رايس تريد وثيقة ملموسة ترسي اسس قيام الدولة الفلسطينيية

أسامة العيسة من القدس : تلقي التحقيقات العديدة مع ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بظلال كثيفة على التحضيرات الإسرائيلية لمؤتمر الخريف.وفي حين يقول المقربون من اولمرت، بأنه ما زال قادرا على القيام بواجبه كرئيس للوزراء رغم التحقيق معه في أربع قضايا جنائية، وفتح تحقيق جديد معه في قضية ذات طابع سياسي، فان خصوم رئيس الوزراء الإسرائيلي يرون بأنه لم يعد صالحا لشيء، ويطرحون سؤالا ماذا لو تم اتخاذ إجراء قضائي ضد اولمرت خلال مؤتمر الخريف؟

ويتضح من جدول أعمال كوندوليزا رايس، وزيرة الخارجية الأميركية في إسرائيل، أنها تعي جيدا ما يجري في الساحة الحزبية الإسرائيلية الداخلية، فعمدت إلى الاجتماع بأعضاء من حكومة اولمرت يناهضون سياسته ويهددون بإفشال مؤتمر الخريف.

واضطرت رايس إلى اتباع السياسة المكوكية التي اشتهر بها هنري كيسنجر، أحد اشهر وزراء الخارجية الأميركيين، ولكن بين رام الله والقدس، من اجل الالتقاء بأكبر عدد من مناهضي اولمرت الإسرائيليين، وتجنيدهم لدعم مؤتمر الخريف.

ويخضع اولمرت للتحقيق معه الان في قضية بنك لئومي، حيث يشتبه في انه تدخل في موضوع شروط عطاء بيع البنك ليناسب اثنين من معارفه، اللذين في النهاية لم يشتركا في العطاء، وكذلك يحقق مع اولمرت في موضوع شراء منزله في القدس، بينما تستعد الشرطة، وبإيعاز من المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية ميمي مزوز، بالشروع في تحقيق مع اولمرت، بشبهة إجرائه تعيينات سياسية في سلطة المشاريع الصغيرة، ومساعدة مقربين له في مركز الاستثمارات، عندما كان يشغل منصب وزير الصناعة والتجارة.

واجتمع مزوز اليوم الاثنين، مع رئيس وحدة التحقيقات والاستخبارات في الشرطة الجنرال يوحنان بينينو، وعدد من ضباط الوحدة واستمع منهم عن مجريات التحقيق في قضية منزل اولمرت في القدس.

وكان مراقب الدولة ميخا لندا شتراوس، قد أوعز، قبل نحو عام، للشرطة بإجراء تحقيق يتعلق بشبهات تحوم حول اولمرت، بأنه منح امتيازات خاصة لمقربين من المحامي اوري ليتزر، شريك اولمرت السابق في مكتب المحاماة، حيث ساهم رئيس الوزراء الحالي، عندما كان يشغل منصب وزير الصناعة في تسهيل مشاريع لمقربي شريكه السابق.

وقالت مصادر في وزارة العدل الإسرائيلية، ان القرار بالشروع في التحقيق بهذه القضية، استغرق وقتا طويلا، لعدم توفر أدلة كافية لفتح تحقيق جنائي، اذ يجري الحديث عن تحقيقات متشعبة ومطولة.

ومثلما حدث في مرات سابقة، في القضايا التي كان يخرج فيها اولمرت، كالشعرة من العجين، اصدر ديوانه بيانا، اكد فيه انه لا توجد أي حاجة لكل هذه التحقيقات، وبأنها ستنتهي بدون أي نتيجة، وانها لن تؤثر في أداء رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومواصلته مهام منصبه.

ولكن الإعلان عن الشروع بإجراء تحقيقات جديدة مع اولمرت، أثارت الساحة الحزبية الداخلية، التي تعج الان بالخلافات عشية مؤتمر الخريف، واختلاف وجهات النظر حوله.

واعتبر زفولون اورليف رئيس لجنة مراقبة الدولة في الكنيست، ان الحديث يجري عن شبهات quot;خطرة تحوم حول رئيس الوزراء، وليست فقط غمامة سوداء سرعان ما تنقشعquot;.

وقال اورليف، وهو من حزب الاتحاد الوطني (المفدال) ان quot;هذا الأمر يحول دون مواصلة اولمرت لمهام منصبه، خصوصا ونحن أمام حقيقة بأن اولمرت يخضع لاربعة تحقيقات بالإضافة إلى تحقيق لجنة فينوغراد في أسباب فشل حرب لبنان الصيف الماضي، وعليه فانه لن يستطيع إدارة دفة الدولة في الوقت ذاتهquot;.

ولم تقتصر الانتقادات لاولمرت على اليمين الإسرائيلي، ولكن أصواتا أخرى ارتفعت من اليسار، مثل النائبة شيلي يحوموفيتس من حزب العمل، شريك اولمرت في الحكومة.

وقالت يحوموفيتش، وهي إعلامية بارزة سابقا وتحظى بشعبية quot;لقد اقتربت اللحظة التي لا يستطيع فيها حزب العمل أن يستمر في أن يكون ورقة التين التي تستر عورة اولمرت، وحمايته من تحقيقات الفساد، ومن هذا المنطلق يجب على حزب العمل دراسة إمكانية انسحابه في من الحكومةquot;.

وأقرت النائبة العربية العمالية نادية حلو، بان التحقيقات التي يخضع لها اولمرت، هي على رأس أولويات النقاش داخل حزب العمل، وان كانت ربطت بين هذا الموضوع، والمسار السياسي الذي قررت الحكومة وعلى راس اولمرت، السير فيه، والمتمثل في مؤتمر الخريف.

