مسفرغرم الله الغامدي من الرياض: اكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل ان تدهور الاوضاع الامنية في العراق وتفاقمها يشكل مصدر قلق لنا جميعاً وخاصة لدول المنطقة كون الحالة في العراق تؤثر على امن المنطقة واستقرارها بشكل مباشر بل وفي العالم.

واضاف الفيصل في بيان صحافي وصل الى إيلاف نسخة منه بعد مباحثات أجراها مع وزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما أن المملكة العربية السعودية اطلعت باهتمام على استراتيجية الرئيس الاميركي الجديدة في العراق ومما لا شك فيه ان الوضع في العراق الذي يزداد تعقيداً في حاجة إلى منهج واستراتيجية جديدة لتحقيق أهداف الحفاظ على وحدته واستقراره وسيادته ووقف التدهور الأمني ومواجهة الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية والحد من التدخلات الخارجية التي تشكل خطراً على أمن العراق واستقراره ووحدته الوطنية، والتعامل مع جميع مكونات الشعب العراقي بمختلف فئاته وأعراقه وأطيافه السياسية على قدم المساواة في الحقوق والواجبات والمشاركة في الثروات .. وكل ما يحفظ لهذا البلد العريق بتاريخه وحضارته وتراثه العربي الاصيل سيادته واستقلاله ووحدة اراضيه.

وعبر وزير الخارجية السعودي عن تطلعه إلى الزيارة القادمة لوزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس للتعرف منها إلى طبيعة الاستراتيجية الاميركية الجديدة في العراق.

وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية قال الامير سعود الفيصل: نأمل في استئناف الحوار الوطني الفلسطيني الرامي إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تزيل كل مظاهر التوتر والعنف في الشارع الفلسطيني وتتمكن من إنهاء الحصار المفروض على الشعب والتخفيف من معاناته الإنسانية واستعادة حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أسس السلام العادل والشامل القائم على مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها ومبادرة السلام العربية وخطة خارطة الطريق مع التأكيد على ضرورة إحياء عملية السلام وفق هذه المبادئ.

وفي ختام البيان عبر عن تطلعه لاستمرار الدور الايجابي لايطاليا في خدمة القضايا الاقليمية من خلال تمتعها بعضوية مجلس الامن الدولي لعامي 2007 و 2008 ودعم الامن والسلم الدوليين والحقوق المشروعة للشعوب على مبادئ العدل والمساواة واسس الشرعية الدولية وقوانينها.

إتفاق ضريبي بين السعودية وإيطاليا
من جانب اخر اوضح الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية أن زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الايطالي ماسيمو داليما للمملكة العربية السعودية توجت اليوم بالتوقيع على اتفاقية الازدواج الضريبي بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الايطالية.
وعبرالأمير عن ارتياحه للمحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الايطالي التي وصفهاالأمير بالمعمقة والبناءة وتناولت العلاقات الثنائية في إطار اللجنة السعودية الايطالية المشتركة.

جاء ذلك في البيان الذي تلاه وزير الخارجية في بداية المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقدهالأمير الفيصلمع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الايطالي عقب اجتماعهما في مقر وزارة الخارجية في الرياض اليوم.

وقال الفيصل:إن إتفاقية تفادي الازدواج الضريبي بين المملكة وايطاليا تأتي تعزيزا للروابط التجارية وتشجيعاً للاستثمارات في ظل حجم التبادل الاقتصادي والتجاري بين البلدين ونتطلع إلى استمرار هذا التعاون وتعزيزه والدفع به نحو آفاق أرحب في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية كافة.

ورحب بتعزيز التعاون الامني بين البلدين مشيراً إلى ان وزير الخارجية الايطالي سيطلع من الجهات ذات الاختصاص على الجهود والاجراءات الامنية التي تقوم بها المملكة العربية السعودية في هذا المجال. كما رحب بالمشاورات التي تجري بين لجنتي الصداقة في مجلس الشورى والبرلمان الايطالي.

ملفات المحادثات
وعاد وزير الخارجية السعودي للحديث عن الموضوعات التي تناولها مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الايطالي فقال: إن محادثاتنا تناولت تطورات الاوضاع في منطقة الشرق الاوسط المفعمة بالتوتر في العراق وفلسطين ولبنان إضافة إلى الوضع في افغانستان وبروز الملف النووي في المنطقة ليشكل تهديداً جديداً لأمنها واستقرارها.

