بارزاني يرفض توقيع قانون الصحافة الجديد ويعيده إلى البرلمان
الهاشمي يتحفظ على مفاوضات واشنطن وطهران نيابة عن بغداد

أسامة مهدي من لندن: أكد نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي تحفظه على تخويل دولة أجنبية حتى لو كانت صديقة بالحوار أو التفاوض نيابة عن العراقيين في إشارة الى المفاوضات الإيرانية الأميركية حول أمن العراق، مشددًا على ضرورة حضور العراقيين إجتماعاتها ومشاركتهم بالإتفاقات التي يتوصل إليها الجانبان... بينما نجحت إحتجاجات صحافية واسعة على قانون جديد للعمل الصحفي في إقليم كردستان في دفع رئيس الإقليم مسعود بارزاني إلى رفض توقيعه وإعادته إلى البرلمان الذي وافق عليه الثلاثاء الماضي لقراءته مجددًا وفقًا لمقترحات يتقدم بها الصحافيون الكردستانيون. فخلال إجتماع الهاشمي مع الوفد الإيراني المفاوض مع وفد الولايات المتحدة حول الأمن في العراق برئاسة معاون الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي محمد جعفري وعضوية السفير الإيراني حسن كاظمي قمي. بحث الطرفان جملة من القضايا الهامة أبرزها المحادثات الأميركية الإيرانية المرتقبة بعد عطلة عيد الأضحى حول العراق. وأكد الهاشمي تحفظه على تخويل دولة أجنبية حتى لو كانت صديقة بالحوار أو التفاوض نيابة عن العراقيين... وقال إنه quot;لذلك فإنه لا مناص من حضور العراقيين هذه الإجتماعات والمشاركة بالإتفاقات التي يتوصل إليها المتفاوضونquot; كما نقل عنه بيان لمكتبه الصحافي.

وبشأن الأمن الداخلي العراقي أشاد الهاشمي بمشروع مجالس الصحوات مؤكدًا على أنها تمثل اليوم مشروعًا وطنيًا، وقال إن جهود الحزب الإسلامي العراقي quot;الذي يتزعمهquot; منصبة في تنظيم هذه المجاميع المتطوعة تمهيدًا لإنخراطها في صفوف القوات المسلحة. وأشار إلى أن هذه المجالس قد قاتلت الإرهاب، ولذلك فإن الموقف السياسي العقلاني يتطلب دعمها وزجها بالقوات المسلحة دون تأخير أو تردد. وتم خلال الاجتماع مناقشة الامور المتعلقة باتفاقية بعيدة المدى التي يزمع العراق والولايات المتحدة الدخول في مفاوضات حولها مطلع العام المقبل لتوقيعها منتصف العام نفسه، أكد نائب الرئيس العراقي quot;أن هذه المسألة متروكة للعراقيين بما يحقق الأمن الوطني الإقليميquot;.

واشار الهاشمي الى ان عدم حضور إيران إلى مؤتمر القمة الرابعة لأمن الخليج الذي عقد في المنامة الاسبوع الماضي لم يكن في صالحها كونها طرفًا في المعضلة الأمنية في المنطقة. وشدد على ضرورة حل مشكلة الملف النووي الإيراني من خلال المفاوضات والحوار بشأنها. وكان الرئيس طالباني قد اجتمع السبت الماضي مع الوفد الإيراني نفسه مؤكدًا quot;استمرار العراق في بذل الجهود مع الجانبين الإيراني والأميركي بغية الوصول إلى نتائج مثمرة خلال الجولة المقبلة لهذه المفاوضات مشددًا فخامته على أهمية أن يتفق الطرفان لما فيه خير العراق ليسهم في تطوير العلاقات الأميركية الإيرانية بحسب بيان رئاسي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot;. وأكد الرئيس طالباني والوفد الإيراني على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية وتقوية أواصر التعاون والتنسيق بين البلدين .

وكان من المفترض ان تبدأ اليوم في بغداد جولة رابعة من المفاوضات الاميركية الايرانية لكن مسؤولاً عراقيًا رفيعًا في وزارة الخارجية قال امس الاول ان هذه المفاوضات وهي على مستوى الخبراء قد تأجلت الى إشعار آخر بسبب مشاكل فنية تتعلق بمواعيد المسؤولين من البلدين. وقال لبيد عباوى وكيل وزير الخارجية العراقية إن quot;اللقاء الايراني الاميركي ارجئ بسبب مشاكل فنية تتعلق بمواعيد المسؤوليين من كلا البلدين الولايات المتحدة وايرانquot;. واضاف ان quot;الوزارة تعمل على تضبيط المواعيد المناسبةquot; مؤكدا انه quot;لم يتم تحديد موعد جديد للقاءquot;... لكنه اكد ان quot;الموعد الجديد سيكون قريبًاquot;.

