رحلة رجل المهمات الصعبة وبديل البعث الجاهز
علي حسن المجيد.. ساعات النهاية

جلال طالباني يعارض بشدة إعدام سلطان هاشم

الهاشمي :حكم الإعدام بالمدانين في قضية الأنفال لن يتم إلا بمرسوم

إعدام المدانين بقضية الأنفال بعد عيد الفطر

الأنفال: معارضة إعدام وزير الدفاع السابق ستتحول إلى البرلمان

الجنائية العراقية مصرة على إعدام مداني الأنفال

مدانو الأنفال لن يعدموا غدا وتحفظ على إعدام سلطان

محام : المحكومون الثلاثة بالاعدام في الانفال يشنقون السبت

العراق: تثبيت الحكم بإعدام علي الكيماوي

الادعاء يتهم الكيمياوي بقتل معتقلين بمسدسه الشخصي

الإنتربول يصدر مذكرة إعتقال بحق رغد صدام حسين

زيد بنيامين من دبي: كان حسن يجري محاولاً الوصول باسرع وقت ممكن الى داره ويشاهد ابنه البكر.. علي.. كان الوالد يحاول الوصول باي طريقة الى باب منزله وهو يردد اسم ابنه الجديد ( علي حسن... ) ( علي حسن... ) ( علي حسن .. المجيد ). كان ذلك في احد صباحات تكريت عام 1941 وكان حسن المجيد هو شقيق والد من سيصبح فيما بعد رئيساً العراق والذي سينتشل ابن عمه من اسفل مراتب المجتمع والجيش الى اعلاها. كانت العشيرة قد لعبت دوراً في حياة المجيد الابن.. فهو من البيجات.. احد افرع عشيرة البو ناصر التي تعيش على اطراف تكريت والاخلاص للعشيرة كان شريطة الاستمرار في مواجهة الصعوبات في المجتمع القبلي وحياة القرية... وحتى في الحكم بعد حوالي اربعين عاماً من ذلك الصباح.

كان الهروب الى الجيش طريقاً لمن يفشل في دراسته وفي حياته ايضاً.. كما هو علي حسن المجيد .. ولم يمنعه ذلك من (ركوب الموجة) والدخول الى عالم السياسة من خلال بوابة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي كان ينتشر بقوة في صفوف من لم يكن لديهم ذلك النصيب من النجاح وذلك من اجل تحقيق اهداف الدول العربية في الوحدة والحرية والتي كانت قد قطعت شوطاً متواضعاً في الاستقلال ومن هنا كان تقدمه في الوظيفة التي حاز عليها في الجيش العراقي بصعوبة بطيئاً فمع صبيحة السابع عشر من يوليو (تموز) 1968 كان علي مايزال يعمل سائقاً لاحدى العربات العسكرية ولم يجد مفراً من تذكير قريبه صدام حسين مع قرب عام 1968 على نهايته انه ما يزال يحتفظ بتلك الوظيفة (المتواضعة) رغم مركز صدام حسين الكبير في القيادة... مذكراً اياه بتاريخه الحزبي المشرف وهو ما شفع له في تلك اللحظة.

كان المجيد الاب قد قرر ان يزوج احدى بناته الى احمد حسن البكر الذي اصبح رئيس العراق خلال عقد السبعينات وبعد خمسة ايام من ازاحة صدام للبكر عن سدة الحكم في عام 1979 كان التاريخ على موعد مع الظهور العلني الساطع الاول لعلي حسن المجيد والذي عكس قسوته حينما رفع يده اثناء قيام صدام حسين بجمع اعضاء حزب البعث العربي الاشتراكي في قاعة الخلد في بغداد للكشف عن مؤامرة القيادة في الحادي والعشرين من يوليو ليستئذن علي حسن المجيد بالحديث وليطلب ان ينضم الى قائمة الـ 65 رفيقاً اللذين ارسلهم صدام الى مصيرهم المحتوم بالاعدام او المؤبد والبعض القليل بالبراءة بتهمة التأمر مع دولة اجنبية وليضم الى اللائحة شخص اخر هو (عبد الخالق السامرائي) والذي كان في السجن الانفرادي منذ عام 1973 ربما لكي يرد دين صدام حسين الذي جلبه الى الواجهة وليتحول الى مدير لمكتب (السيد النائب) في تلك الفترة ونتيجة لعرض (الوفاء) الذي قدمه المجيد فقد اعطاه صدام (مخيراً او مضطراً) ادوارا محوريا اثناء عهده في الحكم في الربع قرن التالي من تاريخ العراق السياسي.

