اربيل (العراق): على عكس بغداد حيث اعتاد الاهالي العودة باكرا الى منازلهم خوفا من عمليات القتل وحظر التجول، تبقى ابواب المطاعم والمراكز التجارية واماكن التسلية مشرعة حتى ساعات الفجر في كردستان العراق.فهذه المنطقة لا تشبه العراق بشيء وترتفع ورش البناء في كل مكان بينما تغرق بقية انحاء البلاد في الفوضى والعنف.أنقرة تنتظر إجراءات أميركية عاجلة ضد حزب العمال
الساعة تشير الى قرابة منتصف الليل. وفي مقهى متواضع في شارع الاسكان وسط اربيل تتعالى اصوات وقهقهات الزبائن الذين يلعبون الدومينو والنرد وهم يتبادلون الاحاديث، بينما تنبعث من اروقة المكان رائحة النراجيل والشاي بالهال.
في الخارج، الناس يتجولون وعناصر المرور ينظمون سير المركبات فيما تسمع من بعض المقاهي على جوانب الطريق، موسيقى واغاني ومقامات كردية قديمة لحسن زيرك يعشقها الاكراد. هنا، الناس يتعلقون بالماضي حيث لا يزال كثيرون يأبون التخلي عن ملابسهم الكردية التقليدية الفضفاضة.
ومن حين الى آخر، يمر غربيون يتجولون في المدينة بحرية من دون حاجة الى ارتداء السترات الواقية من الرصاص بصحبة مترجميهم، فهنا لم يسمع احد عن حدوث عمليات خطف او اغتيال.يقول آزاد احمد (42 عاما) بينما يحتسي الشاي مع ثلاثة من اصدقائه quot;نلتقي تقريبا كل يوم والتهديدات التركية لم تمنعنا من ممارسة حياتنا الطبيعية. الحياة يجب ان تستمر والا يعكر صفوها شيء. وهذه التهديدات ليست جديدة، انها اسطوانة قديمة سئمنا كثرة سماعهاquot;.ويضيف رافعا كأس الشاي بينما يهز احد اصدقائه رأسه موافقا اياه، quot;هنا يمكنك ان تبقى خارج بيتك حتى ساعات الفجر وان تخرج مع زوجتك واطفالك الى اي مكان وتزور اقاربك وتتناول وجبة عشاء في احد المطاعم من دون خوف. هذا المكان لا يشبه بغداد في شيءquot;.ويتابع quot;انها كردستان حيث لا مكان للارهابيين بينناquot;.
وطلبت انقرة الثلاثاء من الولايات المتحدة اتخاذ تدابير quot;عاجلةquot; ضد المتمردين الاكراد الاتراك المتحصنين في شمال العراق فيما واصل الجيش التركي قصف مواقع المتمردين قرب الحدود مع العراق.وعزز الجيش التركي انتشاره على طول الحدود العراقية حاشدا مئة الف عنصر في هذه المنطقة بعدما هدد الاتراك بالتوغل في شمال العراق لquot;تنظيفهquot; من معسكرات حزب العمال.وازدادت حدة التوتر بعد الهجوم الدامي الذي شنه حزب العمال في 21 تشرين الاول/اكتوبر وقتل خلاله 12 جنديا تركيا واسر ثمانية في جنوب شرق الاناضول.
ورغم التوتر مع تركيا، تبقى المراكز التجارية الجديدة التي تشبه الى حد كبير المراكز التجارية الاوروبية مثل quot;دريم سيتيquot; (مدينة الاحلام) وquot;نيو سيتيquot; (المدينة الجديدة) تستقبل الزوار حتى ساعات متأخرة من الليل. فاعلاناتها الضوئية العملاقة تسرق الانظار داعية الناس الى التبضع.ويقول اوميد هفال (33 عاما) وهو موظف حكومي ركن سيارته الى جانب الطريق لشراء البيتزا من احد المطاعم، quot;نحن لا نخاف وتاريخنا مليء بالازمات والمعارك والظروف الصعبة. مرت علينا اوقات صعبة جدا وحروب. هجرنا من بيوتنا وصعدنا الى الجبال لكننا لا نخاف ولن نترك بيوتنا حتى لو جاء الاتراكquot;.ويعرب في الوقت نفسه عن الامل ان تسوى الازمة سلميا، quot;آمل ان تنتهي المشكلة على خير والا يضطر الاتراك الى ارتكاب حماقة بتعكير امن هذه المدن المفعمة بالحياةquot;.ويتابع راسما على محياه ابتسامة عريضة quot;آمل ان يتدخل اصدقاؤنا الاميركيون ويجدوا حلا سلميا لهذه المشكلة ويمنعوا الاتراك من التوغل في اراضيناquot;.
وتخشى الولايات المتحدة ان يؤدي توغل تركي في شمال العراق الى زعزعة الاستقرار في الاقليم الذي يعتبر من بين المناطق القليلة في العراق التي تنعم بالامن.ومنذ نهاية حرب الخليج عام 1991 تعيش المحافظات الكردية الثلاث اربيل والسليمانية ودهوك التي يقطنها نحو خمسة ملايين كردي، ازدهارا اقتصاديا ووضعا امنيا افضل بكثير من بقية انحاء العراق.وقال رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في تصريحات لقناة العربية بثت الجمعة، ان اي توغل تركي سيهدف فقط الى عرقلة عملية التنمية في الاقليم.واضاف بارزاني quot;بصراحة حزب العمال الكردستاني هو حجة الهدف وقف او اعاقة النمو والتطور في اقليم الكردستان.quot;
التعليقات