وكان وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري اعلن الاسبوع الماضي ان جولة رابعة من المحادثات حول امن العراق بين ايران والولايات المتحدة ستعقد اليوم الثلاثاء. وقال ان quot;المحادثات ستكون فنية ليس على مستوى السفراء انما على مستوى الخبراءquot;، موضحًا ان جولة المباحثات ستكون الرابعة لكنها quot;ليست الاخيرةquot;. واضاف ان quot;هذه اللجنة الفنية تتضمن خبراء في المجال الامني والعسكري والسياسي وستركز على القضايا الامنيةquot;.

بارزاني يعيد قانون الصحافة الجديد الى البرلمان لقراءة اخرى

نجحت احتجاجات صحافية واسعة على قانون جديد للعمل الصحافي بإقليم كردستان في دفع رئيس الاقليم مسعود بارزاني الى اعطاء تعليماته لاعادة القانون الى البرلمان الذي وافق عليه الثلاثاء الماضي لقراءته من جديد وفقًا لمقترحات يتقدم بها الصحافيون . جاء ذلك خلال اجتماع بارزاني في مصيف صلاح الدين (360 كم شمال بغداد) مع مسؤول وأعضاء المكتبين المركزيين للإعلام في الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس جلال طالباني والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسته الذين قدموا ملاحظات حول مشروع قانون الصحافة الجديد. واشار الاعلاميون الاكراد هؤلاء الى ان المشروع، وعلى الرغم من إحتوائه على بعض العناصر الايجابية إلا أنه يتضمن أيضًا نواقص تحتاج الى المعالجة. ثم قدم المكتبان مشروعًا خاصًا به الى بارزاني داعين الى إعادة قانون الصحافة الجديد الى البرلمان من أجل إجراء مزيد من المناقشات بخصوصه.

وأشار رئيس اقليم كردستان في كلمة له الى انه لا يعارض مطلقًا توجيه الاعلام إنتقاداته الى السلطة، ولكن هذه الانتقادات يجب ان تكون بناءة وتخلق توازنًا بين الحرية التامة والكتابات التي تستهدف تشويه السمعة. وقال مؤكدًا quot;إن اي قانون لا يأخذ مصلحة الشعب بالاعتبار فإنه من الافضل ألا يصدر مطلقًاquot;. وشدّد على الحاجة الى إجراء المزيد من الدراسة على القانون، داعيًا مكتبي الاعلام للحزبين الرئيسين الحاكمين في كردستان الى توحيد مقتراحاتهما ازاء القانون وتقديمها الى البرلمان .

واثر ذلك اصدر مجلس نقابة صحافيي كردستان الليلة الماضية بيانًا، قالت فيه انه بعد الاجتماع مع بارزاني وquot;تقديم التوضيحات الضرورية حول عدد من مواد وفقرات القانون التي باتت محل قلق النقابة لأنها تؤدي الى تضييق مساحة حرية الصحافة في كردستان طلب مجلس النقابة من من رئيس الاقليم أن يمارس صلاحياته القانونية لإعادة القانون الى البرلمان الكردستاني بهدف مناقشته من جديد حتى يصبح منسجمًا مع أهداف ومطالب صحافيي كردستانquot;. واكدت النقابة ان السيد رئيس الاقليم قد عبر عن دعمه الكامل لحرية الصحافة وأبلغ المجلس بأنه لن يوقع على القانون المذكور وسيعيده الى البرلمان الكردستانيquot;.

وكانت نقابة صحافيي كردستان قد طالبت الاحد الماضي بارزاني بعدم التوقيع على القانون وإعادته الى البرلمان لمناقشته من جديد بسبب الإنتقادات التي وجهت إليه. ورفض العديد من المنظمات وصحافيون أكراد ا قانون العمل الصحافي الجديد مؤكدين أنه مخالف للدستور، ويفرض قيودًا على حريات الصحافة من خلال فرض عقوبات بالسجن والغرامة على الصحافيين وتعطيل صحفهم.

وأكد مرصد الحريات الصحافية في العراق في بيان الاحد، رفضه إقرار مشروع القانون وأشار إلى أن أبرز النقاط التي يجد المرصد ضرورة إدانتها والعمل على عدم إقرارها بكل الوسائل المتاحة هي الفقرات التي تفرض قيودًا قاسية على العمل الصحافي. واوضح ان من هذه المواد المرفوضة فرض عقوبة الحبس على الصحافيين في إقليم كردستان وإدراج عقوبات أشد خطورة ضمن فقرات مشروع القانون منها غلق المؤسسة الإعلامية لمدة ستة أشهر وتعطيل الصحف ومنع توزيعها في الأسواق وفرض غرامات مالية باهظة على المؤسسات الإعلامية والصحافيين تصل إلى عشرين مليون دينار عراقي (حوالى 17 الف دولار). وأوضح أن العديد من فقرات المشروع تخالف الدستورالعراقي الجديد الذي نص على حرية النشر والتعمير وضمان حريتهما ومنع التجاوزعليهما.

