موفد إيلاف إلى طهران علي آل غراش: محمود احمدي نجاد اسم المرشح المنافس للشيخ رفسنجاني في الدورة الثانية الحاسمة. الذي لم يحصل على اهتمام ومتابعة من قبل الإعلام الإيراني والعالمي ومن المراقبين للعملية الانتحابية الإيرانية، فالأغلبية منهم كانوا يبحثون عن الأسماء المشهورة والمدعومة من قبل التيارات والشخصيات المعروفة ولمن يتحدث كثيرا، وقد تعامل الاعلام مع المرشح نجاد ببرود على أساس أن حملته ضعيفة وشكله يدل على البساطة والتواضع وغير جذاب وذلك بالنسبة لمرشحين آخرين مثل رفسنجاني وكروبي ومعين وقليباف، وكذلك ضعف عدد المؤيدين له في الشارع وفي جامعة طهران بالذات التي تجمع النخبة الشبابية العلمية لجميع التيارات.

بوصلة الفوز
اتصل صحافي بأحد الزملاء في مدينة طهران "خبير في الشأن الإيراني " وأخبره بان في بعض المدن والقرى شعبية للمرشح محمد احمدي نجاد وذلك للمرشح قليباف.. متسائلا هل تتوقع لأي المرشحين نصيب من الفوز؟.أجاب الخبير قائلا: ان الذي يحسم الانتخابات عادة في إيران أصوات الناخبين لمدينة طهران الكبيرة لأنها تمثل الثقل الكبير والمهم، ويمكن للمتابع والمراقب معرفة بوصلة الفوز إلى أين تتجه وذلك من خلال رصد تصويت أبناء هذه المدينة. مضيفًا بان أصوات المدن والقرى الأخرى ليس لها تأثير كبير على العملية الانتخابية.

تجاهل إعلامي
والوحيد الذي التقينا به في جامعة طهران ،صرح بأنه من المؤيدين والمريدين للدكتور احمدي نجاد. كانت فتاة ترتدي اللباس المحتشم الإسلامي الكامل حيث تحدثت لنا بحياء وخجل وتحفظ كبير وبعيون تنظر للأرض تارة وللسقف تارة أخرى قائلة إني أرشح نجاد لأنه الأفضل بين المرشحين لما يتميز به من أمانة والتزام وليس عليه ما يشكك في نزاهته، كما له دور ايجابي في تطور الخدمات البلدية في مدينة طهران التي كانت تعاني سابقا من أزمات كبيرة. وردا على سؤال لنا لماذا تؤيدين مرشح ليس له شعبية في الشارع الإيراني؟ قالت المشكلة ليست فيه أو في الناس وإنما في الإعلام الذي يتجاهل ويهمش نجاد مؤكدة بان هناك عدد اكبيرا من الناخبين اعرفه يؤيد ويدعم نجاد.

نجاد على الجبال
من يتوجه إلى مدينة قم المقدسة عبر الطريق البري(140 كلم) من مدينة طهران وعلى بعد مسافة قريبة من مدينة قم يرى اسم نجاد مكتوبا باللون الأبيض على قمم الجبال البنية من الجهتين يمكن مشاهدتها من مسافة بعيدة، وهذا ما يدل على وجود التأييد والشعبية في هذه المدينة المهمة للمرشح احمدي نجاد.

شعبية نجاد
ويحظى المرشح نجاد على شعبية كبيرة في المناطق المحافظة ،والقرى لم تأخذ حقها من الاهتمام والتغطية الإعلامية اثناء الحملات الانتخابية فخلال جولتنا في مدينة قم المقدسة، في ليلة الانتخابات ،شعرنا بالهدوء يخيم على الشوارع القريبة من حرم السيدة فاطمة المعصومة أخت الإمام الثامن لدى الشيعة الإثنا عشرية الإمام علي بن موسى الرضا ولا يمزق ذلك الهدوء سوى الصوت الذي يعلو وينخفض عبر المكبرات من داخل الحرم لدعاء كميل لأنها تصادف ليلة جمعة، ولقد شاهدنا صور جميع المرشحين تنتشر في جميع الشوارع والأزقة الضيقة وعندما اقتربنا من الحرم مصدر الصوت رأينا أعدادا غفيرة من الناس تجتمع لاحياء ليلة الجمعة والتزود من الروحانية في الحرم الذي لايغلق في مثل هذه الليالي، فيما تحولت الساحات المجاورة إلى مخيمات صغيرة متنقلة للقادمين من خارج المدينة حيث التقينا ببعض الموجدين في الحرم وحوله، فوجدنا ان هناك شبه اتفاق بين معظم أهل المدينة القريبة من طهران ومركز الحوزة العلمية على التصويت لصالح المرشح الدكتور محمود احمدي نجاد.

