زيارة أحمدي نجاد تثير جدلاً في بوليفيا وفنزويلا

كوشنير شرح لنظيره متكي ما كان يقصده بتصريحاته المثيرة للجدل

موسكو: لقد تعود الجميع لتصرفات غير المألوفة من جانب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد فتوقعوا من ظهوره في نيويورك أثناء الدورة الـ62 للجمعية العامة للأمم المتحدة quot;مفاجآت مثيرةquot;. وقد تحققت توقعاتهم.

وتكلل عرضه هناك بنجاح باهر. ففي غمرة النشوة البلاغية خيل لأحمدي نجاد أنه يحمل رسالة نبوية أو يكاد فحذر أقوياء العالم قائلا: quot;إذا أصغت القوى العالمية إلى نصيحتي فسوف تعيش عيشة الأمن والسلام. وإلا فستكون، كما جاء في القرآن الكريم، quot;في ضلال مبينquot;. وهو كلام ما كان حتى معبوده مهندس وصانع الثورة الإسلامية آية الله خميني سيتجرأ على قوله.

وجدير بالذكر أنه تتمثل إحدى أكثر المسائل إلحاحا التي تواجه المجتمع الدولي في البرنامج النووي الإيراني. وتوقع الجمهور أن يسمع من الرئيس الإيراني كلمات تؤكد طابعه السلمي إلا أنه لم يسمع سوى النداء للعودة إلى الله. ولا يساورنا الشك في أن العرض الناجح لأحمدي نجاد

بيوتر غونتشاروف.. كاتب المقال
في نيويورك ما هو سوى بداية الرواية. وسوف تأتي تتمة لها في 27 سبتمبر عندما سيجتمع وزراء خارجية quot;السداسي الإيرانيquot; في مقر الأمم المتحدة من أجل معالجة الخطوات اللاحقة بشأن برنامج طهران النووي. وتتوزع المواقف داخل quot;السداسيquot; على النحو التالي: يميل اثنان من أعضائه (روسيا والصين) إلى الجانب الإيراني بينما يحتل أعضاؤه الأربعة الآخرون (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) مواقف مناوئة لإيران.

ويجب أن يفهم بـquot;الخطوات اللاحقةquot;، طبعا، تشديد العقوبات. ذلك أن إيران لم تمتثل إلى مطالب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1747 بشأن فرض موراتوريوم على كل النشاطات الإيرانية في مجال تخصيب اليورانيوم بل ولا تعتزم الامتثال إليها ولا تولي أدنى اهتمام للعقوبات التي تحدق بها. وتدعو الدول الأربعة المذكورة لتشديد العقوبات بينما تبدي روسيا والصين الاستعداد لمنح طهران فرصة أخرى لتجنب العقاب.

ومما لا شك فيه أن تشديد العقوبات لن يتم. لأن روسيا والصين تتخذان موقفا معللا بحجج قوية بما فيه الكفاية. فقد تبين ذلك في كلمة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وأشار الوزير إلى أنه لا يستبعد مناقشة قضية تشديد العقوبات في مجلس الأمن الدولي مستقبلا. ولكنها سابقة لأوانها اليوم إذ يجب على مجلس الأمن الدولي أن يؤيد أولا الاتفاقات التي توصلت إليها إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ويتيح للسلطات الإيرانية إمكانية تنفيذها. والمهمة الرئيسية الماثلة أمام quot;السداسيquot; هي تبديد ما تبقى من الغموض الذي يكتنف برنامج إيران النووي وليس فرض عقوبات جديدة. ويرى لافروف أنه بفضل مثل هذه السياسة سيتوفر لدى quot;السداسيquot; quot;الوضوح المطلوب بشأن العديد من المسائل التي لا تزال معلقة حتى يومنا هذاquot;.

وتمكنت إيران بلا شك أن تزيل عددا من quot;البقع البيضاءquot; في ملفها النووي في مجرى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي تكثف بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة. بيد أن كل هذه quot;البقع البيضاءquot; تتعلق بالماضي. وخاصة تم إغلاق مشكلة quot;الأثر البلوتونيوميquot; في أجهزة الطرد المركزي الإيرانية الخ. ولكن المسألة الرئيسية ظلت معلقة. وبالذات: ما الذي يدعو إيران موضوعيا لإنشاء الدورة النووية الكاملة أي تطبيق تكنولوجيات تخصيب اليورانيوم بالحجم الصناعي دون أن تمتلك تكنولوجيا تصنيع قضبان الوقود (عناصر بث الحرارة) للمفاعلات؟ فمن المعروف أنه لا يمكن تحميل الوقود في المفاعل إلا على شكل هذه القضبان بينما لا يمكن أن تمتلك إيران تكنولوجيات لازمة لإنتاجها في المستقبل المنظور. فلماذا، يا ترى، تواصل إيران تطوير دورة تخصيب اليورانيوم؟ ترك أحمدي نجاد هذا السؤال المبدئي بدون الجواب.

وجدير بالذكر أن موقفه لا يحظى بالدعم المطلق في طهران نفسها. وقد صرح خصم أحمدي نجاد الرئيسي في انتخابات الرئاسة رئيس الدولة السابق علي هاشمي رفسنجاني الذي يترأس حاليا مجلس الخبراء وهو أكثر الهيئات نفوذا في إيران بأن البرنامج النووي الإيراني يعتبر، بالطبع، quot;أولوية وطنيةquot; ولكن لا يجوز مع ذلك أن quot;ينقلب كارثة على الشعب الإيرانيquot;. ويشاطره رأيه هذا معظم أعضاء المجلس.

ولم تكن التمثيلية التي تألق فيها أحمدي نجاد في نيويورك تستهدف كسب التأييد في الأمم المتحدة بقدر ما استهدفت الاحتفاظ بتأييد مواطنيه في إيران.