نبيل شرف الدين من القاهرة : بعد طول ترقب، أصدرت اليوم السبت محكمة رفيعة المستوى حكماً ضد طائفة البهائيين، إذ قضت بعدم جواز إثبات الديانة البهائية واعتبار من يدين بها من المسلمين خارجا عن الدين الاسلامي، الأمر الذي اعتبره مراقبون للشأن الداخلي في مصر ضربة قاسية ضد حرية الاعتقاد في البلاد، خاصة في ظل تنامي المد الإسلامي .

قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بنقض حكم سابق صدر من محكمة أدنى، بأحقية الطائفة البهائية في التعريف بديانتهم في المستندات الرسمية .

وانتقدت المنظمات المعنية بحقوق الانسان الحكم الصادر اليوم ووصفته بأنه quot;انتكاسة لحقوق الافراد ويبتعد بمصر عن المعايير الدولية في مجال حقوق الانسان، وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن قرار المحكمة الإدارية العليا اليوم بعدم جواز إثبات البهائية في الأوراق الرسمية يضع الحكومة في مأزق حيال وضع المواطنين البهائيين العاجزين عن استخراج شهادات ميلاد أو بطاقات شخصية أو حتى شهادات الوفاة .
وعقب النطق بالحكم أصدره رئيس المحكمة بيانا صحافيا تصدى فيه لتفنيد معتقدات البهائية، وهو الأمر الذي اعتبرته منظمة حقوقية مصرية، أنه لم يتطرق للرد على أي من الدفوع القانونية التي قدمها محامو المبادرة المصرية إلى المحكمة، بل هاجم معتقدات البهائية، وهي المسألة التي وصفتها المنظمة بأنها quot;تخرج عن نطاق الدعوى المقامة أمام المحكمةquot; .

البهائية في مصر

وترجع بداية القضية التي شغلت الرأي العام المصري والدولي إلى نيسان (ابريل)، حين قضت المحكمة الادارية بأحقية المواطن حسام عزت محمود موسى وزوجته في اثبات الديانة البهائية لهما ولابنتيهما في شهادات الميلاد وجوازات السفر، غير أن وزارة الداخلية المصرية طعنت في ذلك الحكم القضاء أمام المحكمة الإدارية العليا التي قضت بدورها بعدم إثبات الديانة البهائية في خانة الدين بالمستندات الرسمية .
وثارجدل في الاوساط الدينية والحقوقية بين مؤيد للحكم ومعارض له ففي حين قال رجال الدين ان البهائية ليست ديانة وانه لا يجوز كتابة البهائية في البطاقة الشخصية كديانة وان من يعتقد بها مرتد عن الاديان السماوية بينما ايدت معظم مراكز حقوق الانسان الحكم باعتباره انتصاراً للحرية الشخصية التي نادي بها الدستور كل هذا دفع وزارة الداخلية للطعن في الحكم طالبة الغاءه، وقالت وزارة الداخلية في طعنها إن الحكم السابق يحق للبهائيين إثبات ديانتهم مما اعتراه الكثير من العيوب بينما واجهت مذكرة الدفاع التي اعدتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ذلك وأكدت أن عدم إثبات ديانه البهائية في البطاقة يعد جريمة تزوير يعاقب عليها القانون .

وينص الدستور المصري على حرية الاعتقاد ولكن المسؤولين يترددون في الاعتراف بأي أديان غير الاسلام والمسيحية واليهودية التي يعتبرها المسلمون الديانات السماوية الوحيدة.

جذور المشكلة

وتعود جذور مشكلة البهائيين في مصر إلى العام 1960 حين أصدرت السلطات المصرية قرارا بحل المؤسسات البهائية فيما يبدو بسبب وجود مقر الديانة البهائية في اسرائيل، وتسببت المعاملة التي يلقاها البهائيون الذين تقدر المنظمات الحقوقية عددههم بألفي نسمة في مصر في سوء علاقات الحكومة المصرية والمنظمات الحقوقية.

وقال المركز القومي لحقوق الانسان ـ وهو مؤسسة ممولة من الحكومة تأسست عام 2004 ـ في تقريرها السنوي العام الجاري إن مشكلة الوثائق الرسمية الخاصة بالجالية البهائية سببت للبهائيين مشاكل في المدارس والجامعات وتسجيل شهادات الوفاة والميلاد والاعفاء من الخدمة العسكرية .

وفي سياق تعليقه على الحكم الأخير الذي صدر اليوم السبت ضد إثبات البهائية، قال حسام بهجت مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية : quot;إن هذا الحكم المؤسف يلقي بالكرة في ملعب الحكومة ويجبرها على إيجاد حل تنظيمي لإنهاء معاناة مواطنين قررت الحكومة فجأة ودون سند تشريعي أن تجردهم من مستندات إثبات هويتهم، رغم أن الحكومة نفسها ظلت على مدى العقود الخمسة الماضية تسجل البهائية في هذه المستنداتquot; .

وأضافت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن البيان الصحافي الذي أصدره رئيس المحكمة عقب النطق بالحكم لم يتطرق إلى الرد على أي من الدفوع القانونية التي قدمها محامو المبادرة المصرية إلى المحكمة، وإنما انحصر في تفنيد معتقدات البهائية، وهي المسألة التي تخرج عن نطاق الدعوى المقامة أمام المحكمة، والمنحصرة في مدى قانونية إجبار المصريين البهائيين على ادعاء اعتناق الإسلام أو المسيحية زوراً، من أجل الحصول على الأوراق اللازمة لممارسة حياتهم اليومية .