نبيل شرف الدين من القاهرة : وسط ظروف إقليمية بالغة التعقيد، وقبيل أيام على إنطلاق أعمال القمة العربية التي تستضيفها العاصمة السعودية الرياض، فقد بدأ اليوم الخميس الرئيس المصري حسني مبارك زيارة رسمية لتركيا تستغرق يومين، على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، وذلك بعد خمس لقاءات جمعت بين وزيري خارجية البلدين خلال أقل من 40 يومًا.
وأشارت مصادر دبلوماسية غربية إلى أهمية توقيت الزيارة في ظل الملفات الإقليمية الكثيرة العالقة، خاصة في ظل المواجهة المحتدمة بين إيران والمجتمع الدولي، ومع إتساع رقعة التعاطف الشعبي في المنطقة مع إيران، لا سيما بعد الحرب التي شنتها إسرائيل على quot;حزب اللهquot; اللبناني .
ووفقًا للمصادر ذاتها في هذا السياق، فإن تحالفًا ما، أو كيانًا ما، أو نقل تجمع ما، تجرى الآن بلورته على قدم وساق، ليضم كلاً من: مصر والسعودية والباكستان والأردن والإمارات وأخيرًا تركيا، باعتبارها الدول ذات المرجعية الإسلامية السنية، لمواجهة ذلك النفوذ الشيعي ـ الإيراني، المتنامي .
وعلى عهدة معلومات خاصة حصلت عليها (إيلاف) من دبلوماسي غربي رفيع المستوى، فإن أنقرة ظلت طيلة الأشهر الماضية تتحفظ على الإنخراط في هذا التجمع، لافتًا إلى أن أنقرة سعت كثيرًا خلال الفترة الماضية لتقريب وجهات النظر بين طهران وعواصم إقليمية مهمة، غير أن هذه المحاولات التركية باءت بالفشل، واصطدمت بما أسماه الدبلوماسي quot;العجرفة الإيرانيةquot;، من ثم فلم تجد أنقرة مفرًا من الإنخراط في التجمع السني المشار إليه .
ومضى المصدر الدبلوماسي الرفيع الذي تحدثت معه quot;إيلافquot;، قائلاً إن تركيا إضطلعت بقسط كبير في إطار المساعي الإقليمية لجمع الدول السنية المعتدلة في تكتل سياسي يتصدى لإيران، وسعت إلى إقناع إيران بضرورة فتح حوار جاد والتعاون مع دول المنطقة لمواجهة تحديات المرحلة المقبلة، غير أن تركيا إصطدمت بتصلب إيراني، على حد تعبيره .
كما أكد ذات المصدر أن المؤتمر الدولي الخاص بالعراق سوف يشغل بالطبع حيزا أساسيا في مباحثات مبارك مع أردوغان، حيث تستضيفه اسطنبول الشهر المقبل .
التجارة والعراق
أما على صعيد المتداول رسميًا من تصريحات، فقبيل مغادرته القاهرة ضمن الوفد المرافق لمبارك، قال أحمد أبو الغيط وزير الخارجية المصري إن تركيا دولة محورية في العالم الإسلامي والعلاقات المصرية التركية على مدى العقدين الماضيين قد إتسمت بالتفاهم والتعاون وتطابق وجهات النظر في العديد من القضايا المهمة في المنطقة .
غير أن الوزير المصري إستدرك قائلاً إن البعد الاقتصادي هو أهم ما يميز زيارة مبارك لتركيا حيث تهدف الزيارة بالأساس لضخ الاستثمارات التركية في السوق المصرية خاصة مع بدء تنفيذ منطقة تجارة حرة بين البلدين خلال آذار (مارس) الجاري .
وأشار أبو الغيط إلى أن مبارك سيبحث في أنقرة عدة قضايا سياسية واقتصادية وتجارية، في مقدمتها أنبوب الغاز المشترك والإتفاقية التي وقعت عليها مصر مع الحكومة القبرصية في ما يتعلق بالبحث عن البترول في المياه الدولية جنوب الجزيرة، واعترضت أنقرة عليها بسبب استمرار الأزمة القبرصية .
وتوقع مصدر دبلوماسي أن تتناول مباحثات مبارك مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مجمل الأوضاع في المنطقة، وفي صدارتها ملفات العراق وفلسطين ولبنان، فضلاً عن الملف النووي الإيراني .
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس المصري سيكون آخر رئيس أجنبي يستضيفه الرئيس التركي أحمد نجدت سيزار قبيل إنتهاء فترة رئاسته الحالية في 16 أيار (مايو) المقبل .