أسامة العيسة من القدس : في عام 1993، كان الشيخ نايف الرجوب مبعدا إلى مرج الزهور، في جنوب لبنان، مع عشرات من قادة وكوادر حركتي حماس والجهاد، وكان شقيقه جبريل، الذي ابعد قبله بعدة سنوات، مقيما في العاصمة التونسية التي كانت مقرا لمنظمة التحرير الفلسطينية. ولكن البعد بين تونس ولبنان، لم يمنع لقاءهما، حيث وصل جبريل الذي اصبح مقربا من ياسر عرفات، ذات ليلة باردة، إلى مرج الزهور لزيارة شقيقه نايف، وهي الزيارة التي بقيت سرية، حتى كشف عنها لاحقا، وفي منزل الشيخ نايف في بلدة دورا قرب الخليل، توجد الان على الحائط صورة تجمعه مع شقيقه جبريل في مرج الزهور.

جبريل رجوب
ولم يمض وقت طويل على ذلك اللقاء في جنوب لبنان، حتى عاد الاثنان، جبريل لكي يستلم قيادة جهاز الأمن الوقائي في السلطة الفلسطينية التي تأسست للتو، ونايف إلى حيث حماس في موقع معارضة السلطة. وخلال التصادم بين السلطة وحركة حماس، واعتقال العشرات من قادة وكوادر الحركة عام 1996، اعتقل رجال الأمن الوقائي الشيخ نايف، ولكن لم يمض في السجن سوى يوم واحد، عندما سارع شقيقه جبريل واطلق سراحه. وخلال تلك الفترة ميز جبريل بين قسمين في حركة حماس، الأول سيء قال انه بقيادة الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، والثاني يضم العناصر الطيبة مثل شقيقه نايف. ومنذ تلك الفترة اصبح جبريل عرضة لاتهامات عديدة من حركة حماس، وبينت شهادات لمعتقلين سياسيين في سجون الأمن الوقائي مدى التعذيب الذي وصف بالوحشي الذي تعرضوا له.

وتصاعدت الاتهامات ضد جبريل، حتى نيسان (إبريل) 2002، عندما وصلت الدبابات الإسرائيلية مقر الأمن الوقائي الرئيسي في بلدة بيتونيا قرب رام الله، وحاصرت الموجودين في المقر ومن بينهم معتقلين لحماس رفض جبريل إطلاق سراحهم، ومؤخرا نشر وائل البرغوثي أحد المعتقلين في المقر وهو الان في السجون الإسرائيلية قصة ما حدث، على الموقع الإلكتروني لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وفيها اتهامات حادة ومريرة ضد الرجوب. وخلال سنوات التوتر هذه حاول الشيخ نايف أن يقيم توازنا بين موقف حركته الحاد ضد جبريل وبين كون الأخير شقيقه الذي تربطه به علاقات يقول أنها طيبة. وخلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، عرضت حركة حماس على الشيخ نايف الذي خرج لتوه من المعتقل الإسرائيلي بعد اعتقال لمدة ستة شهور إداريا، ترشيحه للانتخابات إما على القائمة النسبية أو في دائرة الخليل، ولكنه اختار الترشح على الدائرة، قائلا بأنه واثق من الفوز، وان فرصة نجاحه كبيرة.

وخاض الشيخ نايف الانتخابات مع 7 آخرين من عناصر حماس، في مواجهة مرشحي فتح عن الدائرة وأبرزهم شقيقه جبريل الذي أعرب هو الآخر عن ثقته بالنجاح، ولو ترشح على القائمة لتجنب مواجهة شقيقه. وخلال لقاء مع فضائية العربية، قبيل الانتخابات، سالت الإعلامية جيزيل خوري اللواء جبريل عن علاقته بشقيقه نايف المنافس له فقال بأنها علاقات أخوية وجيدة، وهو ما أيده الشيخ نايف الذي قال في مقابلة لصحيفة منبر الإصلاح التابعة لحماس quot;علاقتي بشقيقي ممتازة، أما الخلاف بيننا فهو سياسي والخلاف السياسي لا يفسد للود قضيةquot;. وردا على سؤال حول التنافس بينه وبين جبريل على نفس الدائرة قال الشيخ نايف quot;نتنافس في انتخابات سياسية وليس على مخترة العشيرة أو الحمولة، فهو مرشح ليدافع عن فكرته، وأنا عن فكرتي، وليس هناك ما يمنع ذلكquot;.
وجاءت النتيجة كما توقعها الشيخ نايف، حيث فاز مع رفاقه، بينما سقط شقيقه جبريل ومرشحي فتح جميعهم، ليكون هذه المرة مع شقيقه ضيفين على برنامج جيزيل خوري.

نايف الرجوب
واسترعى نجاح الشيخ نايف وحركته الكبير في الانتخابات، الانتباه إليه، وبدأ يتوافد عليه الصحافيون، وأفردت الصحافة الإسرائيلية، له مساحات للحديث عن نفسه وعن مشاريع حركته المقبلة. وهكذا وجد الشيخ نايف أو (أبو حذيفة) نفسه تحت الأضواء التي كانت مسلطة على شقيقه طوال 13 عاما الماضية.
ويتوقع أن يصبح وجه الشيخ نايف الذي ولد عام 1958 مألوفا في الإعلام، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية، من الجامعة الأردنية، والماجستير في القضاء من جامعة الخليل، ويعد أطروحة الدكتوراة في جامعة العلوم التطبيقية اليمنية وموضوعها quot;أحكام النظافة في الفقه الإسلامي وأثره على الصحة والبيئةquot;. ويعمل إماما وخطيبا لمسجد دورا الكبير، ومحاضر في جامعة القدس المفتوحة، وأصبحت له شهرة من خلال خطبه الحماسية في المساجد والمناسبات الوطنية والدينية، وتعرض للاعتقال عام 1989، بتهمة الانتماء لحركة حماس، وأمضى عاما في السجون، واعتقل إداريا عام 1992 لمدة ستة شهور، واعتقل مرة أخرى عام 2005 إداريا، وتخلل كل ذلك إبعاده إلى مرج الزهور، واعتقاله ليوم واحد في سجون شقيقه جبريل.