تفاهم مشترك
وأعلن الرئيس الاميركي جورج بوش اثناء افتتاحه المؤتمر صباح الثلاثاء، أن الفلسطينيين والاسرائيليين توصلوا إلى quot;تفاهم مشتركquot; اتفقا بموجبه quot;على البدء فورًا بمفاوضات ثنائية بنوايا طيبة من أجل التوصل إلى اتفاق سلام يتضمن حلاً لجميع المسائل العالقة بما فيها القضايا الأساسية من دون استثناء، مثلما نصت عليه الاتفاقات السابقةquot;. وأكد الطرفان انهما سيبذلان quot;اقصى جهد ممكن من اجل التوصل الى تسوية قبل نهاية 2008quot;. كما اعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس أن مفاوضات السلام الفلسطينية-الاسرائيلية ستبدأ اليوم الاربعاء في البيت الابيض بين رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وقد حدد التفاهم المشترك الذي توصل إليه الجانبان قبل دقائق من افتتاح المؤتمر، يوم الثاني عشر من ديسمبر/ كانون الاول المقبل موعدًا لإنطلاق هذه المباحثات التي ستشمل القضايا الخلافية الكبيرة الخاصة بالوضع النهائي.
وقد قرأ الرئيس الاميركي فقرات من التفاهم الذي، الذي يعد نصرًا للجهود الاميركية الحثيثة للتقريب بين الجانبين خلال الشهور الماضية، خلال افتتاح المؤتمر الذي عقد في قاعدة ميرلاند بالقرب من العاصمة الاميركية واشنطن. بخلاف الاطراف الثلاثة الاميركية والاسرائيلية والفلسطينية، شهد اللقاء حضورًا دوليًا كثيفًا ضم مسؤولين كبار ممثليين لنحو 50 دولة ومنظمة دولية من بينهم 16 دولة عربية.
القدس والدولة الفلسطينية
وباستثناء نهاية 2008 خلا التفاهم من اي جدول زمني ملزم وهو ما شدد عليه القادة الفلسطينيون ودول عربية من اجل اقامة دولة فلسطينية. وبدلاً من ذلك تضمنت الوثيقة تعهدًا من ايهود اولمرت رئيس الوزراء الاسرائيلي بـquot; بذل كل جهد للتوصل الى اتفاق قبل نهاية عام 2008quot;. وبذلك لم يتفق الاسرائليون والفلسطينيون على شيء سوى ان يتفاوضوا وصولاً لاتفاق. وذلك هو ما اعلنه بوش في كلمته من أن المؤتمر يهدف لإعادة اطلاق مفاوضات السلام في منطقة الشرق الأوسط وليس التوصل إلى اتفاق.
وبعيدًا عن القضايا الصعبة مثل القدس واللاجئين وحدود الدولة، لم يتضمن التفاهم حتى تعهدًا اسرائيليًا بوقف الاستيطان، وهو مطلب فلسطيني ملح. حتى في خطابه للمؤتمر لم يأت اولمرت على ذكر كلمة quot; مستوطناتquot; التي يخشى الفلسطينيون من ان تدمر الامل باقامة دولتهم.
وقد اتفق الجانبان الاسرائيلي والفلسطيني على انشاء quot;مجموعات عملquot; للتركيز على مستقبل القدس والحدود ومصير اللاجئين الفلسطينيين. ورفضت اسرائيل مطلب فلسطيني بتكوين لجنة امنية ثلاثية من الاسرائيليين والفلسطينيين والاميركيين متعللة بمخاوفها من الاشتراك في معلومات مخابراتية حساسة واتفق الطرفان بدلاً من ذلك على تكوين quot; آليةquot; ثلاثية تقودها الولايات المتحدة.
وأوضح الرئيس الاميركي أن تحقيق هدف دولتين فلسطينية وإسرائيلية تعيشان جنبا الى جنب في سلام بعد عقود من الصراع وإراقة الدماء لن يكون سهلاً، ولكنه ناشد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي العمل معًا من اجل صالح شعبيهما. واوضح ان امن إسرائيل سيتعزز بوجود دولة فلسطينية مسؤولة، وقال عليناquot; أن نحقق الانتصار على المتطرفين الذين يسعون لفرض رؤيتهم على الشعب الفلسطينيquot;. وحذر بوش مما اسماه حربًا لا نهاية لها إذا سادت هذه quot;الرؤية الظلامية في الشرق الاوسطquot;. وجدد الرئيس الاميركي التزامه الشخصي وتسخير الإمكانات الاميركية لتحقيق السلام في الشرق الأوسط، الا انه قال إن كلا الجانبين سيتحتم عليه القبول بتنازلات صعبة مطلوبة لتحقيق السلام.
