القصص القليلة التي لا أستطيع قراءتها قط من دون أن ينتابني البكاء".
المفكر الانجليزي جورج برنارد شو:
"ما من رجل متنور إلا وعليه الوقوف وقفة اجلال واحترام لذلك الزعيم الفذ حفيد الإسلام، الذي وقف تلك الوقفة الشامخة أمام حفنة من الأقزام الذين روعوا واضطهدوا أبناء شعوبهم".
المستشرق الألماني ماربين:
"قدم الحسين للعالم درسا في التضحية والفداء من خلال التضحية بأعز الناس لديه ومن خلال إثبات مظلوميته وأحقيته، وأدخل الإسلام والمسلمين إلى سجل التاريخ ورفع صيتهما. لقد اثبت هذا الجندي الباسل في العالم الإسلامي لجميع البشر ان الظلم والجور لا دوام له. وان صرح الظلم مهما بدا راسخاً وهائلاً في الظاهر الا انه لايعدو ان يكون امام الحق والحقيقة الا كريشة في مهب الريح."
الكاتب الإنجليزي كارلس السير برسي سايكوس ديكنز:
"إن كان الإمام الحسين قد حارب من أجل أهداف دنيوية، فإنني لا أدرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية والأطفال؟ إذن فالعقل يحكم أنه ضحى فقط لأجل الإسلام". واضاف: "الإمام الحسين وعصبته القليلة المؤمنة عزموا على الكفاح حتى الموت وقاتلوا ببطولة وبسالة ظلت تتحدى اعجابنا وإكبارنا عبر القرون حتى يومنا هذا."
الشاعر الإنجليزي شيلي تون:
"الحسين ليس ملكا لأحد بل انه ملك للجميع، لأن أفكاره السديدة قد اخذ منها كل من يريد ان يكون رمزا لشعبه وأمته."
الأديب الألماني يوهان فولفجانج فون جوته:
"إن مأساة الحسين هي مأساة للضمير الإنساني كله، وإن الحسين جسد الضمير الإنساني بدفاعه عن القيم والمثل الإنسانية الرفيعة".
المستشرق الأمريكي غوستاف غرونيبام:
"لقد أثَّرت الصورة المحزنة لمقتل الإمام الحسين، الرجل النبيل الشجاع في المسلمين، تأثيراً لم تبلغه أية شخصية مسلمة أخرى".
المستشرق الإنجليزي ادوارد بروان:
"وهل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟ وحتى غير المسلمين لا يسعهم إنكار طهارة الروح التي وقعت هذه المعركة في ظلها."
الزعيم الصيني ماوتسي تونغ إذ يقول متعجبا:
"عندكم تجربة ثورية وإنسانية فذة قائدها الحسين، وتأتون إلينا لتأخذوا التجارب."
التعليقات