باريس، واشنطن: يستند بروتوكول الاتفاق الذي وقعه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في ليبيا والهادف الى استخدام مفاعل نووي لتحلية مياه البحر، الى تعاون بين البلدين في المجال النووي المدني بدأ منذ 2006، والى المفاعل الاختباري الموجود في تاجورة (قرب طرابلس).واطلقت فرنسا وليبيا تعاونهما حول الابحاث النووية في المجال المدني منذ آذار/مارس 2006 بتوقيع اتفاق حول البحث واستخدام التكنولوجيا النووية في المجالات الطبية والزراعية وقطاع المياه.

وهو الاتفاق الاول من نوعه بين ليبيا ودولة اخرى بعد اعلان الزعيم الليبي معمر القذافي في 2003 قراره التخلي عن برنامجه لانتاج اسلحة دمار شامل.واوضح سيمون نيسان المكلف مسائل تحلية مياه البحر في المفوضية الفرنسية للطاقة الذرية لوكالة فرانس برس ان بين المشاريع التي نص عليها ذلك الاتفاق، استخدام مفاعل نووي اختباري في تاجورة قرب طرابلس من اجل تنفيذ quot;مصنع نموذجي لتحلية مياه البحرquot;، وتنفيذ دراسة لبناء مفاعل في موقع آخر مخصص للغاية نفسها.واشار الى ان اي مفاعل نووي مخصص في كل الاحوال لانتاج الكهرباء التي يمكن لقسم منها ان يستخدم من اجل تشغيل مصنع لتحلية مياه البحر، موضحا ان اليابان مثلا تمتلك ثمانية فروع نووية يستخدم جزء من الطاقة فيها لتحلية المياه، بينما تعمل الهند على مشروع مماثل.

وقال غاتان فوفيه من مرصد الطاقات المتجددة quot;هناك حاجة الى كثير من الطاقة لتحلية مياه البحر. وفي الشرق الاوسط يستخدم اجمالا النفط للقيام بذلكquot;.ويقول نيكولا غيشار من مؤسسة quot;طاقة للعالمquot;، quot;تقنيا، ان استخدام الطاقة الشمسية ممكن، الا ان القوة المطلوبة لتحلية مياه البحر قد تجعل الكلفة هائلةquot;.ويقول سيمون نيسان ان ليبيا قد تكون مهتمة اكثر باستخدام النووي لانتاج طاقتها وبيع نفطها في الاسواق الخارجية بالنظر الى اسعاره المرتفعة.وقال ان الليبيين سيستخدمون في مرحلة اولى quot;المنشأة في تاجورة (التي زود بها الاتحاد السوفياتي ليبيا في 1979) لاثبات عدم وجود مشكلةquot; في تجييرها لتشغيل مصنع تحلية المياه.واضاف quot;بعد ذلك، سيتم درس انواع عدة من المفاعلات مع اساليب عدة في التحلية ليكون في امكان ليبيا ان تختار وتوصي على مفاعل نووي محددquot;.وتابع quot;ان المفاعل سيخصص اولا لانتاج الكهرباء ثم للتحلية كهدف ثانويquot;، موضحا ان نوع المفاعل المطلوب لم يحدد بعد.

واكد مسؤول في مجموعة quot;اريفاquot; النووية الفرنسية ان quot;مرحلة المحادثات الصناعية تأتي بعد ابرام الاتفاقات السياسية والثنائية بين الحكومتينquot;.واثار بروتوكول التعاون النووي الذي وقعه ساركوزي خلال زيارته الى طرابلس احتجاجات جمعيات واحزاب يسارية في فرنسا وصفت القرار الخميس بانه quot;غير مسؤولquot; ويمهد الطريق امام حيازة السلاح النووي.

وقالت منظمة غرينبيس-فرنسا في بيان quot;هذا الاتفاق يطرح مشكلة ضخمة لناحية الانتشار النوويquot;.وندد تجمع منظمات quot;التخلص من النوويquot; بما وصفه بquot;الحيلةquot;.وقال quot;لا يمكن الفصل بين الطاقة النووية السلمية وتلك العسكريةquot;، معتبرا ان quot;تسليم مفاعل نووي سلمي الى ليبيا يعني مساعدة هذا البلد على امتلاك السلاح الذري عاجلا ام آجلاquot;.

الا ان نيسان، الخبير في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يرى ان خطر الانتشار النووي غير موجود، لان المراقبة التي تفرضها الوكالة الدولية على ليبيا quot;تجعل من المستحيل تحويل استخدام اي شيءquot; لغير الغرض المخصص له.

من جهة ثانية، يقول الخبراء ان الاستخدام العسكري للطاقة النووية يفترض تخصيب وقود المفاعل، مشيرين الى ان الاحتجاجات الدولية على ايران تتمحور حول عمليات التخصيب. وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية دوني سيمونو الخميس ان بروتوكول التعاون الموقع مع ليبيا quot;دليل على ان الدول التي تحترم تعهداتها الدولية حول منع الانتشار النووي بشكل كامل يمكنها ان تحصل على كل فوائد الاستخدام المدني للطاقة النوويةquot;.

واشنطن تدعم الاتفاق النووي المدني بين فرنسا وطرابلس

إلى ذلك اعربت الولايات المتحدة الخميس عن دعمها للاتفاق الفرنسي الليبي الذي تم التوقيع عليه الاربعاء وتعهدت بموجبه باريس بتزويد ليبيا مفاعلا نوويا لتحلية مياه البحر.وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية شون ماكورماك ان quot;الحكومة الفرنسية ستكون بالتأكيد شديدة اليقظة لضمان احترام اي اتفاق (نهائي) الاتفاقيات الدوليةquot;.واضاف quot;نحن ندعم الاستخدام السلمي للطاقة النووية كبديل عن المحروقات. ولكن يجب فعل ذلك بطريقة لا تهدد منع الانتشار النوويquot;.

وشدد ماكورماك مع ذلك على ان quot;الحكومة الليبية تخلت طوعا عن برامجها للتسلح النوويquot;. وختم بالقول quot;مع الضمانات المناسبة، اعتقد انه يجب ان نرى كيف يمكن لليبيا الاستفادة من الطاقة النووية السلميةquot;.

ووقعت مذكرة التفاهم الفرنسية الليبية الاربعاء بمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الى طرابلس حيث التقى الزعيم الليبي معمر القذافي بعيد افراج طرابلس عن خمس ممرضات وطبيب بلغار كانت تعتقلهم منذ ثماني سنوات.واثار هذا البروتوكول اعتراضات منظمات ونواب من انصار البيئة في فرنسا الخميس الذين انتقدوا ما وصفوه بالقرار quot;غير المسؤولquot; الذي يمهد الطريق امام النووي العسكري.