إيلي الحاج من بيروت: quot; لا دخل للرئيس إميل لحود في الموضوع. لا أنا أحكيه ولا هو يحكينيquot;. كان المتحدث عبر الهاتف مع quot;إيلافquot; الشيخ بيار الضاهر، رئيس مجلس إدارة quot;المؤسسة اللبنانية للإرسالquot; ومديرها العام، يرد على أحد تكهنات وتحليلات اندلعت إثر انفجار الخلاف بينه وبين رئيس الهيئة التنفيذية لحزب quot;القوات اللبنانيةquot; سمير جعجع على ملكية المحطة التلفزيونية. خلاف ظهر إلى العلن مع قرار الضاهر إلغاء مقابلة مع جعجع كان مقرراً أن تبثها المحطة ليل أمس عبر برنامج quot;كلام الناسquot; للإعلامي مرسيل غانم.
أكد الضاهر ، ولم يزد كلمة، أن الخلاف ليس سياسياً بل يتعلق حصراً بحصص ملكية المحطة :
quot;أحببنا أن نحلّه حبياً، ولكن...quot;.
لا خلاف على السياسة في الموضوع، لكن الأكيد أن فيه مئات ملايين الدولارات. فقيمة المحطة والمؤسسات المتفرعة منها قدّرت بحسب ما جاء في دعوى quot;القواتquot; 300 مليون دولار. وهي مرشحة لترتفع بعد زيادة الرأسمال التي يبحث فيها الضاهر.
إلا أن أحد القريبين من الضاهر يؤكد لquot;إيلافquot; أن لا شيء تحقق حتى اليوم على هذا الصعيد . وينفي صحة ما نشرته إحدى الصحف اللبنانية قبل يومين ( quot;البلدquot;) عن توقيع اتفاق بالأحرف الأولى مع الأمير وليد بن طلال، يمتلك بموجبه ما نسبته 85 في المئة من أسهم quot;أل بي سي الفضائيةquot;، بعدما كانت 49 في المئة. ويوضح أن البحث يتناول زيادة للرأسمال بقيمة 100 مليون دولار، ويستطيع كل من يرغب في المساهمة من اللبنانيين أن يساهم . والمسألة لا تتعلق بالأمير الوليد بن طلال ، فالرجل منصرف إلى الإستثمار في وسائل الإعلام والقضايا المتصلة بالفن، وبعيد عن الموضوع.
سر التوقيت
ولكن لماذا رفع حزب quot;القواتquot; الدعوى قبل 10 أيام وتسربت إلى الإعلام أول من أمس؟
-لا نعرف . لكن الأكيد أن السبب ليس سياسياً. المحطة تعطي quot;القواتquot; سياسياًquot; في الأخبار والبرامج . ليست هنا المشكلة.
لماذا جاء رفع الدعوى في هذا التوقيت؟ المستشار الإعلامي للدكتور جعجع ، الزميل نوفل ضو، أوضح ل quot;إيلافquot; أن التوقيت يتعلق بمهل قانونية لحفظ الحقوق بناء على إنذارات سابقة . وأشار إلى ملاحظة الحزب أن تنفيذ البروتوكول الذي حكي عنه بين الضاهر والأمير الوليد بن طلال، ويقضي بجعله مالكاً للمحطة الفضائية بقيمة 85 في المئة، يعني أنه سيتعذر على quot;القواتquot; لاحقاً استعادة ما تعتبره حقوقها في المحطة.
يسخر القريب من الضاهر من ذريعة أن تقديم الدعوى محكوم بمهل . ويقول إن أي مبتدئ في درس القانون يدرك أن الإنذارات القضائية تكفي، إذا كانت هذه هي الغاية.
