عبد الخالق همدرد من اسلام اباد: يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية بإدارة رئيسها جورج بوش، بدأت تعيد تفكيرها في سياستها إزاء باكستان، ولا سيما في المناطق القبائلية التي تديرها العاصمة الباكستانية مباشرة عن طريق نظام العميل السياسي الذي عرفه الإنكليز قبل أكثر من قرن.

وقد نقلت الصحافة المحلية وعلى سبيل الخصوص صحيفة (ستيتس مان) الإنكليزية الصادرة في بشاور عاصمة إقليم الحدود الشمالية الغربية عن مصادر أميركية أن قسم العمليات الخاصة الأميركي يرغب في نقل تجربة تجنيد أعراف القبائل في العراق إلى المناطق القبائلية الباكستانية المتاخمة للحدود الأفغانية. وقد تم تنفيذ تلك الخطة في الأنبار حيث تم تجنيد بعض شيوخ القبائل لإنشاء مجموعات مسلحة مدججة بالسلاح الأميركي لمحاربة القاعدة وقد نجحت فيها إلى حد ما.

وأضافت المصادر أنه لم تتم الموافقة الرسمية من الجهات العليا لقسم العمليات الخاصة بيد أن البنتاغون وإسلام آباد قد تبادلا الآراء حول بعض أجزائها. وتلك الخطة تهدف إلى تجنيد أعراف القبائل وتمويلهم لإنشاء مجموعات مسلحة تحارب القاعدة والمجموعات المحلية المناصرة لطالبان. وتلك الخطة جزء من المساعدات الأميركية لتحسين تدريب حرس الحدود الباكستاني المنتشر في تلك المناطق.

من جهة أخرى، قد كتبت صحيفة نيويورك تايمز في كلمة تحريرها أن الجنرال مشرف قام بقليل جدا في سبيل طرد القاعدة وطالبان من ملاجئهم الباكستانية خلال السنوات الستة. وانتقدت الرئيس بوش بأنه على الرغم من ذلك لا يزال يصر على ربط المصالح الأميركية إلى أطوار الجنرال السلطوية. وأضافت أنه في حين ترزخ باكستان تحت وطأة الحكم العرفي فإن بوش ادعى هذا الأسبوع أن الجنرال quot; هو شخص فعلاً يؤمن بالديمقراطيةquot;.

وعلى صعيد آخر، أشارت الجريدة إلى تقرير نُقل عن مصادر البنتاغون أن بعض المخططين الأميركيين العسكريين يقترحون مزيدا من الإقحام في باكستان ويقترحون أن يمول البنتاغون محاولة لإنشاء تحالف بين كتائب الجيش الباكستاني والمقاتلين القبليين على الحدود الباكستانية الأفغانية حيث تتمتع القاعدة وطالبان بأكثر قوة. كما أن تلك الخطة تدعو إلى تعزيز دور قوات العمليات الخاصة الأميركية التي تعمل في تلك المناطق.

من جهة أخرى، أبدت الجريدة شكوكها حول نجاح خطة تجنيد أعيان القبائل جراء شكوك حول موالاة بعض الضباط من الجيش الباكستاني ولاسيما في الأوضاع الراهنة.

إلى ذلك اضاف بعض المحللين أن نقل التجربة العراقية إلى مناطق القبائل الباكستانية قد يكون سلاحًا ذا حدين لأنهم يرون أن الوضع في البلدين يختلف تماما لأسباب:

1.أن المسلحين الموالين لطالبان في المناطق القبائلية أقوى من أعيان القبائل في الوقت الحالي. وبالتالي لن يجرؤ أحد من الأعراف للانضمام إلى الأميركيين ضد أبناء قبيلته أو منطقته.

2.إن إعدام quot; الجواسيس لصالح أمريكا quot; بالذبح ووضع ورقة إلى جانبه لتحذير الآخرين من القيام بذلك العمل قد بدأ في تلك المناطق منذ عدة سنوات. وذلك ما خلف أثرًا قويًا على أهالي المنطقة. فلا يمكن لأحد أن يضحي بنفسه من أجل دولارات أميركية.

3.إن الكشف عن العاملين المحليين لصالح أمريكا لن يكون صعبًا على المسلحين بسبب كونهم من أهالي المنطقة. ذلك ما يمكنهم من جمع المعلومات بكل سهولة. في حين تلك العملية في غاية الصعوبة للدخلاء والأجانب.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن مصادر المسلحين أشارت قبل فترة وعندما تدهور الوضع الأمني في منطقة وزيرستان الشمالية إلى تواجد بعض المجهولين وهم يجيدون اللهجة المحلية من لغة بشتو وأبدت شكوكها عن كونهم جواسيس أميركيين. وإذا كان ذلك الأمر حقا فإنه من المحتمل أن الولايات المتحدة تريد إطلاق المرحلة الثانية من استراتيجيتها السرية في تلك المناطق.

كما علق مراقب على الاقتراح الأميركي الجديد بأن أميركا ترغب في كسب حرب خسرتها عن طريق جيوشها الجياشة باستخدام الدولارات؛ لكن السؤال المهم يبقى في مكانه هل يمكن للدولار أن يقف موقف الجندي الأميركي الغالي على الجبهة أمام طالبان والقاعدة؟

والرد على هذا السؤال يكمن في دراسة موسعة لروح أهالي تلك المناطق الذين لم يخضعوا لأي غاز أجنبي في تاريخهم. كما أن هروب القوات المتدربة من الجيش الأفغاني الوطني ليتحدث عن ذلك بكل وضوح.

إلى ذلك نصحت نيو يورك تايمز واشنطن في نهاية كلمتها بأنها تحتاج إلى تعامل مع الوضع السياسي في باكستان والذي يمثل تهديدًا لمصالح باكستان وأميركا الاستراتيجية الجوهرية قبل اقتحام القوات الأميركية عمق المناطق الحدودية الباكستانية.