أسامة مهدي من لندن : في مراسم حزن وعزاء قل مثيلها شهد العراقاليوم إحياء الملايين من مواطنيه رغم عمليات التفجير المتفرقة التي استهدفتهم وأودت بحياة 40 عراقيا لذكرى عاشوراء يوم استشهاد الامام الثالث لدى الشيعة الحسين بن علي بن ابي طالب عليهما السلام في واقعة الطف عام 680 ميلاديا .. وهي مراسم بلغت ذروتها في مدينة كربلاء حيث مرقد الحسين بمشاركة حوالى مليوني زائر طافوا المدينة بألف موكب عزاء بدأت بتطبير الرؤوس بالسيوف وانتهت بإحراق خيام تشخيص الواقعة وسط إجراءات امنية غير مسبوقة شاركت فيها طائرات أميركية و11 الف عسكري .

ووسط مظاهر سواد تلف الزائرين الذين قدموا الى كربلاء (110 كم جنوب بغداد) من المحافظات العراقية الاخرى ودول مجاورة وخاصة ايران التي وصل منها حوالى 50 الف زائر جرت هذه المراسم على شكل مواكب لتطبير الرؤوس ولطم الصدور وضرب الاظهر بسلاسل من الحديد لايذاء الجسد الذي يحمل أرواحا متألمة تجسد بهذه المظاهر أسى النفس وحزنها للمأساة التي اصابت اهل بيت النبي محمد (ص) وسلم ومقتل ابن ابنته وافراد عائلته واصحابه الذين وصل عددهم الى 72 شهيدا .

تشخيص واقعة الطف

وقد اقيمت الخيام والسرادق في المدينة لتشخيص مجريات واقعة الطف عام 61 هجريا كما انتشرت في أحياء المدينة تجمعات يقوم رواد متمرسون بأصوات رخيمة حزينة بتلاوة قصة مقتل الحسين وسط بكاء ونحيب السامعين الذين يستذكرون هذه المأساة . وقد قامت فضائيات عراقية عدة بنقل وقائع هذه المراسم في انحاء العراق مباشرة من المناطق التي جرت فيها وخاصة في كربلاء .

وكان مئات الالاف من العراقيين قد بدأوا يتوافدون إلى كربلاء منذ اليوم الاول من شهر محرم الحالي وصل الكثير منهم سيرا على الاقدام من المحافظات القريبة حاملين الاعلام السوداء والخضراء والحمراء وصور الامام علي ولافتات تستذكر مأساة واقعة الطف .

وفي اليوم العاشر من محرم ذكرى الواقعة التي صادفت امس جرت مراسم متعارف عليها تتكرر في عاشوراء كل عام بدأت فجرا بتطبير المئات من الاشخاص الذين يرتدون لباسا ابيض يشبه الاكفان لرؤوسهم بسيوف خاصة بهذه المناسبة يطلق عليها quot;القاماتquot; وعلى العملية quot;التطبيرquot; . ثم اعقب ذلك ظهور مواكب لاطمي الصدور وضاربي الظهور بالسلاسل وحتى ظهر اليوم نفسه .. جرى بعدها حرق الخيام التي نصبت للمتشبهين بآل الحسين في تشخيص لأصل الواقعة حيث انتهت معها المراسم المتعارف عليها .. رغم ان مظاهر العزاء استمرت حتى الليل تخللها جري الالاف الى منطقة (طويريج) القريبة تشبها بجري السيدة زينب شقيقة الحسين بحثا عن النجاة في المنطقة ذاتها قبل 1367 عاما .

وكان نظام الرئيس السابق صدام حسين يحرم ممارسة هذه المراسم ووقائعها ويمنع وصول العراقيين الى كربلاء في الايام العشرة الاولى من محرم خاصة وان العديد من مواكب العزاء كانت تردد شعارات ضد النظام بشكل غير مباشر تلجأ الى الرمزية في شعاراتها وهتافاتها حيث تعتبر المناسبة تنفيسا عن اجواء الرعب والارهاب التي كانت تمارسها السلطة .

وقد شاركت طائرات اميركية مسيرة في توفير غطاء حماية جوي لمدينة كربلاء وايصال اخر المعلومات الامنية إلى غرفة عمليات يقودها وزير الامن الوطني شيروان الوائلي وتضم ممثلين عن ست وزارات امنية وخدمية مع ثلاثة اطواق امنية تحيط بالمدينة فيما انتشر داخلها 11 الف شرطي من وزارة الداخلية وجنود تابعون لوزارة الدفاع . وقد اغلقت السلطات المحلية مداخل المدينة الثلاثة حيث يوجد مرقدا الامام الحسين بن علي واخيه العباس عليهما السلام أمام السيارات الوافدة بشكل كامل .

تفجيرات تستهدف المعزين

ورغم ان المراسم الرئيسة في كربلاء مرت بسلام الا ان مواكب معزين في مناطق اخرى تعرضت لاعمال ارهابية اسفرت عن مقتل 40 شخصا واصابة 110 اخرين .
فقد فجر إرهابي يحمل حزاماً ناسفاً نفسه في حسينية quot;علي الأكبرquot; في قضاء بلدروز في محافظة ديالى (65 كم شمال شرق بغداد) وسط حشد من الاكراد الفيليين quot;الشيعةquot; المشاركين في مراسم عاشوراء. وقد أسفر التفجير عن استشهاد 12 شخصاً وإصابة 40 آخرين بجروح .

وفي المحافظة نفسها انفجرت عبوة ناسفة صباح اليوم وسط مدينة خانقين في أحد المواكب الحسينية ما أدى إلى سقوط العشرات من الشهداء والجرحى. ذكرت مصادر طبية في أن عدد ضحايا الإنفجار وصل إلى 12 شهيداً و39 جريحاً بينهم نساء وأطفال.

وكانت عبوة ناسفة موضوعة في إحدى حاويات الزبالة قرب مصرف الرافدين وسط المدينة قد انفجرت عن طريق التحكم عن بعد وسط حشود المعزين بذكرى عاشوراء.
وفي ظل تصعيد التوتر العرقي والطائفي في مدينة كركوك الشمالية والمناطق المجاورة لها هاجمت قوة من الارهابيين حسينية الزهراء في قضاء طوز خورماتو ما أدى الى اٍستشهاد مواطنين وجرح العشرات من التركمان الذين حضروا للمشاركة في مراسم العاشوراء. وقد وجه الارهابيون صاروخ آر.بي.جي على الحسينية التي تقع في منطقة الحي العسكري ولاذوا بالفرار بوساطة سيارة جيب كانت بانتظارهم.