فاخر السلطان من الكويت: في ظل الأزمات المتلاحقة التي عصفت بوزيرة التربية الكويتية نورية الصبيح خلال أسبوع، يبدو أن نواب مجلس الأمة، وبالذات الإسلاميين الذين يعتقدون أن الوزيرة تهدف لنشر رؤاها الليبرالية في مجال التعليم، قرروا تقديم استجواب ضدها على خلفية قضيتين شهدتهما الكويت الأسبوع الماضي ولم تنته تداعياتهما. الأولى، هي إقالة مجلس الوزراء لوكيل وزارة التربية جاسم العمر بطلب من الوزيرة بذريعة عدم تعاونه معها. والثانية، بيع كتب جنسية في معرض للكتاب تم تنظيمه في إحدى كليات البنات (كلية الدراسات التجارية) التابعة للتعليم التطبيقي.

وأكدت صحيفة عالم اليوم خبر استجواب الصبيح في عددها اليوم حينما أشارت إلى نية مجموعة من النواب تقديم صحيفة الاستجواب ضد الوزيرة غدا أو بعد غد من أجل أن تتم مناقشته في جلسة مجلس الأمة بتاريخ 25 ديسمبر الجاري، مشيرة إلى أن الاستجواب ستقدمه مجموعة نواب الكتلة الاسلامية المستقلة، وسيتطرق إلى quot;فضيحةquot; الكتب الجنسية. وقالت أيضا أن كتلة العمل الوطني البرلمانية (ليبرالية) لم توافق على الاستجواب.

وكانت وزيرة التربية أكدت قبل يومين، ردا على مطالبة النواب باستقالتها أو إقالتها في ضوء قضية الكتب الجنسية وإعفاء وكيل وزارة التربية من منصبه، أن استقالتها ليست مشكلة إذا كان هناك ما يوجب هذه الاستقالة. واشارت الى ان الأخطاء في الوزارات وفي مجالات العمل المتفرعة داخل الوزارات واردة, نافية بشدة اية مسؤولية لوزارة التربية في السماح بتواجد بعض الكتب الجنسية في كلية الدراسات التجارية.

من جانبها انتقدت الناشطة السياسية المحامية ليلى الراشد النهج الذي يتبعه مجلس الأمة في دوره الرقابي على أداء الوزراء، حيث خلا من الموضوعية وتحري المصلحة العامة بشكل طغت عليه المصلحة الذاتية للنائب والمقربين منه على حساب مصلحة المواطنين. وقالت المحامية الراشد في بيان صحفي إن الأدلة على انحراف أداء الكثير من النواب كثيرة ومعلومة لدى الشعب الكويتي، ولعل المبالغة في التركيز على وزيرة التربية وصلت إلى مرحلة لا يقبلها العقل ولا المنطق وكأن البلد قد خلا من القضايا الشائكة والأولويات التي ينتظرها المجتمع الكويتي من ممثليه، وما يبعث على السخرية والاشمئزاز الدوافع التي يتسابق عليها أولئك النواب مثل تثبيت أحد المسؤولين في وزارة التربية في قطاع معين من أجل تمرير مصالح أولئك النواب ومن أجل تحقيق رغبة ذلك المسؤول الذي يرتبطون به بصلة القربى أو مصلحة انتخابية أخرى واضحة كوضوح الشمس للمجتمع الكويتي، وهذا هو السبب الوحيد للتصعيد ضد الوزيرة نورية الصبيح التي ترفض الابتزاز وتنفيذ رغبات المحتشدين ضدها إيمانا منها بوجوب تنفيذ ما يمليه عليها ضميرها وتراه صحيحا، وهي على حق مطلق في ذلك لسببين رئيسيين أولهما: انها مساءلة سياسيا أمام البرلمان في حالة التقصير في أداء دورها كوزيرة للتربية على الوجه الصحيح، وهذا لن يتم إلا من خلال إسناد تنفيذ المهام إلى أشخاص ترى فيهم القدرة على التنفيذ وترجمة ما تطمح وتتطلع إليه إلى أفعال ملموسة وأزمان مناسبة، والسبب الآخر هو انه لا يختلف اثنان على انها بنت التربية، فقد تدرجت فيها من سلك التدريس إلى أن وصلت إلى هذا المنصب خلال ما يربو على ثلاثين عاما وهذا يؤكد قدرتها على إدارة شؤون هذه الوزارة بشكل سليم.

وقالت الراشد إن استمرار الأعضاء شبه المتخصصين في التصعيد عليهم أن يحترموا أولويات مجتمعهم ويتخلوا عن أساليب المبالغة في إرضاء أشخاص على حساب مصلحة الشعب الكويتي الذي أتى بهم لتمثيله وتحقيق ما يصبو إليه من تطلعات.

إلى ذلك قالت جمعية المعلمين الكويتية ndash; التي يهيمن عليها التيار الإسلامي - ان الذي يحدث في وزارتنا ربما بات من الاسئلة التي تفرض نفسها وبشكل واسع وكبير جدا لا على الساحة التربوية فحسب، وانما المجتمع بأكمله.

واضافت الجمعية في بيان ان الذي يحدث حاليا في وزارتنا وما الذي يدور في ذهن وزيرة التربية؟ والى اين هي ماضية في نهجها التصادمي المتقلب المثير والذي وضع التربية بأكملها على شفا حفرة من الضياع والانهيار، واللا استقرار، وسار بها الى طريق مظلم مجهول؟ واوضحت الجمعية ان اقالة وكيل وزارة التربية جاسم العمر من قبلها في سابقة غير متوقعة وفي ظل اجواء ملبدة ومبررات مستغربة ومثيرة للجدل والاستخفاف جاءت متوافقة مع هواجسنا ومخاوفنا التي سبق ان عبرنا عنها وما اشرنا اليه مرارا وتكرارا من وجود توجه خطير للغاية من قبل الوزيرة وممارسات ما عادت بحاجة الى اكثر من تفسير، والآخذة في التصاعد والمكابرة والغلو.

وذكرت الجمعية ان الوزيرة الصبيح اتخذت المسار الذي لم نكن في يوم من الايام نأمله ولا يمكن له ان يخدم مسيرتنا التعليمية بأي حال من الاحوال ومهما كانت المبررات والغايات. واشارت الى ان المسألة باتت واضحة تماما، ولا تحتاج الى اكثر من تفسير وها هي الوزيرة الصبيح كما هي عندما كانت وكيلة للتعليم العام تهوى التصعيد وخلق الازمات، دون ادراك خطورة القرارات التي تتخذها وابعادها السلبية المؤثرة على استقرار ميداننا التربوي وعلى خططه وبرامجه وعلى مستقبل مسيرتنا التعليمية بشكل عام.