برلين: رغم أن حوالي خمس سكان ألمانيا من أصول أجنبية إلا إنه من الملاحظ غياب شبه كلي لهؤلاء في وسائل لإعلام الألمانية سوا كمشاركين في صنع العملية الإعلامية أو كمتلقين، علاوة على سيادة الصور النمطية والكليشيهات الجاهزة.

تشير الإحصاءات إلى أنه يعيش في ألمانيا حوالي خمسة عشر مليون شخص ينتمون إلى أصول أجنبية أو أن احد أبويهم أجنبي؛ وهذا يعني إن خمس سكان ألمانيا لهم جذور أجنبية. لكن الواقع على صعيدي الإعلام والسياسة في البلاد لا يعكس هذه الحقيقة، فحتى وفت قريب ساد اعتقاد بأن الأجانب quot;ضيوفquot; قدموا للعمل وسيعودون إلى بلدانهم، وهو ما يعني أن وسائل الإعلام الألمانية ظلت تتعامل مع هؤلاء على هذا الأساس.

وتظهر الأبحاث أن نسبة الأجانب الذين يعملون في المؤسسات الإعلامية الألمانية، لاسيما في التلفزيون لا تتناسب نسبتهم في المجتمع، كما أن حجم تناول القضايا المتعلقة بهذه الشريحة الاجتماعية ضئيل جدا، وإن حدث وان تناولت وسائل الأعلام قضايا ذات صلة بهذه الشريحة، فإنها كانت تتم من منظور يغلب عليه طابع النمطية. هذا الموضوع quot;الأجانب في الإعلام الألمانيquot; كان قضية للنقاش في مؤتمر خاص عقد مؤخرا في برلين.

تقول كريستينا اورتنر بأن الأجانب يمثلون في الغالب في أدوار نمطية يغلب عليها quot;الكليشيهاتquot;؛ فالمرأة البولندية تظهر كخادمة منزلية، وكذلك هو الحال بالنسبة quot;للخادمة التركيةquot; التي تتحدث اللغة الألمانية بطريقة رديئة. ويظهر quot;الأجنبيquot; في التليفزيون الألمانية في الغالب هي صورة شخص مثير للمشاكل أو شرير أو مثير للضحك، كما توكل لهم أدوار جانبية معينة. وفي هذا السياق يقول الفنان التركي عدنان مارال بأنه شارك في ثلاث حلقات في المسلسل البوليسي quot;موقع الجريمةquot;، كبائع خضروات أو طالب لجوء سياسي، كما مثل في أفلام ومسلسلات عديدة أخرى أيضا دور بائع الخضروات التركي والذي اسمه دائما محمد. و تساءل مارال عما إذا كان كتاب السيناريو والمخرجون عديمي الخيال إلى هذا الحد؟

الصورة بدأت تتغير!
ولأنه كان نادرا ما يشاهد المرء quot;وجها أجنبياquot; لمذيعة أو مذيع على شاشة التلفزيون الألماني، فقد اثأر ظهور دنيا الهيالي قبل بضعة أشهر على القناة التليفزيونية الثانية كمقدمة أخبار بعض الاستغراب. وتقول الهيالي بأنها كانت دائما قبل كل شيء تسأل عن أصولها الأجنبية. وتضيف المذيعة الشابة quot;في البداية شعرت بالضيق، وأحسست أن المهم بالنسبة للآخرين هو جذوري الأجنبية، أما مؤهلاتي وخبراتي الصحفية فهذا ليس شيئا مهما وثانويا. كان المهم بالنسبة للبعض أنني لست ألمانية، لكن أنا ألمانية، حيث وُلدتُ هنا. صحيح إن والديَّ من أصل عراقي، لكن لا احد فينا يختار أبويه، هذه هي الحقيقةquot;.

لكن بدأت المحطات التليفزيونية الألمانية في السنوات القليلة الماضية تبذل جهودا لا بأس لنقل صورة واقعية عن المجتمع، ربما انطلاقا من أدراك هذه الوسائل الإعلامية بأنه ليس من المنطقي والعملي إهمال شريحة اجتماعية قوامها خمسة عشر مليون نسمة، ولا يوجد محطة تليفزيونية تستطيع الاستغناء عن شريحة بهذا الحجم. فالقناة الأولى ARD تقدم مثلا مسلسلا جديدا يحكي قصصا عن عائلات تركية وألمانية، ويقوم الممثل عدنان مارال بدور البطولة فيه.

كما أن المسلسل البوليسي quot;موقع الجريمةquot; بدأ هو الأخر يتغير، فقريبا سيظهر الممثل التركي مهمت كورتولوس Mehmet Kurtulus في المسلسل، ليس في دور ثانوي كبائع فواكه وخضروات كما جرت العادة، وإنما في الدور الرئيسي في المسلسل؛ أي كمفتش.