اسامة العيسة من القدس: اكسب مرض ارييل شارون الخطير، مستشفى هداسا شهرة quot;سياسيةquot; بالإضافة إلى شهرته الطبية، كأحد افضل المستشفيات في الشرق الأوسط. واتجهت أنظار وسائل الأعلام إلى هذا المستشفى، بعد نقل شارون إليه، قبل ثلاثة أسابيع، عندما دهمته جلطة دماغية وصفت بالخفيفة، في أثناء عودته من مكتبه بمدينة القدس، إلى مزرعته في الجنوب.
وبسرعة تحولت ساحة المستشفى الرئيسية إلى ما يشبه المركز الصحافي الكبير، بوصول ممثلي وسائل الأعلام المعتمدين في إسرائيل إلى هناك لمتابعة الحالة الصحية لشارون، الذي ادخل إلى غرفة العناية المركزة في القسم المخصص لكبار الشخصيات.
ورغم التعتيم الإعلامي، الذي مارسته إدارة المستشفى، إلا أن الصحافيين تمكنوا من نقل صورة صحيحة عما يحدث إلى حد كبير، واظهر المتحدثون باسم المستشفى، خلال أزمة شارون الأولي، إرباكا في التعامل مع وسائل الأعلام، سرعان ما تجاوزوه.
واتهم أطباء المستشفى بأنه تصرفوا بشكل quot;سياسيquot; عندما سمحوا لشارون بمغادرة المستشفى بعد يومين، في حين انه وفي مثل حالته كان يجب ان يخضع لأيام أخرى تحت المراقبة، وان يمضي على الأقل ثلاثة أسابيع في نقاهة، خصوصا وان أطباء متخصصين قالوا بان الجلطة التي أصابت شارون ربما تكون فاتحة لمزيد من الجلطات.
ولكن شارون خرج مسرعا إلى حزبه الجديد وتراس اجتماعا لمجلس الوزراء، واظهر للعالم بأنه قوي، وكان يستعد للدخول مرة أخرى لنفس المستشفى يوم الخميس 5 كانون الثاني (يناير) الجاري، لإجراء عملية قسطرة، ويمكث فيه حتى يوم الجمعة التالي، ليخرج إلى مزرعته، ولكن ما حدث هو أن جلطة اكثر حدة دهمته في مزرعته، وبدلا من نقله إلى مستشفى سوروكا القريب في مدينة بئر السبع، تصرف مرافقو شارون بطريقة مربكة، فنقلوه إلى مستشفى هداسا، بسيارة إسعاف، واستغرق ذلك نحو ساعة ونصف، يعتقد أنها كانت حاسمة في حالته الصحية.
وهذه المرة ظهر المتحدثون باسم مستشفى هداسا اكثر احترافا وشفافية في التعامل مع حالة شارون، واصبح وجه مدير عام المستشفى البروفيسور شلومو مور يوسف، مألوفا للعالم الذي يتابع حالة شارون، بينما اصبح أي ظهور له في ساحة المستشفى يحمل بشرى للصحافيين الذين لا يبرحون مكانهم رغم الأحوال الجوية الصعبة، كي يتزودوا بالمعلومات، مهما كانت طبيعتها لنقلها إلى وسائل إعلامهم.
ويدرك يوسف حساسية تعامله مع وسائل الأعلام، ويرى أن مهمته ليست سهلة، لذا فهو لا يخوض في مسائل سياسية، ويقدم ما يعرفه فقط من معلومات متجنبا قدر الإمكان التعليق عليه، رغم صعوبة مهمته وتعامله مع جمهور واسع، يسمع لاول مرة ببعض المصطلحات الطبية.
واصبح ظهور يوسف أو غيابه، الذي يحمل معه الأخبار السيئة أو الطيبة عن مصير شارون، أمرا هاما بالنسبة للإسرائيليين، والإعلاميين العاملين في إسرائيل، فيما يعتبر المرة الأولى التي تجد فيها إسرائيل نفسها تتعامل بشفافية مع مرض رئيس وزراء لها.
ويختلف التعامل الطبي مع حالة شارون جذريا، عن التعامل مع موقف شبيه له، عندما تم اغتيال رئيس وزراء وهو في منصبه، والمقصود اسحق رابين، حيث كان الأمر سهل على الأطباء الذين أعلنوا وفاة رابين فور وصوله إلى المستشفى، أما باقي من احتل منصب رئيس الوزراء فتوفي وهو خارج منصبه.
وبعيدا عن مرض شارون، فان علاقة مستشفى هداسا بالسياسة ليست جديدة، وهو انشيء بدعم من المؤسسات اليهودية عام 1939، على أراضي قرية عين كارم الفلسطينية، التي تعتبر من اجمل القرى الفلسطينية غرب القدس، وهجر سكانها من المسلمين والمسيحيين عام 1948. وتم إنشاء المستشفى ضمن مشاريع المؤسسات اليهودية، لتحضير البنية التحتية لإسرائيل التي أقيمت عام 1948.
وبعد هذا العام، ووفقا لاتفاقيات الهدنة، سمح لقافلة يهودية بالمرور بشكل دوري وتحت حراسة إسرائيلية، من غرب مدينة القدس المحتلة عبر القدس الشرقية التي آلت إلى الحكم الأردني، لتصل إلى جبل سكوبس أو جبل المشارف المطل على القدس، حيث توجد الجامعة العبرية.
وكانت هذه القافلة تحمل كل ما تحتاجه الجامعة، وأيضا العتاد والسلاح، تحضيرا لمعركة قادمة، وفي مثل هذه الظروف الصعبة والمعقدة، أقيم فرع آخر لمستشفى هداسا تابع للجامعة العبرية وكان ذلك عام 1961، وتطور هذا الفرع، الذي يطلق عليه مستشفى هداسا، بينما يطلق على المستشفى الأصلي الذي يعالج فيه شارون مستشفى هداسا عين كارم، والذي تتجه إليه الأنظار الان منتظرة ظهور البروفيسور يوسف معلنا وفاة شارون المتوقعة.
التعليقات