الشرطة في حالة استنفار قصوى
الثقة مفقودة بعد عام على أحداث الضواحي الفرنسية

اندريه مهاوج من باريس: عام مضى على أحداث الضواحي الفرنسية، والأمور لاتزال على حالها. البعض يتحدث عن حرب أهلية، فيما يذهب آخرون إلى نعي سياسة الإندماج على الطريقة الفرنسية. عام مضى على أحداث السابع والعشرين من تشرين الأول(أكتوبر)، التي انطلقت شرارتها من مدينة كليشي سو بوا (على بعد حوالي 30 كلم من باريس) إثر وفاة مراهقين في 15 و17 من العمر داخل محول كهربائي لجائآ اليه هرباً من دورية للشرطة كانت تدقق في الهويات.

عام والجمهورية تبحث عن مصالحة بين مؤسساتها وبعض مواطنيها القادمين من آفاق اجتماعية وثقافية ودينية مختلفة، فيما السلطات تبحث عن حلول خارج الحدود تجلى امس باتفاق بين وزيري داخلية فرنسا وألمانيا على العمل معا داخل الاتحاد الاوروبي من أجل التشدد في قوانين استقبال المهاجرين.

وأمر وزير الداخلية الفرنسي نيكولا ساركوزي الشرطة بالبقاء في حالة استنفار قصوى في المناطق التي قد تشهد اعمال عنف. وتم احراق عدة حافلات في الذكرى الأولى لأعمال الشغب التي طالت عدة مدن فرنسية العام الماضي.وقال ساركوزي ان كل الاماكن quot;الحساسةquot; ستشهد تشديدا للاجراءات الامنية. وأضاف: quot;سنفعل كل ما بوسعنا لتفادي الاخلال بالخدمات العامةquot;. وقال ساركوزي ان على الصحافة العمل quot;بمسؤوليةquot; في تغطية الاحداث quot;حتى لا تدفع أخرين لنسخ تلك الجرائمquot;. وأضاف: quot;علينا ألا نوفر الشهرة لهؤلاء الذين يعتبرونها هدفاquot;. وجاء في تقرير امني تم تسريبه الى صحيفة فرنسية ان الظروف التي ادت الى احداث السنة الماضية مازالت قائمة.

ومع هبوط ظلام ذلك اليوم من أيام رمضان 2005، اشتعلت المدينة جراء عشرات الحرائق في السيارات والمباني العامة وسقط فيها حوالى عشرة جرحى بعد مواجهات مع رجال الشرطة تخللها إطلاق قنابل مسيلة للدموع باتجاه المتظاهرين الذين ردوا بالحجارة والقناني الحارقة المعروفة بـquot; المولوتوفquot;.

شرارة الفتنة انتقلت من مدينة إلى أخرى وعمت الضواحي الفرنسية ووصلت إلى قلب المدن الكبرى بما فيها العاصمة باريس وأدّت إلى إتلاف أكثر من 20 ألف سيارة وإلى توقيف أكثر من 6000 شخص وصدور أحكام نافذة بحق أكثر من 700، فيما تخطى عدد الإصابات في صفوف الشرطة والشبان الآلف، فلم يكن أمام رئيس الحكومة حينها إلا إعادة العمل بقانون يحظر التجول ليلاً يعود تاريخه إلى حرب الجزائر في الستينات

عام بعد هذه الأحداث، وكل شيء على حاله. أمس تم إحراق سيارة أمام منزل أحد النواب اليمينيين وقبل يومين تم إحراق حافلة نقل ركاب في إحدى ضواحي باريس القريبة بعدما صعد إليها عنوة مجموعة من الشبان الملثمين وسبق ذلك بيوم واحد حادث مماثل على بعد حوالى 30 من باريس.

عام مر وعامل عدم الثقة - إن لم نقل الكراهية - يحكم العلاقة بين شبان الضواحي الآتين من أصول متعددة وثقافات مختلفة وبين مؤسسات الجمهورية ومن يمثلها من رجال شرطة ورجال سياسة.

عام مر وسياسة الحزم التي اعتمدها وزير الداخلية نيقولا ساركوزي لم تنفع في تراجع مخاطر اندلاع احداث شغب وفقا لتقرير اعدته الاستخبارات العامة وجاء فيه ان عدد الاعتداءات ارتفع حلال سنة بنسبة 2 فاصل 4 بالمئة مخاطر وان مخاطر اندلاع اعمال شغب ارتفعت بنسبة تفوق 1 فاصل 5 بالمئة في حين لم يرى رئيس الحكومة دومينيك دو فيلبان الا التلويح بالتشدد اكثر فاكثر في ملاحقة المشاغبين امام القضاء.

قد يكون نموذج الاندماج فشل، ولكن زيادة قيمة المخصصات المالية للجمعيات العامة التي تعنى بشؤون الشبان وبتنظيم نشاطات رياضية واجتماعية وثقافية بنسبة الضغف لم تتمكن من إزالة نقمة أبناء الضواحي وشعورهم بالغبن وإهمال السلطات الحكومية لهم واقفال ابواب سوق العمل امامهم وتصاعد التمييز العنصري بحقهم.