ولماذا شملت دعوى quot;القواتquot; ال LBC و9 شركات متفرعة منها يقول القريبون من الضاهر إنها أنشئت بعد دخول جعجع السجن عام 1994 وبالتالي لا علاقة له ولحزبه بها؟
يشرح مسؤول quot;قواتي قديمquot; من أنصار جعجع في هذه القضية، إن شركة quot;أل بي سيquot; الأساسية التي يصطلح على تسميتها quot;الأرضيةquot; لا تضم اليوم سوى 20 موظفاً تقريباً وبعض المعدات القديمة التي لم تعد تصلح ، وأن التركيبة التي أرساها الشيخ بيار الضاهر، وتعتمدها مؤسسات عدة حديثة لأسباب مختلفة قائمة على التفريع، بمعنى أن الإنتاج مثلاً تتولاه شركة مستقلة (quot;باكquot;) وهلمّجرا. وهذه الشركات متعاقدة في ما بينها ومجموعها 9 تسيّر العمل في المحطة . وبالتالي إذا اقتصرت الدعوى على ال quot;أل بي سي quot; الأساسية فيستطيع الضاهر بكل سهولة أن يعطيها كلها ل quot;القواتquot; ويبقى التلفزيون له ولشركائه. لذلك كان التركيز في الدعوى على كل ما تفرع من الشركة الأساسية التي هي بمثابة quot;الجذع الرئيسquot; الذي تملكه quot;القواتquot; في الأصل.
وكانت quot;القواتquot;- حسب روايتها- تنازلت أواخر الثمانينات من العقد الماضي عن كل أسهمها في quot;أل بي سي quot; للضاهر. وكذا فعلت بمؤسسات أخرى، إعلامية وغير إعلامية، لإنقاذها في حال تعرضت المؤسسة السياسية لضربة ما وصودرت أملاكها، كما حصل فعلاً عام 1994 . في المقابل تنازل الأِشخاص الذين سجلت المؤسسات باسمهم عن ملكيتها ل quot;القواتquot; بأوراق رسمية لدى كتاب عدول . لكن ما حصل أن قانون الإعلام المرئي والمسموع الذي أقر في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي أسقط أوراق التنازل كافة وأعلن عدم الإعتراف بها واعتبرها غير ذات قيمة.
يعترف المسؤول quot;القواتي القديمquot; بصعوبة أن يربح جعجع الدعوى على الضاهر إذا اعتمد القضاء للنظر فيها quot;الأوراق الجامدةquot; باعتبار أن الضاهر ربح دعويين مشابهتين عليه ، الأولى رفعها ضده حزب الكتائب اللبنانية أيام رئيسه الراحل جورج سعادة وكان نائبه المحامي كريم بقرادوني، النائب السابق لجعجع الذي أشرف على ولادة المحطة من أيام الرئيس الراحل بشير الجميّل. والثانية رفعها الوزير السابق سليمان فرنجية ونائب رئيس مجلس الوزراء السابق عصام فارس.
في القضيتين ربح بيار الضاهر . ولدى احتدام الخلاف بينه وبين جعجع في آذار الماضي قال له : quot;أنا أحبك ، ولا أرغب في رؤيتك تخسر أماميquot;. الأرجح أنه يتكل على واقعة أن من أثبت ملكيته مرتين سواء لعقار أو غالبية أسهم مؤسسة يصعب أن يخسر دعوى مماثلة ثالثة.
لذلك يتصرف الضاهر ndash; في الظاهر على الأقل- مرتاحاً إلى وضعه القانوني. في حين يحتاج جعجع عملياً إلى وضع سياسي مريح له على مستوى البلاد ككل ، يتيح لقاضِ ينظر إلى القضية إنطلاقاً مما هو أبعد من quot;الأوراق الجامدةquot; ومن سؤال بديهي يجيب أي لبناني إذا طُرح عليه: quot; ال أل بي سي للقواتquot;. وسؤال بديهي يجب أن يوجه ndash; من وجهة نظر quot;القواتquot;- إلى الضاهر : من أين لك هذا؟ ومن أين جاءت أصول quot;المؤسسة اللبنانية للإرسالquot;؟
طبعا يصعب أن ينقض حكم قضائي في بلد كلبنان حكمين قضائيين في قضيتين مشابهتين، والدعوى ستحتاج في الأحوال الطبيعية إلى مدة طويلة قد تصل إلى سنين لتصل إلى خواتيمها. وثمة خطر ، وإن ضئيل، أن يوضع عليها quot;حارس قضائيquot; عليها فيضيع فيها القرار وتتوقف في انتظار انتهاء النظر في الملف.