وقالت حلو للإذاعة الإسرائيلية تعقيبا على المطالبات بانسحاب حزب العمل من الحكومة quot;هذا الموضوع سيكون في قمة النقاش في حزب العمل والأحزاب الأخرى، ولكن لا بد أن نقول انه يجب على حزب العمل ان يدرس كافة الخيارات، وان يحدد الإمكانيات، وهناك أصوات تطرح إمكانية الانسحاب من الحكومة، ولكن هناك أصوات أخرى تشير إلى أنه يوجد مسار سلام معين ومؤتمر يجب إنجاحه، وبالتالي غض النظر عن هذه التحقيقات وتركها في مسارها الطبيعي، مع التقرير أن مسار التحقيقات يأخذ حصة كبيرة من وقت اولمرت، ولا بد أن هذا يمنعه من القيام بمنصبه ومهامهquot;.

وأشارت حلو، إلى أنها تؤيد الحكومة الحالية، في المسار السياسي، وقالت quot;لا يجوز لحزب العمل في هذه المرحلة التاريخية الحاسمة من مسار سياسي معين، ترك الحكومة، وانما يجب وضع خطة عملquot;.

واضافت quot;بإمكان اولمرت أن يتخلى عن منصبه لا أن يترك حزب العمل الحكومة، التي لا يجب أن يتوقف عملها على شخص اولمرتquot;.

ورأت ان مهمة حزب العمل الان التجند لإنجاح مؤتمر الخريف، وقالت عن الأغلبية في حزب العمل، انها تؤيد موقفها، وان كان الكثيرون يعبرون عن استيائهم من الشبهات الصعبة جدا التي تحوم حول اولمرت.

وقالت quot;لو لم يكن يوجد مسار سياسي الان لكنت أطالب حزب العمل بترك الحكومة، ولكن المسؤولية تحتم علينا إنجاح المسار السياسيquot;.

ويختلف زميل حلو، النائب العمالي اوفير بينس، مع وجهة نظرها، وطالب اولمرت، بإقصاء نفسه عن منصب رئيس الوزراء quot;لإفساح المجال أمام اختيار رئيس وزراء جديد صفحته نظيفة وليتمكن من رفع رأسه عاليا أمام الجمهور دون خجلquot;.

ومن جانبها طالبت الحركة من اجل نزاهة السلطة في إسرائيل، بفحص إمكانية تغيير اولمرت، وقال المحامي ميخائيل بارتن من هذه الحركة ان quot;الحكومة تعتبر هيئة تحمل على أكتافها مسؤولية كبيرة حيال الكنيست والشعب ونحن ندعو الحكومة الى فحص إمكانية مقدرة استمرار رئيس الوزراء على القيام بمهام منصبه أم أن من الأجدر قيام شخصية أخرى بإشعال هذا المنصبquot;.

ويتضح من ردود فعل الشارع الحزبي في إسرائيل، أن الجميع يربطون بين ما يتعرض له اولمرت من تحقيق، ومؤتمر الخريف، مثل النائب اوري ارئيل الذي قال في حديث إذاعي quot;يصعب علي مشاهدة الوضع الذي يعيشه رئيس الوزراء حاليا، حين أراه يتنازل عن كل شيء، مقابل لا شيء خلال المفاوضات مع الفلسطينيين، وعلى اولمرت اتخاذ قرار شجاع وإقصاء نفسه عن منصبه فوراquot;.

وطالب ميخائيل ايتان النائب عن حزب الليكود المعارض، الذين كانوا انتقدوا مراقب الدولة في حينه ووصفوه بأنه يهرول وراء الدعاية والإعلام، بسبب فتحه ملفات اولمرت، بالاعتذار أمام المراقب بما في ذلك مكتب رئيس الوزراء quot;وجميع أولئك الذين سعوا لسد فم المراقبquot;.

وكان مكتب اولمرت اعتبر خطوات مراقب الدولة ضده، بأنها تصفيات حسابات شخصية وسياسية، وبان المراقب يتصل بالاعلام أولا وعرض القضايا عليه للتشهير باولمرت.

وقالت مصادر إعلامية إسرائيلية، ان وزيرة الخارجية الأميركية، تدرك ما أسمته هذه المصادر هشاشة الوضع السياسي الداخلي في إسرائيل، وموقف رئيس الحكومة الحرج والضعيف، والانتقادات التي توجه لاولمرت من اليمين واليسار حول كيف يمكنه الاستمرار في المسار السياسي، مع مواجهته للتحقيقات الشرطية، لذا فإنها سعت للاجتماع مع عدد من الوزراء في حكومة اولمرت من بينهم بار اون، وافيغدور ليبرمان، وايلي يشاي، وبنيامين بن اليعازر، وايهود باراك.

واضطرت رايس أن تنتقل من رام الله إلى القدس، بعد لقائها محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الفلسطينية، لتلتقي الوزير المتطرف افيغدور ليبرمان الذي يهدد مع زميله ايلي يشاي، بحل الحكومة، إذا تمت مناقشة قضايا جوهرية في مؤتمر الخريف مثل قضايا القدس واللاجئين.

ونسب وسائل الإعلام الإسرائيلي لمقربين من رايس، بأنها وأمام الوضع السياسي الهش الذي يعيشه اولمرت، أرادت بذل مساعيها، لتذليل العقبات التي تواجهه، ومن بينها احتمال حل الائتلاف الحكومي، وهو ما سيكون له انعكاس كارثي بالنسبة إلى مؤتمر تسعى الإدارة الأميركية إلى إنجاحه بأي ثمن.