بهية مارديني من دمشق: تراوحت ردود الفعل الشعبية في سورية على زيارة رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة التي اختتمت أمس إلى دمشق بين الرضا والدعوات لعودة العلاقات كما كانت دون الأخذ بالسجالات التي اندلعت مؤخرا بين الطرفين و بين المطالبة بالتصعيد وفرض ضرائب على حركة المرور الحدودية بين البلدين .

ورغم أن موضوع أزمة الشاحنات بين البلدين كان الضربة الموجعة في العلاقات بين سورية ولبنان إلا أنها لم تكن الوحيدة وسبقها الكثير مما ظهر وبَطن ، ولكن اذا كان من ميزة لهذه الازمة التي نشبت على عدد من الملفات فانها نبهت الطرفين الى ان أية قطيعة بينهما سوف تنتج مزيدا من الخسائر للطرفين ولن يكون الامر بمعزل عن التداعيات الدولية التي تمهد لجر مزيد من التجاذبات الاقليمية والدولية وبالتالي امكانية تجدد الصراع الذي لم ينسه الطرفان بعد . فالحدود المقفلة في المصنع وجديدة يابوس والدبوسية والعريضة انتجت مايمكن مقارنته بالطوابير المتجمعة في مناطق النزاعات والحروب ولكن في الحالة السورية اللبنانية لحسن الحظ كانت حربا باردة والمؤشرات تدل على انها حربا قصيرة . وفي الردود السورية الشعبية على الاحداث الاخيرة الكثير من التباينات في الاراء فالبعض يعتبره صراع متعلق بالانظمة ، والبعض يعتبره ظهور النار بعد ان كانت تحت الرماد .

واعتبر مواطن سوري " في مقهى الروضة " ان السنيورة مثله مثل معظم اللبنانيين عدا جماعة حزب الله لاينفع معهم الا العين الحمرا "ولكن زميله الذي كان جالسا معه ويدخنا النرجيلة اعترض على هذا الكلام "السوقي " وقال ان لبنان وسورية واحد وان كل مايحدث بينهما "عيب وحرام لان فيه مصلحة لاسرائيل واميركا ". وعن الموقف من زيارة السنيورة قال صاحب مكتبة في حي الشعلان التجاري "العبرة بالتطبيق فليتكلموا حتى الصباح عن العلاقات الاخوية والتعاون المشترك فلن نصدق شيئا حتى نرى ان الامور عادت الى طبيعتها ". ولكن طلاب الجامعة الذين كانوا يتفقدون نتائج امتحاناتهم في كلية الحقوق بجامعة دمشق يبدو ان معظمهم مأخوذون بقضية التنمر السوري على لبنان وتحدث بعضهم عن ضرورة بناء جدار بين سورية ولبنان "حتى يعرفوا ان الله حق ".

فيما قال اخر ان اللبنانيين يضطهدون السوريين منذ خمسين سنة رغم ان لبنان امتداد لسورية وسورية امتداد للبنان الا انهم يتعاملون معنا بفوقية شديدة.
وكان كلام زميل لهما موضع استهجان عندما تحدث عن ضرورة فتح الحدود وعودة الامور الى نصابها لان في ذلك مصلحة لسورية قبل لبنان لان كل العمال السوريين يسافرون الى هناك ويجدون فرصة عمل فيما البطالة متفشية في البلاد . السوري عصام من المانيا كتب في احد مواقع الانترنت السورية تعليقا على خبر زيارة السنيورة "ياعمي مابيحبونا سكروا الحدود وريحونا وخلوهن يتعاملوا مع اسرائيل ماهنه بدهن عون وجعجع، سكروا كل المداخل مع لبنان". الدكتور بسام قال "أرجو أن لايستمع دكتور بشار للغوغاء من الشباب السوريين فاستمرار ازمة الشاحنات قد ينتهي باصدار قرار لمجلس الامن وعندها سنحل الموضوع بال..... كما خرجنا من لبنان..لايجوز استغلال قوة الجغرافيا والا ستحكمنا شريعة الغاب..اطالب بفرض ضرائب على الشاحنات ".

احد السوريين كتب تحت اسم مستعار "يجب أن يفهم القاصي والداني أن الشعب العربي في سورية ولبنان شعب واحد مهما حاولت هذه الطبقة السياسية الفاسدة في لبنان زرع بذور الفتنة بيننا......... ". ثم قال أعتقد أن الخلاف الحقيقي بين لبنان( الطبقة السياسية ) وسورية هو خلاف حول الهوية فالطبقة السياسية الفاسدة في لبنان تريد نزع الطابع العربي للبنان ليحل محله الطابع الغربي المتمثل في فرنسا وامريكاهذه هي الحقيقة التي لايجرؤ المسؤولون اللبنانيون على قولها. وضمن التعليقات الكثيرة اعتبر احد السوريين ان زيارة الرئيس السنيورة تاتي "لجس النبض وليس لحل المشاكل ويبدو أنه يأمل بالحصول على تنازلات سورية بناء على تعليمات امريكية فرنسية بواسطة الحريري الصغير ولذلك أتى منفردا بدون تقنيين او وزراء مختصين، نأمل من القيادة السورية عدم تقديم التنازلات (قدر المستطاع)" .

وكانت زيارة السنيورة التي اتت وسط عاصفة من الخلافات يمر بها البلدان وتهديدات دولية اوروبية واميركية على وجه الخصوص ضد سورية لرفع ما وصف بالحصار على لبنان ولكن يبدو ان الزيارة نجحت في تبريد الاجواء وتنفيس الاحتقان "ظاهره على الاقل ". وكان السنيورة التقى في دمشق الرئيس السوري بشار الاسد ورئيس الوزراء ناجي عطري وبحث معهما الملفات العالقة وصدر في ختام الزيارة بيان مشترك شدد فيه الطرفان على "التزامهما العمل على بناء علاقات سورية لبنانية قائمة على الاحترام المتبادل والابتعاد عن كل ما من شأنه المساس بهذه العلاقات المميزة بقوتها وعمقها وتغليب المصالح المشتركة على أي اعتبار آخر".

كما رحب الجانب السوري بما جاء في البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة بخصوص التزامها بأن لبنان لن يكون ممرا أو مستقرا لأي تنظيم أو قوة أو دولة تستهدف المساس بأمنه أو أمن سورية تأكيدا لمبدأ أن أمن لبنان من أمن سورية . كما تطرق الجانبان إلى أهمية التنسيق بين البلدين في القضايا السياسية لاسيما الموقف من الصراع العربي الإسرائيلي انطلاقا من قناعتهما بأن عدم الاستقرار في المنطقة يعود إلى استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والتنكر لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة بما فيها حقه في العودة كما أكدا على تفعيل مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت عام 2002 وأكدتها قمتا تونس والجزائر.