وقال مستشار مرصد الحريات الصحافية القانوني إن مشروع العمل الصحافي هذا، قد ألزم روؤساء التحرير بعضوية نقابة صحافيي الاقليم وهذا بحد ذاته يعد خرقًا للفقرة (39) ثانيًا من الدستور العراقي التي تنص على انه quot;لا يجوز اجبار احد ٍ على الانضمام الى اي حزب ٍ او جمعية ٍاو جهة ٍ سياسية ٍاو اجباره على الاستمرار في العضوية فيها quot;. وقال المرصد ان رفضه القاطع لهذه الفقرات يرجع الى كونها تفرض قيودًا على حرية الاعلام وترجع الصحافة الى العهود المظلمة السابقة والتي كانت تحجم عمل الصحافيين وحريتهم وتخضعهم لرقابة شديدة مع التهديد والوعيد.

وقد اصدرت الصحف المستقلة في الاقليم ( هاولاتى ، ئاوينة ، روزنامة ) وعدد كبير من الصحافيين المستقلين بيان شجب للفقرات الجديدة التي اضيفت الى القانون من قبل البرلمان الكردستاني . وجاء في نص البيان quot;هكذا فقرات تهدد الصحف في كل عدد تصدره وتضع الصحافيين امام خطر المحاكمة والسجن والملاحقة القضائية quot;. وابدى صحافيون وروؤساء تحرير رفضهم التام لهذا المشروع حيث قال ئاسوس هيردي رئيس تحرير صحيفة quot;ئاوينةquot; انه يخشى على الحريات الصحافية بسبب العديد من الفقرات التي جاءت في التعديل الاخير الذي اجري داخل برلمان الاقليم على مشروع قانون تنظيم العمل الصحفي. واضاف ان اي حكم على الصحافيين ممكن ان quot;يشكل خطرًا كبيرًاquot; عليهم خاصة في ظل قانون مكافحة الارهاب المطبق في الاقليم وقال quot;نحن شهدنا دفن الحريات الصحافية quot; في يوم اقرار القانون. وشبه هيردي العديد من فقرات مشروع القانون بالـ quot; مطاطية quot; كونها لم توضح معنى ابقاء الصحافة في اطار العادات والتقاليد الاجتماعية وعدم السماح لها بنشر معلومات سرية تخل بالأمن القومي للاقليم كما جاء في القانون .

ومن جهته، وصف رئيس تحرير صحيفة quot;هاولاتىquot; عبد عارف اقرار مشروع العمل الصحافي الجديد هذا بأنه quot; اجحاف كامل بحق الصحافيين quot;. وقال انه quot;لا يمكننا العودة الى الاساليب القديمة في التضيق على الحريات الصحافية بعد اكثر من 17 عامًا من الحريةquot;. واضاف quot;ان فقرات السجن والغرامات والمصادرة quot; تهدد الصحف في كل عدد تصدره وتضع الصحفيين امام خطر المحاكمة والملاحقة القضائية quot;.

ويتضمن القانون اربعة فصول تضمنت 20 مادة . وتتعلق هذه الفصول بـ : التعاريف ، شروط اصدار الصحف ، واجبات وحقوق الصحافي ،الاجراءات القانونية بحق الصحافي. وفي الاسباب الموجبة لاصدار هذا القانون يشير نصه الى انه quot;اصبحت للصحافة اهمية بالغة في مجتمعنا الكردستاني وهي تتمتع بآفاق واسعة من الحرية في ظل التجربة الديمقراطية في اقليم كردستان حيث تطورت الصحافة مما يتطلب تشريعًا خاصًا ينظم العمل الصحافي بشكل يواكب روح العصر وتطوراته واهمية الصحافة تتمثل في تمكين المواطن من الاطلاع على حقيقة الافكار والاحداث لما في ذلك من تأثير فعال ومباشر في تطوير وعيه القومي والوطني ورفع مستوى ثقافته وقدراته الذهنية والعقلية للتعبير عن آرائه بشكل مؤثر في الرأي العام .. ومن اجل تحقيق ذلك كان لا بد من تنظيم حرية الصحافة بشكل يضمن احترام حقوق الجميع في اطار القانون ومن هذا المنطلق فإن حماية حقوق الصحافي والتزامه بواجباته المهنية كفيلان بالوصول الى الهدف الذي يصب في مصلحة المجتمع ولأننا نخطو نحو تحقيق المجتمع المدني الكردستاني فلا بد من اصدار هذا القانونquot;.