مهما على شأنها او قل في النهاية الكتابة سياسة، اية كتابة هي سياسة، خاصة في بلد حوله العالم الى ساحة حروب متعددة الرؤوس والمصالح. لان الرواة سياسيون والشعراء ومنتجي الثقافة سياسيون أيضا، فمابالك بكتاب المواد السياسية. 

الثورة السورية فتحت المجال، في سوق التداول اللفظي: تقول كردي يعني بات قولا سياسيا بامتياز. اقله في المجال السوري العام. كردي يعني ليس عربيا، ولن يكون. يعني ليس إسلاميا ولن يكون، يعني ليس شيوعيا سوريا ولن يكون. لن يكون حتى يشعر ان له دولة. سواء كانت مستقلة، او متعددة القوميات، وتضمن حقوقه في ظلها. بعدها يمكننا الحديث عن سوري يتكلم الكردية وسوري يتكلم اللسريانية وسوري يتكلم العربية. او كردي سوري كعربي سوري كاشوري سوري. النخب" الثورية"السورية تشتكي انه لايوجد عندنا دولة بل عصابة اسدية حاكمة. هذه الشكوى صحيحة تماما. لكن الا تفترض هذه الرؤية ان الكردي يعيش غياب هذه الدولة بشكل مزدوج؟ اذا كان العربي يعاني من غياب الدولة، التي يتحدث فيها بلغته،هذا بحد ذاته إحساسا، بالتفوق على الكردي، لان الكردي مجبر على التحدث بلغة العربي. اذا كانت هذه" الدولة" لم تعطي هذا العربي ابسط حقوقه الإنسانية، فكيف سيكون وضع الكردي واحساسه اذا؟ يقول الصديق ماجد كيالي"المعضلة في البلدان العربية، أو استعصاء التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فيها، نابع من داخلها أساسًا، من الافتقاد للدولة، بما هي دولة مؤسسات وقانون،وتاليًا من الافتقاد للمواطنة، أي للمكانة الحقوقية والسياسية لمواطنين أحرار ومتساوين. والمعنى أن الأنظمة التسلطية، أو الاستبدادية، في النظم الملكية أو الجمهورية، التي عوّقت قيامة الدولة، ومنعت تشكّل مجتمع المواطنين (إذ مشكلتنا ما زالت قبل الديمقراطية)، هي بالذات سبب تأخّر العالم العربي." ما يقوله الصديق ماجد صحيح، لكنه محمي بقوة من قبل قوى خارجية مسيطرة، أمريكا على رأسها.
الكردية تماما كالمسألة الطائفية، يجب ان تلاحظ المظلوم لا الظالم فقط. نفي الكردية تماما كنفي الطائفية فيصبح الامر كما كتب الصديق ماهر شرف الدين ساخرا بمرارة"
ليست طائفية أن يكون الطاقم الأمني الحاكم في سوريا من طائفة معيّنة... بل الطائفية أن تنتبه أنت إلى ذلك!
ليست طائفية أن يكون جميع من يحتلّ منصب "ضابط أمن" في قطعات الجيش من طائفة معيّنة... بل الطائفية أن تستفسر أنت عن سبب ذلك!
ليست طائفية أن تكون مؤسّسات الدولة من المدير إلى الآذن بيد طائفة معيّنة... بل الطائفية أن تتساءل أنت عن ذلك!
ليست طائفية أن تكون حتى مادة المتّة في كل سوريا محتكرة من قبل شقيقين يتنميان إلى طائفة معينة... بل الطائفية أن تتعجّب أنت من ذلك!
الطائفية هي أن تنتبه وتستفسر وتتساءل... أما الوطنية فهي أن تخرس وتقبل وتقرقع متّة من فم ساكت!" 
صحيح ما كتبه ماهر فيه سخرية مبالغ فيها قليلا، لكن نكرانها أيضا جريمة. 
هل مطلوب من الكردي الا يتسائل؟
هل مطلوب من الكردي ان يكون صلاح الدين الايوبي؟ اذا كان مطلوبا منه ان يكون صلاح الدين الايوبي، اعطوه إمكانية ان يصل للحكم!! 

اذا كان في هذا يتقاطع مع السوري المحروم من السياسة ومن ابسط حقوقه، فمابالناان وجع الكردي يزيد عن ذلك بكثير، لا يستطيع التحدث بلغته ولا يشعر بكينونته البني آدمية في الحيز السياسي الحقوقي حتى الشكلي منه، اقصد دستور وقوانين الاسدية. 

خطأ بعض النخب الكردية، انها اعتقدت بإمكانية تخليص حقوقها، بعيدا عن السوريين. 

هذا ما زاد في الشرخ الذي يكمن أساسه في غياب دولة القانون والمواطنة. 

على نخبالثورة ان تعرف الكردي في حق تقرير مصيره. بعدها يمكننا الحديث عن اية سياسة أخرى. لأننا يجب ان نكون كذلك، إذا اردنا حق تقرير المصير للشعوب العربية المحتلة من أنظمتها الفاسدة والديكتاتورية برعاية الأمم المتحدة الامريكية. نتيجة لما سبق، استطاع كرد تركيا بمساعدة الاسد، ونسبيا كرد العراق الاستيلاء على المشهد الكردي السوري.

 اكراد سورية يدفعون الثمن من جهة ومعهم النسيج السوري، وأكثرية نخبهم للاسف دبيكة كدبيكةالاسد واردوغان ودبيكة الانتي اردوغان البقية، والنسيج السوري نحو مزيد من التهتك. وقسم من نخبنا" الثورية"تريدك نسخة عنها، ولا تريد ان ترى ان هنالك وجعا كرديا مزمنا على الاقل في سورية، كي تجد طريقة ما للتعامل معه. أيضا تتحمل المعارضة السورية جزءا مهما من هذا الامر، لانها لم تتعامل مع القضية الكردية من منطق وجودي، بل من منطق سياسوي ضيق.

 مثال الاخوان المسلمين يرون كل العالم مسلمين. ينقصهم دعوتهم. يعيشون فصاما جديدا اردوغانيا. مع اردوغان كزعيم إسلامي، ولا يتبنون ان يكونوا حزبا لكل السوريين، تماما كحزب العدالة والتنمية،الذي يعيش خطر النزوع الديكتاتوري لاردوغان. لهذا هم وقفوا مع اردوغان في اعتدائه على عفرين. 

أيضا سؤال في الخاتمة، ماذا حقق الأسد والعلاقة معه من قبل البي كي كي، للقضية الكردية في تركيا او في سورية؟هاهو باع عفرين كما باع اوجلان سابقا. 
الكردي ليس جزء من سورية، يكون جزء عندما يكون مثلك في كل شيء.