واضاف: إن المملكة العربية السعودية لازالت تتطلع إلى حل هذا الموضوع عبر الطرق السلمية والتعامل معه بشمولية وعدم استثناء اسرائيل من اي جهود او إجراءات في هذا الشأن. واشاد الامير سعود الفيصل بالدور الايطالي على الساحة اللبنانية الذي وصفه بالايجابي من خلال استضافتها مؤتمر روما لوقف الحرب الاسرائيلية على لبنان وقيادة ايطاليا لقوات / اليونيفيل / لحفظ السلام على الحدود اللبنانية الاسرائيلية تطبيقاً لقرار مجلس الامن الدولي رقم / 1701/ .

وقال: اننا نتطلع إلى إزالة التوتر الذي تشهده الساحة اللبنانية وعودة الامين العام لجامعة الدول العربية إلى لبنان بتجاوب من الاطراف اللبنانية مع وساطة الجامعة العربية التي تشكل مقترحاتها مخرجاً ملائماً للازمة يجنب لبنان وشعبه المخاطر الجسيمة المحدقة به ويحفظ امنه واستقراره وسيادته.

لن نستخدم النفط ضد ايران
إلى ذلك نفى وزير الخارجية السعودية الامير سعود الفيصل عزم بلاده استخدام بترولها بصفة سلاح لموازنة اسعار النفط العالمية إذا ما استخدمته إيران كسلاح. وقال الفيصل: quot; نحن نعالج موضوع مواجهة سلاح البترول بأننا لا نعتبره سلاح فالمملكة العربية السعودية تتعامل مع البترول على انه ثروة تستغل . . ونحن نستغل هذه الثروة في مراعاة مصالح مواطنينا ومصالح الدول المنتجة والدول المستهلكة . . وقد سبق لوزير البترول السعودي أن اوضح بشكل جلي ان سياسة المملكة تقوم على التوازن في السوق البترولية وقد اثبتت المملكة تاريخيا انها في فترات الأزمات تقوم بما يتوجب عليها كأكبر منتج بما يجب لتضمن استقرار اسواق البترول quot;.

وحول مغزى البرنامج النووي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهل هو لتوجيه رسالة معينة لإيران قال الفيصلquot; إن البرنامج النووي الذي أقره مجلس التعاون فأعتقد ان من أهم الاسباب التي اتفق عليها مجلس التعاون في هذا الاطار ان يقوم بالدخول في هذه الصناعة الهامة والتي تشمل اهميتها ليس فقط الجانب العسكري ولكن الجانب السلمي ايضا . . لتنشئ صناعة تحت روابط محكمة لا يمكن الخروج عنها لضمان سلمية اتجاهها ولعلها تكون مثلا لكل من يريد ان يتملك هذه الصناعة وليس له اي نية في تطويرها إلى جانب انشاء الاسلحة النووية . . فهذا هو الهدف الذي تسعى إليه دول مجلس التعاون.

استراتيجية بوش
من جانب اخر اجاب الفيصل على سؤال بشأن تصريح الرئيس الامريكي جورج دبليو بوش مؤخرا عن استراتيجيته الجديدة للوضع في العراق واشارته لتداعيات هذه الاستراتيجية قائلاquot; لفت انتباهي في حديث الرئيس الامريكي بعض النقاط . . كالحديث عن معالجة وضع المليشيات في العراق والتوجه للمصالحة الوطنية والعمل السياسي في العراق . . فهذه نقاط مهمة. ونحن في انتظار الشروحات التي ستفسر هذه الاستراتيجية التي نأمل ان نستمع إليها عند زيارة وزيرة الخارجية . . فنحن بانتظار هذه التوضيحات حتى نعرف مرامي هذه السياسة هناك بديهيات بأن وحدة العراق واستقلال العراق ضروري وايضا اضفاء السلم على العراق ضروري ومن الواضح ان هذه الأمور لم تتحقق حتى الآن فبالتالي من الواضح انه يجب ان يكون هناك تغيير في نهج السياسة المتبعة تجاه العراق . . أما في السياسة الحالية فنحن بانتظار الشروحات التي ستقدمها الحكومة الأميركيةquot;.

وتطرق الامير سعود الفيصل لدور اوروبا في منطقة الشرق الأوسط وقال في رده على سؤال عن ذلك: نتمنى ان يكون الدور الاوروبي اكبر . . لكن لا يمكن ان يستشف من ذلك اننا نشتكي من نقص في الدول الأوروبي وخاصة الدور الايطالي . . وفي هذا الاطار اذكر دورها في لبنان في المؤتمر الذي عقد إبان احتلال الاراضي اللبنانية من قبل الاحتلال الاسرائيلي والهجوم الاسرائيلي على لبنان . . كذلك مشاركة اوروبا في القوات في لبنان . . وكذلك زيارة معالي وزير الخارجية الايطالي واتصاله بالرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الاسرائيلي . . بالإضافة إلى تواجده اليوم مرحبا به في هذا البلد الذي يعتبر دائما نفسه صديق لايطاليا . . كل هذه مؤشرات على الدور الايطالي ومن وراءه الدور الاوروبي في قضايا المنطقة . . ونحن سعداء بهذا التوجه.

