اسفرت نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي اجريت في 24 حزيرن الحالي عن فوز ساحق للاسلام السياسي وازدياد النعرة القومية العنصرية.
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحزبه اي حزب العدالة والتنمية ركز في دعايته الانتخابية على العداء لامريكا والغرب الاوربي.
عداء اردوغان لامريكا واحتقاره السافر للغرب الاوروبي اثناء الدعاية الانتخابية دون هوادة تجاوز كل الحدود و كان من اهم العوامل التي جلبت الاصوات الانتخابية للاسلام السياسي و الحركات القومية الشوفينية التي حصلت على اعلى النسب في تاريخها الانتخابي.
اردوغان ذكر الغرب باستمرار بالحروب الصليبية.
الاكثرية الساحقة من الشعب التركي يكره امريكا والغرب حسب عدة استطلاعات للرأي اجريت في السنوات السابقة.
هل يكمن سبب نفور الشعب التركي لامريكا والغرب في الدعم اللامحدود الذي قدمه الغرب للكماليزم والعلمانية المتوحشة على مدى ما يقرب من مئة عام ؟
اعرب 75 بالمئة من الاتراك انهم يشعرون بالكراهية ضد امريكا وذلك في عدة استطلاعات للرأي في السنوات السابقة ونشرتها الصحافة التركية والامريكية حينها.
في الحقيقة نفس استطلاعات الرأي اظهرت ان آراء الاتراك هي سلبية اتجاه روسيا ايضا وبنفس النسبة اي 73 بالمئة وبنسبة اقل اتجاه الصين وبدرجة 68 بالمئة.
يمكن فهم كراهية الاتراك لروسيا وذلك بسبب الحروب الدامية بين الروس المسيحيين والاتراك المسلمين لمئات السنين.
النتيجة هنا هو ان الشعب التركي العادي والبسيط متعلق بالاسلام اكثر من اية ايديولجية اخرى.
المثير للاستغراب هو ان امريكا والغرب احتضنوا تركيا كحليف في حلف الناتو منذ خمسينات القرن الماضي واغدقوا عليها المعونات بالاضافة الى تسليحها بأحدث ما كان ينتجه الغرب من الاسلحة.
امريكا هي التي ضغطت على الاتحاد الاوروبي لقبول تركيا كعضو مرشح للانضمام الى الاتحاد الاوربي.
اردوغان عرف تعلق شعبه بالاسلام وعمل بحرفية عالية للاستفادة منها وهو الآن يحضر للانتقال الى الشرق اي روسيا والصين وبعض النمور الآسيوية لتشكيل قوة منافسة للغرب وداعمة للاسلام بشرط ان يكون العالم الاسلامي ضمن منطقة النفوذ او الزعامة التركية وبالتحديد زعامة اردوغان والعمل لحصول تركيا على العضوية الدائمة في مجلس الامن.
حزب الشعب الجمهوري تعرض لهزيمة منكرة قبل ايام وهي الهزيمة التاسعة لهذا الحزب منذ عام 2010 اي في غضون ثمانية اعوام.
حزب الشعب الجمهوري انهزم دائما امام الاحزاب الاخرى ولم يحقق هذا الحزب اية نجاحات منذ 1950 حتى اليوم. فشل الحزب الدائمي دفعه الى التدثر بالعباءة اليسارية والاشتراكية وادعى الانتقال الى ما يسمى بيسار الوسط و الاشتراكية مند منتصف ستينات القرن الماضي ولكن دون جدوى.
الحزب لايزال يسير على نهج مؤسسه اتاتورك ويسمى الكماليزم وهي تعني العلمانية والتغرب و النعرة القومية الطورانية والدولة السرية.
المسلمون المتدينون البسطاء تعرضوا الى اسوأ صنوف الظلم والاحتقار والتهميش على يد هذا الحزب وايديولوجيته الكماليزم منذ تأسيس الجمهورية عام 1923 حتى وصول اردوغان وحزبه الى السلطة عام 2002.
هذا الحزب الغى حتى الآذان بالعربية وبدلها الى اللغة التركية في السابق تحقيقا للعلمانية المزعومة.
الغالبية العظمى من العلويين ينتمون الى هذا الحزب بسبب انه اطاح بالنظام السلطاني العثماني السني على يد مؤسسه اتاتورك الذي جاء بالعلمانية وطبقها بقساوة و انقذهم من الاضطهاد العثماني السني.
لولا الاصوات العلوية لكان هذا الحزب قد انقرض و اندثر منذ عقود طويلة.
لقد آن الاوان لحل هذا الحزب المليء بالتناقضات والذي ينحدر الى الهاوية والاضمحلال يوما بعد آخر.
تركيا مقبلة على تبدلات جذرية واولها التحول الكامل الى الاسلام السياسي واعادة الروح الى السلطنة العثمانية ولكن تحت مسميات وكيانات تتلاءم مع العصر.
التعليقات