إسلاميون يعتبرون إلغاءها رسالة خاطئة للمجرمين وإشتراكيون يرون العكس
عقوبة الإعدام تثير نقاشا ساخنا في البرلمان المغربي

البرلمان المغربي
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تحولت قبة البرلمان المغربي، إلى ساحة لنقاش ساخن بين مؤيدي ومعارضي إلغاء عقوبة الإعدام، ما إضطر إلى عقد جلسة ثانية ستخصص لرد وزير العدل على أسئلة ومداخلات النواب. وخلّف تدارس وضعية حقوق الإنسان في المغرب، الذي نظم بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان بحضور وزير العدل عبد الواحد الراضي، تباينا واسعا في الآراء، إذ اعتبر المؤيدون للعقوبة بأنها quot;وسيلة للحد من الجريمة، خاصة القتل العمدquot;، فيما قال المطالبون بإلغاء الإعدام إنها quot;تمس بأسمى حق من حقوق الإنسان ألا وهو الحق في الحياةquot;.

وفي هذا الإطار، دافع النائب أبو زيد المقرئ الإدريسي، من فريق العدالة والتنمية (معارضة)، عن ضرورة الإبقاء على عقوبة الإعدام، وأن إلغاءها سيكون بمثابة quot;رسالة خاطئةquot; للمجرمين، قد تساهم في استفحال مظاهر الجريمة، مشيرا إلى أن عددا من البلدان التي لها باع طويل في الديمقراطية وحقوق الإنسان ما زالت متشبثة بتنفيذ عقوبة الإعدام. بالمقابل، اعتبرت لطيفة اجبابدي، من الفريق الاشتراكي (أغلبية)، أنه quot;آن الأوان لإلغاء عقوبة الإعدامquot;، مبرزة أن quot;فكرة القصاص لم تعد تتلاءم والتطور الذي عرفه مفهوم العقاب في المجتمعات البشريةquot;.

من جانبه، قال الحبيب الشوباني، من فريق العدالة والتنمية، إن عقوبة الإعدام تعد quot;إشكالية معقدة لها امتدادات دينية وثقافيةquot;، داعيا إلى فتح نقاش quot;واسع ومنضبطquot; قصد التوصل إلى صيغة توافقية تنسجم وخصوصية المجتمع المغربي. وتطرقت المداخلات خلال هذا الاجتماع أيضا إلى التطورات التي عرفها ملف حقوق الإنسان في المغرب، في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأجمع النواب على أن المغرب حقق مجموعة من المكتسبات على صعيد تدبير هذا الملف، معتبرين أن بعض التجاوزات التي يجري تسجيلها من حين لآخر تشكل حالات استثنائية. كما نوهوا بالعمل الذي قامت به هيئة الإنصاف والمصالحة في الكشف عن انتهاكات الماضي وجبر الضرر، وإعادة إدماج ضحايا الانتهاكات في الحياة العامة.

من جهته، أكد بلعسال شاوي، من الفريق الدستوري (معارضة)، ضرورة التركيز على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كالحق في الشغل والتعليم والصحة والسكن، مشيرا إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تندرج في صميم ضمان حقوق الإنسان بمفهومها الشمولي. يأتي هذا في وقت امتنع المغرب، إلى جانب 28 دولة، عن التصويت، أخيرا، لصالح إلغاء عقوبة الإعدام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيما اعترضت 54 دولة على التصويت ووافقت 104.

وبناء على نتائج التصويت، تبنت الجمعية قرارا غير ملزم بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، وهو الإجراء الذي رحبت به المنظمات الحقوقية، إذ وصفته ب quot;الخطوة المهمةquot; على طريق إلغاء العقوبة فى العالم. وتشير بيانات منظمة العفو الدولي إلى أن 133 دولة ألغت عقوبة الإعدام أو أوقفت العمل بها. وفي العام الماضي، اقتصر عدد الدول التي نفذت هذه العقوبة على 25 دولة، وجرى تنفيذ أكثر من 90 في المئة منها في الصين، إيران، العراق، السودان، والولايات المتحدة الأميركية. وبالمقارنة بعدد 2،148 عملية إعدام نفذت في مختلف أنحاء العالم في 2005، تشير البيانات إلى انخفاض في معدلات تنفيذ هذه العقوبة لتقتصر على 1،591 في عام 2006.