داليما
من جانبة قال وزير خارجية ايطاليا أن الوسيلة الانجح لمواجهته ومكافحته هو القيام بالعمل معا وبتشجيع اوسع من قبل المجتمع الدولي لعزل الارهاب مشددا على أهمية المساهمة في استقرار العراق وتجنب توسع العنف الطائفي مؤكدا أهمية تقوية وتعزيز المؤسسات العراقية التي تمثل فعليا الشعب العراقي إلى جانب حل المليشيات وتقوية وتعزيز قوات الجيش والشرطة ووضع حل للتمرد وذلك من خلال ادماج كامل للعناصر في الحياة السياسية الديموقراطية في العراق.

وأوضح إلى أن هناك التزام دولي من اجل اعادة اعمار العراق من خلال مشاريع التعاون في المجال الاقتصادي والسياسي ومن خلال الالتزام بتدريب قوات الشرطة والجيش مؤكدا التزام أيطاليا لاحلال السلام واعادة اعمار العراق.

وأشار ماسيمو داليما إلى أنه سوف يعقد في القريب مؤتمر باريس لاعادة اعمار لبنان الذي ستكون مساهمة المملكة العربيه السعودية فيه اساسية منوها بمساهمة المملكة الدائم والكبير في برنامج اعادة اعمار لبنان معتبرا المملكة العربية السعودية داعما رئيسيا في عمليه احلال الاستقرار في لبنان لافتا النظر إلى دعم الحكومة الإيطالية للحكومة اللبنانية وأملها أن ان ينتهي الصراع بين القوات المختلفة في لبنان وان تحل في اطار اتفاق وطني لحماية سيادة واستقرار لبنان.

وبين أنه هناك إتفاق تام وملتزم به بين المملكة العربية السعودية وايطاليا على أهمية حل المسألة الأساسية ومفتاح السلام في المنطقة الواسعة وهي الصراع التاريخي بين اسرائيل وفلسطين مفيدا أنه من خلال حل المشكلة الفلسطينية الإسرائيلية يجب أن يكون هناك سعي الى تطبيع العلاقات بين اسرائيل وجميع الدول العربية وفق الخط الذي حددته المبادرة والتي أعلن عنها بشكل ملموس في قمة بيروت مشيرا إلى أن هناك مؤشرات ايجابية بعد اللقاء الذي جرى بين اولمرت وابو مازن إلى جانب أهمية تمديد وتوسيع الهدنة الجارية الآن من غزة الى الضفة الغربية .

وأكد دعم حكومته للجهود العربية لتشجيع تشكيل حكومة وحدة وطنية فلسطينية على أساس الظروف التي حددها المجتمع الدولي مطالبا معاليه اسرائيل بتبني ظروف تساهم وتسمح بتحسين الظروف الحياة للفلسطينيين ورد الموارد المالية الفلسطينية. وأبان أنه تم خلال الإجتماع اليوم مع وزير الخارجية السعودي مناقشة الملف النووي الإيراني إلى جانب رفض أيران تطبيق قرارات مجلس الأمن للأمم المتحدة مشيرا إلى أن البلدين سيعملان على تقبل ايران الحل عن طريق التفاوض لحل هذه الأزمة .

واضاف وزير الخارجية الإيطاليا بقوله: اعتقد انه يجب على ان اقول ان اوروبا بلا شك يمكنها ويجب عليها ان تقوم بأكثر مما قامت به حتى الآن رغم اننا نسجل برضى وارتياح ان اوروبا تمارس بالفعل دورا فاعلا وايجابيا . . ليس فقط في المسألة اللبنانية بل ايضا وبشكل خاص في الالتزام الاوروبي بالسعي لفك جمود الازمة الاسرائيلية الفلسطينية . . إن اوروبا كانت كثيرا في هذه المنطقة دافع أكثر من كونها / لاعب / وهذا ربما يكون صحيحا ولكن اعتقد انه من السليم ان تستمر اوروبا في تقديم الدعم الاقتصادي خاصة للشعب الفلسطيني وايضا في هذه المرحلة إعادة اعمار لبنان . . واود ان اقول ان المملكة العربية السعودية هي دافع كبير فهي تسهم بشكل كريم وسخي جدا في عملية الإعمار والبناء وتحسين ضروف حياة الشعوب في هذه المنطقة من العالم.