المفاوضات تبدأ اليوم
واعلنت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس ان مفاوضات السلام الفلسطينية-الاسرائيلية ستبدأ اليوم الاربعاء في البيت الابيض بين اولمرت وعباس. وقالت رايس للصحافيين في ختام مؤتمر انابوليس ان quot;بوش دعاهما الى البيت الابيض لافتتاح المفاوضاتquot;. ولم تشأ رايس التي بدت متعبة بعد ان امضت ساعات طويلة خلال اليومين الماضيين في التفاوض حول صياغة البيان الفلسطيني-الاسرائيلي المشترك مع الفلسطينيين، الاجابة على اسئلة الصحافيين.
واضافت ان مؤتمر انابوليس quot;هو اكبر حدث من هذا النوع مرتبط بالشرق الاوسط يجري على الارض الاميركيةquot;.وتابعت quot;على الرغم من ان مؤتمر انابوليس تمحور حول السلام الفلسطيني -الاسرائيلي الا ان مناقشات جرت حول السلام الشاملquot;.
واكد البيت الابيض الثلاثاء ان زيارة لبوش الى اسرائيل او الاراضي الفلسطينية تبقى احتمالا واردًا. من جهة اخرى، قال البيت الابيض ان بوش عدل خططه الاولى وسيستقبل اليوم الاربعاء اولمرت وعباس في مكتبه في واشنطن. ولم يقم بوش المتهم باهمال النزاع الاسرائيلي الفلسطيني، بزيارة من هذا النوع سوى مرة واحدة في 1998، عندما كان حاكمًا لولاية تكساس. وقد حلق بمروحية برفقة ارييل شارون فوق اسرائيل والاراضي الفلسطينية.
ولم يكن النزاع خلال السنوات السبع للولاية الرئاسية لبوش دافعا لزيارة له الى المنطقة سوى مرة واحدة عندما توجه الى مصر والاردن في 2003. ويبدو ان مسألة زيارة لبوش الى المنطقة اصبحت ملحة الثلاثاء قبل عام تقريبا من انتهاء ولايته، مع الاعلان عن استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين.
وقالت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان بوش quot;قال مرات عدة انه اعجب برحلته الى اسرائيل عندما كان حاكمًا (لتكساس) وانه بطبيعة الحال يود العودة الى هناك. اذا تفاهمنا على ذلك وتمكنا من تنفيذ الخطط سنبلغكم بذلكquot;. واشارت بيرينو الى quot;العديد من الاسبابquot; التي جعلت بوش يهمل المنطقة quot;بما فيها الامنquot;. ورأت ان الرئيس بوش برهن على التزام قوي للعمل من اجل السلام ورحلة من هذا النوع لن تغير شيئا.
لكن بيرينو قالت بشكل واضح ان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس التي زارت المنطقة ثماني مرات هذه السنة وحدها quot;ستتحمل جزءا كبيرا من عبءquot; الرحلات لتنفيذ الاتفاق الذي اعلن الثلاثاء. واشارت الى ان بوش قال ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يقيمان على بعد خطوات عن بعضهما. وتابعت ان بوش سيستقبلهما اليوم الاربعاء، بينما كان من المقرر ان يقتصر برنامج الاربعاء على بدء محادثات بينهما.
واعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان مؤتمرا دوليا سيعقد في 17 كانون الاول/ديسمبر في محاولة quot;لجمع الاموال لتحقيق قيام دولة فلسطينيةquot;.واعربت روسيا عن استعدادها تنظيم اجتماع حول النزاع الاسرائيلي-الفلسطيني وحول المسارين اللبناني والسوري في موسكو على ما قال وزير خارجيتها سيرغي لافروف. غير ان كوشنير اوضح ان موعد هذا الاجتماع لم يتحدد ولكنه سيعقد quot;اعتبارًا من نهاية كانون الثاني/يناير على الارجحquot;.
وزير اسرائيلي
الى ذلك، وصف وزير التجارة والصناعة الاسرائيلي ايلي يشائي مساء الثلاثاء الادارة الفلسطينية بانها quot;شريك مفترضquot;.وقال لمحطة التلفزيون الاسرائيلية العامة quot;ادعم عملية السلام مع شريك حقيقي ولكن حتى الان شريكنا مفترضquot; في اشارة الى عباس. يشار الى ان يشائي يتزعم حزب شاس المتطرف (12 نائبا) وهو احد اعضاء الائتلاف الحكومي برئاسة اولمرت.واضاف quot;حتى الان، فشلت الادارة الفلسطينية في احترام تعهداتها للمرحلة الاولى من +خارطة الطريق+ اي تفكيك المنظمات الارهابيةquot;.
وخارطة الطريق هي خطة تسوية دولية للنزاع تنص على قيام دولة فلسطينية على مراحل في 2005 الى جانب اسرائيل، اعتمدت في حزيران/يونيو 2003 لكنها بقيت حبرًا على ورق.وأعدت هذه الوثيقة في كانون الاول/ديسمبر 2002 اللجنة الرباعية الدولية للشرق الاوسط المؤلفة من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة. واشار يشائي من جهة اخرى الى ان المفاوضات مع الفلسطينيين لا تتناول حاليًا تقسيم محتمل لمدينة القدس في اطار تسوية النزاع.
التعليقات