في الحادي عشر من سبتمبر 2001 هوجمت الدولة المحبة للحرية من قبل جماعة إرهابية تعمل من إحدى مقاطعات دولةٍ ذات سيادة مع رضوخ, إن لم يكن تواطؤ, الحكومة. كان انتقام الولايات المتحدة بطريقة يمكن أن تُسمى quot;الاستجابة غير المتكافئةquot;.

كيف نحارب الإرهابيين

وذكر كاتب المقال فرانك غافني, رئيس مركز السياسة الأمنية, أن أميركا أطلقت هجمات برية وجوية على أفغانستان ليس بهدف تدمير الملاجئ الآمنة للقاعدة فقط بل وإسقاط نظام طالبان. لقد ألحقنا الضرر أو دمرنا البنية التحتية الأفغانية لتجنب استعمالها من قبل العدو. إصابة المدنيين حدثت, كما تدفقت أعداد كبيرة من اللاجئين. وفي مرحلةٍ ما, صرحت الأمم المتحدة بأن عملية النزوح الناتجة تمثل أزمة إنسانية.

وتابع بالقول في صحيفة وول ستريت جورنال أنه عندما أُطلِقت حملة إبادة القاعدة, لم تُعطَ أي اعتبارات للتفاوض مع الإرهابيين أو مع الحكومة التي تؤمن لهم الحماية. لم تكن الولايات المتحدة تتوقع وقفاً لإطلاق النار من قبل الأمم المتحدة, دون الحديث عن قوة حفظ السلام الدولية التي تندرج تحت تفويض الفصل السابع الخاص بمجلس الأمن, وهدفها سيكون حتماً حماية الإرهابيين من جيشنا, وليس العكس.

إنه أمر لا يُصدّق أن تقبل الولايات المتحدة بإحدى مطالب عدوها المركزية. على سبيل المثال, إبعاد كل القوات الأميركية من الشرق الأوسط كجزءٍ من وقف إطلاق النار التفاوضي الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وأقرته طالبان بتوجيه من القاعدة.

كيف نتوقع أن تحارب إسرائيل الإرهابيين

لذلك من المذهل, وليس من المحزن, أن نرى دعم إدارة بوش المبكر والقوي لردة فعل إسرائيل تجاه الهجمات القاتلة على أراضيها من قبل الجماعة الإرهابية حزب الله.

أولاً, أُخبرت إسرائيل أنها يجب ألا تُضعِف الحكومة اللبنانية, مع أنها لم ترضخ وحسب للدولة داخل الدولة التي يحكمها حزب الله في جنوب لبنان. فالحكومة في بيروت لديها وزيران من حزب الله في مجلس وزرائها, وهو دور لم تتمتع به القاعدة أبداً في طالبان أفغانستان. كان لهذا الأمر الأثر العملي في تحديد الجهود الإسرائيلية للضغط على المسؤولين في بيروت كي يفصلوا أنفسهم عن الإرهابيين.

وبعد ذلك, تبنت الولايات المتحدة فكرة أن إسرائيل يجب أن تجازي الحكومة التي سمحت لحزب الله أن يحتل ويجري عملياته ضد الدولة اليهودية من الجزء في جنوب لبنان الذي أخلاه الإسرائيليون بحماقة ومن جانبٍ واحد عام 2000. وحيث دمرنا النظام الذي يقدم ملجأ آمناً لخصومنا, أُخبِرت إسرائيل أن عليها القيام بتنازل إقليمي آخر لنظيرتها, بتسليم لبنان منطقة صغيرة تسمى مزارع شبعا احتلتها إسرائيل منذ 1967.

ليس مهماً ما إذا كانت مزارع شبعا ليست أرضاً لبنانية ليبدؤوا بها, إذ احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب الأيام الستة. وطبيعة هذه المنطقة لا يثبتها أحد آخر سوى الأمم المتحدة, وقد شهدت في مايو 2000 أن إسرائيل انسحبت من جميع المناطق اللبنانية, مما يعني أن المزارع ليست ولم تكن يوماً جزءاً من لبنان, وأن وضعها النهائي سيتقرر في النهاية بالتفاوض بين إسرائيل وسوريا.

ومع ذلك, فقد أُخبِرت إسرائيل الآن أنها يجب أن ترضى بمطلب حزب الله, وهو يمثل ذريعة للمنظمة الإرهابية التي تدعمها إيران لتواصل حربها على إسرائيل, حتى بعد أن تخلت إسرائيل عن المنطقة الآمنة التي أبقت عليها في لبنان مدة 18 عاماً (مع حلفائها اللبنانيين السابقين الذين كانوا يعيشون هناك).

الأمر سيء بما يكفي أن يُكافأ حزب الله على هجماته الإرهابية على إسرائيل. إن نتائج هذا التنازل ستثبت بشكل أكثر سوءاً أن ليس لإسرائيل الحق في حدود منيعة معترف بها دولياً ولا يمكن أن نتوقع أن تتمتع بها. وبإعادة صياغة المثل القديم: فإن كل ما يخص العرب فهو عربي, وكل ما يخص إسرائيل فهوعرضة للانتزاع.

الأشد صعوبة هو التوقعات بأن تنتدب الأمم المتحدة قريباً ndash; بتأييد الولايات المتحدة ورضوخ إسرائيل ndash; قوة دولية مسلحة في جنوب لبنان, بزعم أن هدفها هو فرض وقف إطلاق نار مطابق لقرار مجلس الأمن في الفصل السابع. وإذا كان عملها هو quot;حفظquot; السلام وليس صنعه, فإن قوة كهذه ستتطلب موافقة حزب الله بالدخول. وسيدرك صانعو السلام أنهم سيُسمَح لهم بالبقاء آمنين هناك في حال لم يتدخلوا في نشاطات الإرهابيين من إعادة البناء وإعادة الإمداد في جنوب لبنان.

إن إنشاء هذه القوة قد يفاقم المشكلة. فما يزال قيد المناقشة تطوع جنود من أماكن كتركيا وإندونيسيا وفرنسا, وهي دول لم تثبت أنها معادية لحزب الله كما أنها, وبدرجات متفاوتة, معادية لإسرائيل. وخلاصة القول, فإن هذه ستكون مهمة أخرى للأمم المتحدة ضد إسرائيل, تعمل على حماية الخصوم الإرهابيين للعالم الحر ولا تفعل سوى القليل للمحافظة عليه في حال تم الاستعداد لهجمات جديدة على محبي الحرية.

نهاية القول

بالنسبة إلى الولايات المتحدة, فإن المرحلة الحالية من الحرب بالنسبة للعالم الحر كانت بدايتها في الحادي عشر من سبتمبر 2001. وبالنسبة لآخرين, فهي كاستمرار إسرائيل لعدة عقود وتمثيلها خطراً وجودياً بصورةٍ واضحة. لا يمكننا أن نتحمل ادعاء أن هناك طريقاً مناسباً للولايات المتحدة في محاربتها لاستبداديي الإسلام المتشدد والإرهاب الذي يستخدمونه ضدنا, ثم نلح على أن يتفاوض حلفاؤنا معهم ونحاول أن نسترضي مجموعات في حين أنهم في خطي تقاطع الإسلام المتشدد.

ترجمة: سامية المصري