طوكيو: قدم وزير الدفاع الياباني فوميو كيوما الثلاثاء استقالته بعد ان اثار موجة من الغضب والاستنكار في اليابان اثر تصريحات اعتبرت تبريرا لقصف هيروشيما ونغازاكي بالقنبلة الذرية في 1945، وهو موضوع ما زال بالغ الحساسية بعد مرور ستين سنة على الحرب.

وكيوما الذي كان اول وزير للدفاع يعين في اليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، كان ايضا نائبا عن نغازاكي التي تعد ثاني مدينة في العالم تعرضت للقنبلة الذرية بعد هيروشيما ومهدا للنزعة المسالمة وحركات مناهضة للاسلحة النووية ما زالت نافذة جدا في اليابان. وقال كيوما (66 عاما) للصحافيين quot;قدمت استقالتي الى رئيس الوزراء، وقد قبلهاquot;.

وسارعت الحكومة اليابانية الى تعيين يوريكو كويكي مستشارة الامن القومي الثلاثاء وزيرة للدفاع لتحل مكان كيوما. وبذلك تصبح كويكي التي ستتولى مهامها رسميا الاربعاء، ثاني وزير دفاع في اليابان منذ اعادة هذا المنصب في اليابان في كانون الثاني/يناير. وكان تم الغاء هذه الوزارة اثر هزيمة اليابان في الحرب في 1945.

وكويكي صحافية سابقة في التلفزيون تبلغ من العمر 54 عاما وسبق وتولت وزارة البيئة في حكومة رئيس الوزراء السابق جونيشيرو كويزومي (2001-2006). كما تولت كويكي خلال فترة كويزومي ايضا وزارة شؤون اوكيناوا (جنوب) واراضي الشمال (الاسم الياباني لجزر ارخبيل الكوريل التي ضمها الاتحاد السوفياتي في 1945) والتي تطالب اليابان باستعادتها بدون جدوى.

وهي متخصصة في شؤون الشرق الاوسط وتلقت قسما من دراستها في القاهرة. كما انها ناشطة جدا داخل شبكة التبادل بين البرلمانيين اليابانيين والاميركيين. وكان كيوما اثار موجة من الغضب والاستنكار السبت اثر تصريح قال فيه ان القنابل الذرية التي القتها الولايات المتحدة في اب/اغسطس 1954 على هيروشيما ونغازاكي واودت بحياة اكثر من 210 الاف شخص quot;كانت امرا لا يمكن تفاديهquot; لمنع اجتياح سوفياتي لليابان.

وقال ان الاميركيين كانوا يعتقدون ان استخدام السلاح الذري quot;سيسرع استسلام اليابان وسيمنع بالتالي الاتحاد السوفياتي من اعلان الحربquot; على الارخبيل. واستطرد الوزير quot;اني لا احقد على الولايات المتحدةquot;.

وتابع quot;لحسن الحظ لم يتم احتلال هوكايدو. وفي اسوأ الاحوال، كان يمكن للاتحاد السوفياتي ان يحتل هوكايدوquot; في اشارة الى الجزيرة الكبرى في شمال اليابان القريبة من اقصى الشرق الروسي. واذا كانت تصريحات كيوما تتطابق مع نظرية يدافع عنها العديد من المؤرخين، فقد اعتبرت بمثابة تبرير لاستخدام القنبلة الذرية في بلد معارض بشدة للقوة النووية، وحيث لا تزال آثار القصف لهيروشيما ونغازاكي ماثلة في الاذهان بعد مرور اكثر من ستين سنة على قصفهما.

وقد وصفت جمعيات الناجين من عمليات القصف تصريحات الوزير بانها quot;مشينةquot;، ورفضت حضوره الفعاليات المقبلة لاحياء ذكرى القصف. وطالبت المعارضة وحتى بعض اعضاء الائتلاف الحاكم على الفور باستقالة الوزير المعروف بصراحته. ولم تكف اعتذارات الوزير وتوبيخ شديد من رئيس الوزراء شينزو ابيه لتهدئة النفوس.

حتى ان الاوساط اليابانية الاكثر محافظة والمتهمة احيانا بتبرير الماضي العدائي للبلاد مع التشديد على فظائع القصف بالقنبلة الذرية، صفقت هي الاخرى لاستقالة الوزير. وقالت يوكو توجو ابنة الجنرال هيديكي توجو الرجل القوي السابق في الامبراطورية اليابانية والذي شنق لارتكابه جرائم ضد الانسانية بعد الحرب، ان quot;ابيه اتخذ قرارا مهما جدا وانا سعيدة جدا لسماعهquot;.

وقال توشيكو هامايوتسو المسؤول الثاني في الحزب البوذي كوميتو المشارك في الائتلاف الحكومي قبيل استقالة الوزير ان quot;كيوما يجب ان يتحمل مسؤولية ما قاله وان يقرر بنفسه حول مستقبلهquot;. وقال كيوما مبررا رحيله quot;ان الامور تطورت بشكل لم اكن اتصوره وليس بوسعي الحصول على تفهم الشعبquot;.

وهذا الجدل الجديد يأتي في اسوأ الاوقات بالنسبة لحكومة رئيس الوزراء المحافظ شينزو ابيه الذي تتراجع شعبيته بشكل كبير في استطلاعات الرأي اثر سلسلة فضائح قبل شهر من موعد انتخابات مجلس الشيوخ التي تعتبر حاسمة بالنسبة لمستقبله. وسبق لكيوما ان ادلى بتصريحات مثيرة للجدل، حين خرج عن النهج الرسمي للحكومة اليابانية وانتقد الاجتياح الاميركي للعراق في وقت كان البلدان يتفاوضان على اعادة نشر القوات الاميركية في اليابان.

وقد انشئت وزارته في كانون الثاني/يناير 2007 لتحل مكان quot;وكالة الدفاعquot; في بلد لا يزال دستوره مسالما بشكل رسمي منذ العام 1947 لكن يسعى الى زيادة تواجده على الساحة الدولية.