لكن أجواء quot;القواتquot; توحي أن الحزب لم يعد في استطاعته التراجع، وسيمضي في هذا المسار حتى وصوله إلى quot;اللحظة السياسيةquot; الملائمة له كي يسترد المحطة ، الوحيدة الكفيلة أن تضخ لجعجع مبالغ كبيرة تمكنه من القيام بمصروفات حزبه، الذي يريده الرجل كبيراً مؤسساتياً ويترجم حجم quot;القواتquot; الشعبي غير المؤطر حتى اليوم . كما أن المحطة التلفزيونية كفيلة أن تؤمن له إطلالة فاعلة ومؤثرة في الواقع السياسي، خصوصاً في البيئة المسيحية اللبنانية. وهو لا ينسى أن الحملة التي أطلقتها quot;أل بي سي quot; ضد quot;التحالف الرباعيquot; قبيل الإنتخابات النيابية الأخيرة عام 2005 جعلت الجنرال ميشال عون يفوز ndash; مع حلفائه- ب21 مقعداً في مجلس النواب على حساب quot;لقاء قرنة شهوانquot; ومن ضمنه quot;القواتquot;.
لا يريد جعجع أن تتكرر حادثة تقوية عون على quot;القواتquot; وحلفائها، والتي لا تزال ذيولها تجرجر.
وبعض أوساطه يقول :quot;أفضل محطة ضئيلة بحجم quot;نيوتي فيquot; في يدي ، على محطة بحجم الفضائيات العربية الضخمة ولا تخدم قضية لبنان كما نراها نحنquot;. منطق لا يتوافق ومنطق الضاهر الذي أصبح رجل أعماله الذي تتوسع مشاريعه واستثماراته والتزاماته، وتجمع ما لا يجمع من المملكة العربية السعودية إلى الجماهيرية الليبية العظمى ، ومن العراق إلى مجاهل أفريقيا.
صداقة قديمة
لكن المفارقة أن الرجلين كانا أكبر صديقين ، منذ مرحلة ما بعد المراهقة . يمكن القول براحة ضمير أن والد بيار الضاهر ، الشيخ يوسف الضاهر quot;صنع quot; في حقبة البدايات سمير جعجع الذي كان يردد أمام رفاقه بعد تسلمه قيادة quot;القوات اللبنانيةquot; منتصف الثمانينات أن quot;الشيخ يوسف له أفضال عليّ وحماني وكان quot;يسوّقنيquot; ويرعاني . عندما سلّمت quot;بياروquot; مشروع التلفزيون كنت أكرّم الشيخ يوسف، فضلاً عن أنه كفوء لهذه المهمةquot;.
الشيخ يوسف الضاهر كان صهر الشيخ بطرس الخوري أحد أكبر أثرياء لبنان في السبعينات، وكان أيضا ابن خالة الرئيس سليمان فرنجية لكن هذه الصفة لم تشفع له عندما اندلع النزاع بين الكتائب وعائلة فرنجية فبعد مقتل الوزير الراحل طوني في حادثة إهدن عام 1978، حوّل آل فرنجية قصر آل الضاهر في قرية تدعى عرجس زريبة حيوانات ثم سجناً ومركزا عسكريا. وعندما أوقف جعجع عام 1994 اتصل سليمان فرنجية الحفيد ببيار الضاهر وقال له لا تخف ، أنا أحمي ال quot;أل بي سيquot;. وكان جعجع موافقاً على أن يفعل الضاهر أي شيء كي تبقى. وبعد خروج quot;الحكيمquot; من السجن ساهمت عوامل كثيرة في تزكية الخلاف والحؤول دون اتفاق بينهما، وبعضها شخصي ومن quot;البيتquot;.
التعليقات