القدس: بعد عام على رحيل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات لا تزال اسباب موته لغزا محيرا في ظل اقتناع العديد من المسؤولين الفلسطينيين بانه قضى مسموما.وكان الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني رحل في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 عن 75 عاما في احد المستشفيات الفرنسية بعدما امضى فيه اسبوعين، وبعيد نقله الى فرنسا دخل غيبوبة ولم تخضع جثته لاي تشريح.

وشكك الفلسطينيون في امكان قيام اسرائيل بتسميم عرفات بالنظر الى التهديدات العديدة بالقتل التي سبق ان تعرض لها، فسارعوا الى تشكيل لجنة وزارية قدمت في 12 تشرين الاول/اكتوبر تقريرا لم تحدد فيها اسباب الوفاة.وقال انذاك رئيس الوزراء الفلسطيني احمد قريع ان "الاطباء الفرنسيين والفلسطينيين خلصوا الى ان الطب لم يتمكن من معالجة الالام التي يعانيها الرئيس".

وكان ابن شقيق عرفات وزير الخارجية الحالي ناصر القدوة اكد في 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2004 انه تلقى نسخة من التقرير الطبي الفرنسي تشير الى ان الفحوص التي خضع لها عمه لم تبين اي اثر لتسمم، من دون ان يستبعد هذه الفرضية.وقال التقرير ان الوفاة ناتجة من نزف دماغي اثر التهاب، لكنه لم يحدد اسباب ذلك.

غير ان مسؤولين فلسطينيين لا يزالون يصرون على فرضية التسمم، وفي هذا الاطار اكد رئيس حركة فتح فاروق القدومي في 12 تموز/يوليو ان عرفات قضى مسموما.واضاف "استطيع التاكيد في شكل جازم ان ابو عمار مات مسموما وقد وضع السم في الطعام والادوية" التي كانت تقدم اليه.

بدوره، لم يستبعد الطبيب مصطفى البرغوثي الذي خاض معركة الرئاسة الفلسطينية وحل ثانيا بعد الرئيس محمود عباس، فرضية التسمم.وقال لوكالة فرانس برس "لم تقدم اي تفسيرات حول مرضه (عرفات) سواء كان ناتجا من التهاب او بكتيريا او مرض في الدم (...) كما ان الاعراض مماثلة لحالات التسمم مما يجعلنا نعتقد ان ثمة احتمالا كبيرا لحدوث التسمم".

والبرغوثي مقتنع بان الاطباء لم يجروا فحوصا كاملة للتاكد من واقعة التسمم وبان عرفات قد يكون سمم بمادة نادرة ومجهولة.واوضح ان "بعض الدول مثل اسرائيل يمكنها الحصول على انواع غير معروفة وشديدة الفاعلية من السموم"، مشيرا الى محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية حماس خالد مشعل.

وكان مشعل تعرض عام 1997 في عمان لمحاولة تسميمه على يد الاستخبارات الاسرائيلية (الموساد)، ولكن هوية منفذي العملية تم كشفها واضطرت اسرائيل الى تامين الترياق الذي انقذ حياة مشعل.وكان يمكن كشف لغز وفاة الزعيم الفلسطيني لو اخضعت جثته لتشريح، لكن زوجة عرفات سهى عرفات رفضت السماح بذلك.

وسال البرغوثي باسف "لماذا لم يتم تشريح الجثة؟ كان ذلك خطا كبيرا، ما هي السبل لكشف هذا اللغز؟ الناس يحق لهم ان يعرفوا ماذا حصل بالضبط".وشكلت مجموعة من النواب الفلسطينيين لجنة جديدة في محاولة لحل اللغز، وقال النائب عبد الجواد صالح الذي يتراس هذه اللجنة لوكالة فرانس برس "سندرس خصوصا اسباب احجام اللجنة الوزارية عن طلب اجراء تشريح" واضاف "هدفنا درس الاسباب الحقيقية لموت الرئيس عرفات واعلانها للناس، وسنطلب عند الضرورة نبش الجثة واخضاعها للتشريح".