كانت الحرب العراقية ndash; الايرانية تدور رحاها على الجبهة الممتدة على حدود البلدين وكانت تلك الحرب ميداناً للتجارب التي نجح فيها المجيد في غضون عامين ليكون مقابل ذلك الارتقاء في المراتب السياسية ليصل الى مرتبة اقرب مساعدي الرئيس الراحل صدام حسين وليمتد تاثيره على المخابرات العراقية ايضا وكان من المؤمنين بان على صدام حسين تسوية قرية الدجيل في منطقة بلد بالارض لانها تجرأت واطلقت الرصاص على الرئيس.

كان علي حسن المجيد قد اثبت قوته في تثبيت اركان حكم الرئيس صدام حسين وكان الاخير لا يتوانى تكليفه ببعض المهمات التي لا يتوفر لا الوقت والثقة ليقوم بها رفاقه في الحزب ومع حلول عام 1987 وجد صدام حسين ان افضل مكان لقريبه هذا هو في الشمال حيث يرأس تنظيمات حزب البعث العربي الاشتراكي في تلك المنطقة المتوترة ليقود في ذلك العام ايضا هجمة شرسة ضد القبائل الكردية والقوات الايرانية التي يشك بوجودها في ذلك المكان ولم يتوانى المجيد في استخدام الاسلحة الكيميائية في الحملة الشهيرة التي قادها (الانفال) واستخدام غاز الاعصاب على سكان مدينة حلبجة اللذين ناهز عددهم الـ 40 الف شخص توفي منهم 5 الاف شخص في 15 دقيقة فقط وجرح في تلك الدقائق ايضا 10 الاف عراقي حملوا جراحهم الى الابد كما امتدت العمليات الى الشيخ وزان والسليمانية ومع بداية عام 1989 كان علي حسن المجيد قد نجح في القضاء على 4000 قرية في الشمال وتسبب في رحيل 1.5 مليون كردي عن ديارهم.

بقي علي حسن المجيد في شمال العراق حتى بداية العام 1989 وفي اجتماع لتسليم مكتب تنظيمات الشمال لمن سيخلفه في المنصب تفاخر علي حسن المجيد بالنجاح الذي حققه في تغيير الخارطة في شمال البلاد وتوطين العرب في تلك المناطق.

مع بداية دخول القوات العراقية الى الكويت فجر الثاني من اغسطس (اب) كان علي حسن المجيد وزيراً للحكم المحلي وكان على رأس الموجة الثانية التي دخلت الى الكويت والتي كانت عبارة عن الجيش الشعبي و7000 عضو من المخابرات وبعد ستة ايام من بداية الغزو اعلن الرئيس العراقي صدام حسين (الوحدة الاندماجية) مع الكويت معتبراً اياها المحافظة التاسعة عشرة وتم تعيين المجيد كمحافظ لها بعد ان تم دمج الحكومة الكويتية المؤقتة بشكل صوري في الحكومة العراقية في بغداد.

مع وجود المجيد على رأس الحكم في الكويت بدأت واحدة من اكبر عمليات السرقة المنظمة لدولة في التاريخ مع اخذ المئات من الكويتيين كاسرى وكدروع بشرية الى العراق لم يعد الكثير منهم الى بلادهم بعد تحريرها كما كانت من ابرز قراراته ان اي منزل مازال يعلق فيه صورة الاسرة الكويتية الحاكمة السابقة.. يجب ان يحرق وان يتم اعتقال اصحابه كما تم اصدار الاوامر بهدم اي بيت يتم ايجاد جثة جندي عراقي مقتول بالقرب منه.

مع حلول العام 1991 وبعد خروج العراق من الكويت بعد حرب ضروس استمرت ستة اسابيع عين المجيد وزيراً للداخلية من اجل التعامل مع التمرد الواسع الذي انتشر في البلاد بعد الهزيمة ومن خلال موقع هذا كان عليه التعامل مع تمرد الشيعة في الجنوب وكالعادة لم يكن يتوقف بطشه بالانسان ليمتد الى المكان مستهدفاً حياتهم وثقافتهم واماكن معتقداتهم وتحت امرته سوت القوات العراقية العديد من القرى بالارض في الوقت الذي كانت فيه الدبابات تحمل شعارات من قبيل (لا شيعة بعد اليوم).

