الياس توما من براغ : لم تعد المجر الدولة الوحيدة في منطقة وسط أوروبا التي تواجه حكومتها تحديا داخليا ودعوات متكررة لها بالاستقالة بسبب فضيحة الكذب التي تورط فيه رئيس الحكومة فيرنس جورتشاني بل بدأت الحكومة في بولندا القريبة منها تواجه وضعا مشابها أيضا بسبب فضيحة لكن من نوع أخر وان كان العنوان الرئيسي للفضيحتين يمكن إدراجه تحت عنوان quot;الرياء والفساد السياسي quot;. فبعد الكشف عن محاولة يقوم بها حزب القانون والعدالة الذي يترأسه رئيس الحكومة ياروسلاف كاتشينسكي لاجتذاب نواب العارضة إليه بإغراءات مالية وبالمناصب الحكومية تكثفت مطالب المعارضة البولندية بضرورة استقالة الحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة .

المطالب هذه بدأت تحظى بدعم شعبي واسع إذ أشار استطلاع سريع اجري في البلاد إلى أن 66% من البولنديين يرون بان على كاتشينسكي الاستقالة فيما عبر 55% عن اعتقادهم بأنه من الضروري حل البرلمان والدعوة لانتخابات نيابية مبكرة لان حكومة حزب القانون والعدالة حسب رأيهم قد أخفقت .
وعلى خلاف هذا الموقف للأغلبية يرى ثلث عدد المشاركين في الاستطلاع أن حكومة حزب القانون والعدالة قد وقعت ضحية لاستفزاز وان المعارضة تحاول منع القانون والعدالة من تنفيذ برنامجه الإصلاحي .

وكان رئيس الحكومة البولندية ياروسلاف كاتشينسكي قد صمت طوال نهار أمس ثم تحدث إلى الرأي العام البولندي في كلمة وجهها عبر التلفزيون الليلة الماضية رفض فيها المطالب المتصاعدة له بالاستقالة مشددا على أن حكومته لن تحيد عن الطريق الذي تنتهجه.
واتهم ما اسماه quot; بالهياكل القديمة quot; في إشارة إلى الشيوعيين السابقين بافتعال هذه الأزمة السياسية بهدف توقيف عملية الإصلاح التي يقوم بها للدولة والمجتمع وتدمير نجاحات حكومته .

واعتبر عام 2006 بأنه الأفضل خلال السبعة عشر عاما الماضية بالنسبة لبولندا ولذلك فان حكومته تمتلك سببا لان تكون فخوره على حد وصفه .
واعتبر أن بولندا تسير تحت حكمه في الطريق الصحيح ولذلك فانه سيجري الدفاع عن هذا التوجه . وعلى خلاف هذا الموقف ترى قوى المعارضة البولندية بمختلف أطيافها السياسية أن الحكومة قد تورطت بقضية تصفها بأنها رشوة سياسية ولذلك فان عليها أن ترحل وتدعو إلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة .
وحسب احد زعماء المعارضة رئيس حزب منظمة الدفاع الذاتي اندرجيه ليبير فان برنامج حل الأزمة القائمة الآن في بولندا يكمن في استقالة الحكومة وإجراء انتخابات نيابية مبكرة وتشكيل برلمان جديد وتوزيع جديد للقوى ومن ثم بامكان وارسو التقدم نحو الأمام .

وكانت الأزمة السياسية في بولندا قد تعمقت بعد أن بثت قناةquot; تي في إن quot; البولندية الليلة قبل الماضية صورا التقطتها بكاميرا خفيه لادم ليبينسكي رئيس المكتب السياسي للحكومة و احد المقربين من رئيس الحكومة ياروسلاف كاتشينسكي وهو يحاول كسب نائبة من حزب منظمة الدفاع الذاتي المعارضة إلى جانب معسكر الحكومة في البرلمان مقابل منصب حكومي .

وظهر ليبينسكي في الشريط وهو يقول للنائبة ريناتا بيرغير : منصب نائبة وزير الزراعة ؟ . ليست هناك أي مشكلة في الأمر فلدينا الكثير من المناصب الفارغة ويكفي إجراء حديث واحد مع رئيس الحكومة . كما قال لها : نظريا يمكن للبرلمان أن يدفع السندات التي كتبها رئيس حزب منظمة الدفاع الذاتي على نواب حزبه في حال تركهم الحزب وانتقالهم إلى طرف سياسي أخر وأضاف إننا نفكر بتأسيس صندوق يمكن أن يضمن هؤلاء النواب ماليا إلى أن يتم إيجاد حل لهذه المسالة .

ويرى مراقبون في وارسو أن مفتاح الحل يكمن الآن بأيدي قيادة حزب الشعب التي يحاول حزب القانون والعدالة استمالتها للمشاركة معه في الائتلاف حتى يوفر له الأغلبية في النواب ففي حال انضمام حزب الشعب إلى هذا الائتلاف فان ذلك يمكن أن ينقذ حكومة كاتشينسكي في حين أن رفضه ذلك سيعني اتجاه البلاد على الأرجح نحو خيار الانتخابات المبكرة . وقد علقت قيادة حزب الشعب الآن المحادثات التي كانت تجريها مع حزب القانون والعدالة بسبب فضيحة quot; الرشوة السياسية quot; التي تفجرت بوجه حكومة كاتشينسكي .