بروكسل: قال محللون إن الأزمة السياسية في تركيا وخصوصا تدخل الجيش في العملية الانتخابية، يمكن أن تضر بمسيرة أنقرة الطويلة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي إذ إنها تعزز موقف معارضي انضمام تركيا إلى الاتحاد.
وتمر تركيا بأزمة سياسية حادة بلغت ذروتها الجمعة الماضي، مساء الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية في البرلمان حين اصدر الجيش بيانا اتهم فيه الحكومة بالتشكيك في أسس الجمهورية وفي مقدمتها العلمانية.
وقالت المفوضية الأوروبية التي تندد باستمرار بالعلاقة بين الجيش والمجتمع المدني، الأربعاء quot;إذا كانت دولة ترغب في أن تصبح عضوا في الاتحاد الأوروبي فان عليها أن تحترم مبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ودولة القانون وغلبة السلطات الديمقراطية المدنية على العسكرquot;.
وقال ديدييه بيون من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس quot;لا يمكننا نحن الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قبول تدخل الجيش في اللعبة السياسية. هذه مسألة مبدئية لا يمكن التفاوض بشأنهاquot;.
غير انه أضاف انه لا يجب تضخيم القضية. ومع أن الجيش التركي أطاح بأربع حكومات منذ 1960، يشكك بيون في قرب حدوث انقلاب جديد وتوقع أن يتم التوصل إلى quot;حل مؤسساتيquot; للخروج من الصراع الحالي.
ورأى كاتينكا باريش من معهد الإصلاحات الأوروبية في لندن انه quot;إذا لم يحدث انقلاب عسكري وإذا اقتصر الأمر على خلاف بشأن اسم الرئيس المقبل، فانه لا يوجد أي سبب يحمل الاتحاد الأوروبي على وقف أو إبطاء مفاوضات انضمامquot; تركيا إلى الاتحاد الأوروبي التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2005.
ورغم كل ذلك فان الخبراء بهذه المفاوضات الصعبة التي يمكن أن تستمر بين عشرة أعوام و15 عاما يعتبرون انه من المحتمل أن يستغل هذه الأزمة بعض المسؤولين الأوروبيين المعارضين أصلا دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وتوقع بيون أن quot;تقوم القوى المناهضة باستخدام هذه الأحداث الجارية حاليا بتأكيد أن البلاد غير مستقرة تماما وبالتالي لا يمكنها الاندماج في الاتحاد الأوروبيquot;، داعيا إلى quot;إعادة الأمور إلى حجمها الحقيقيquot;.
وأضاف quot;يجب ألا ننظر إلى الأحداث على أنها ابيض أو اسود بين الإسلاميين الذين يسعون إلى الإطاحة بالنظام الدستوري الجمهوري من جهة والعلمانيين الذين يدافعون بشراسة عن هذا النظام من جهة أخرىquot;.
وأوضح أن quot;معسكر العلمانيين غير متجانسquot; وفيه من يؤيد انقلابا عسكريا.
وقال النائب الأوروبي عن الخضر المتخصص في شؤون تركيا، جوس لاجنديجك quot;لا داعي للذعر. لسنا إزاء إيران جديدة. انها مجرد خصومة بين أولئك الذين يريدون تغيير تركيا وأنصار الوضع القائمquot; مثل الجيش.
وأعرب عن أسفه إزاء quot;الصورة المبهمةquot; التي يتم الترويج لها بين الشعوب الأوروبية التي تناهض أغلبية بينها أصلا انضمام تركيا.
ورأى كيرستي هوجس المتخصص في العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وتركيا البلد الكبير العلماني ذي السكان المسلمين في غالبيتهم، إن تضخيم المسألة quot;سيضر بالتأكيد بموقف الناس في أوروبا. انه وضع معقد لا يمكنهم فهمه بالضرورةquot;.
ورأى بعض المختصين أن الانتخابات التشريعية المبكرة يمكن أن تشكل استئنافا للإصلاحات التي يطالب الاتحاد الأوروبي بها بعد عشر سنوات من الجمود المرتبط جزئيا بالحملة الانتخابية.
وقال كاتينكا باريش إن quot;من شأن ذلك إعادة الأمور إلى نصابها وتمكين البلاد من التقدم باتجاه ما يجب القيام بهquot;.