مع حلول منتصف التسعينات كان المجيد على موعد اخر مع دور جديد ليبين فيه مدى قسوته التي امتدت الى عائلته هذه المرة بهروب كل من حسين كامل وصدام كامل وزوجتيهما (ابنتي الرئيس العراقي صدام حسين) الى الاردن في اغسطس 1995 الامر الذي وجه ضربة كبيرة للرئيس العراقي وهو يستعد للاحتفال بالذكرى السابعة لانتهاء الحرب العراقية الايرانية وهنا اعلن المجيد ان عائلته قد تبرأت من حسين كامل وصدام كامل ولم يتواني عن قتلهم لدى عودتهم الى العراق في فبراير 1996 مضاف اليهما اخيه الذي قتل وهو يحاول الدفاع عنهما بعد ان غض الرئيس العراقي الطرف عن تلك الحركة وقال في وقت لاحق انه لو كان يعلم بما ستقوم به عشيرته لما سمح بذلك.

ويقول احد شهود تلك الحادثة لصيحفة التايمز البريطانية ان مجموعة من القوات الخاصة العراقية بلاشتراك مع افراد من عشيرة البوناصر بدأت باطلاق سيل من الرصاص على المنزل الذي تحصن فيه حسين كامل وصدام كامل بقيادة علي حسن المجيد وبعد معركة دامت 13 ساعة وصل علي حسن المجيد الى جثة حسين كامل ووضع قدمه على رقبته مطلقاً رصاصة الموت في رأس حسين كامل.

ورغم تولي علي حسن المجيد وزارة الدفاع لفترة وجيزة عاد الرئيس العراقي صدام حسين للاعتماد على ابن عمه في عام 1998 حينما تم تعيينه قائداً عسكرياً لمنطقة الجنوب وكان هذا كفيلاً بان يكون المجيد مشرفاً مباشراً على تنفيذ اوامر اعدام اصدرها بنفسه وكان قد اشرف بنفسه على اطفاء عدد من حالات التمرد التي نشأت اثر مقتل اية الله محمد صادق الصدر مع اثنين من اخوته في مدينة النجف.

كان علي حسن المجيد مايزال المستشار الامين للرئيس العراقي صدام حسين وتم منحه عام 2002 مهمة سياسية اكثر من كونها ميدانية حينما كلف بحمل رسائل من الرئيس العراقي صدام حسين الى عدد من القادة العرب لشرح موقف العراق في اول مهمة خارجية له منذ العام 1988 حيث سافر المجيد الى الجزائر لتسليم رسالة الى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في الوقت الذي اجتاح فيه غضب عالمي بقيادة مجموعات الدفاع عن حقوق الانسان على قيام المسؤولين العرب باستقباله.

كان هناك العديد من الاشرطة التي تؤكد دور المجيد في اعمال ضد الانسانية منها شريط يعود تاريخه الى ايامه الاولى في وزارة الداخلية في بداية عقد التسعينات يوصي خلاله طيار عراقي على عدم العودة الا بعد احراق عدد من العشائر العراقية التي سيطرت على احد الجسور كما يقوم في شريط اخر بتوجيه ركلات على مجموعة من السجناء غير المسلحين ويقول لا حد مساعديه وهو يدخن السيجار quot;لاتعدموا هذا... سيكون مفيداً بالنسبة لناquot; ولم يعرف مصير بقية من ظهر من اولئك السجناء في الفيلم.

ومع بداية الغزو على العراق قيل ان علي حسن المجيد قد قتل في غارة امريكية على مدينة البصرة الجنوبية وفق تصريح لمصدر عسكري بريطاني وذلك الى جانب 20 عراقياً اخراً لكن سرعان ما تبين كذب تلك الادعاءات.

تم القبض على علي حسن المجيد في السابع عشر من اغسطس 2003 بعد ان حل خامساً في اللائحة الامريكية للمطلوبين الـ 55 العراقيين وفي عام 2006 تم اتهامه بالقيام باعمال ضد الانسانية لدوره في عملية الانفال وتم تحويل ملفه الى محكمة عراقية خاصة وقد بدات محاكمته في 21 اغسطس 2006.