دعم المحافظين
حول شعبية نجاد في المدينة التي قمنا بزيارتها قبل أيام ولم نجد حالة من الاتفاق بين أهل المدينة من علماء وعامة الناس على مرشح معين: قال الشيخ محمد حسيني: إن بعض علماء وأساتذة الحوزة قرروا في اللحظة الأخيرة وبعدما سمعوا وعرفوا أفكار جميع المرشحين وبروز بعض الملاحظات على أفكار البعض منهم... اتفقوا على ترشيح الدكتور نجاد المدعوم من قبل صقور المحافظين الفائزين بأغلبية مقاعد مجلس الشورى وذلك لما يتميز به من تقوى ووقار وإخلاص وسمعة طيبة وحب لعمله وأبناء البلد ،وعدم وجود ملاحظات على سلوكه الأخلاقية والمهنية و لما لديه من سجل طيب ومشرف بالمشاركة المتميزة في الحرب مع العراق.

الفقر والبطالة
وحول السبب في التصويت لنجاد قال علي اصغر: السبب إن الدكتور نجاد من الطبقة الفقيرة ويركب سيارة عادية وهو صاحب تقوى وإيمان بالإضافة إلى انه من المسؤولين الناجحين في إدارتهم وذلك عندما كان مسؤولا عن بلدية طهران الكبيرة. وأشار حسني خرم ابا: إن الإنسان المؤمن الضعيف الفقير يبحث عن المرشح المؤمن والبسيط الذي عاش وجرب معاناة الفقر والدكتور نجاد من الطبقة البسيطة، ولهذا سيسعى إلى مساعدة الفقراء والقضاء على البطالة. أما سعيدي فهو غير مقتنع بان المرشح نجاد هو الأفضل لأنه شخصية مجهولة بالنسبة له، ويستدرك سعيدي بان نجاد يحظى بالدعم والتأييد من علماء الدين وأساتذة الحوزة ولهذا فهو يصوت له.

عمدة بلدية طهران
محمود احمدي نجاد يبلغ من العمر 49 عاما من عائلة بسيطة تتميز بالمحافظة على مبادئ الثورة الإسلامية ويحمل شهادة الدكتوراة في قسم الهندسة وينتمي إلى تيار المحافظين الجدد المسيطر على مجلس الشورى الحالي وهو احد الضباط في حرس الثورة، وله مشاركة فعالة في جبهة الحرب مع العراق، ومع ذلك لم يلمع اسمه في الساحة إلا في عام 2003م عندما فاز بمقعد عمدة مدينة طهران خلال الانتخابات البلدية في ذلك العام.

العلاقات الدولية
ومن خلال ذلك الموقع ونجاحه في مهنته وتواضعه وبساطته في تعامله، أوجد له شعبية في الشارع الطهراني وخاصة داخل الطبقة الفقيرة المنتشرين في المدينة عندما اهتم بأحيائهم وسعيه لعلاج البطالة والفساد من خلال إقالة المسؤولين كرئيس تحرير صحيفة البلدية. كما انه يؤكد بعدم تقاضيه المال مقابل عمله، ويحظى بالرضا والقبول من رجال الدين والحوزة العلمية ومن القيادة الإيرانية السيد القائد للجمهورية، وقد صرح نجاد بعد الإعلان عن ترشحه لخوض غمار المرحلة الثانية من الانتخابات بأنه مستعد لفتح علاقات مع جميع دول العالم إذا كان في ذلك مصلحة للوطن. كما يعارض نجاد إقامة علاقات بين إيران وأميركا في ظل الظروف الراهنة، وانه سيسعى الىالانفتاح ومواصلة المفاوضات مع الأوروبيين ومعالجة موضوع الملف النووي نافيا الحاجة للتزود بالسلاح النووي لأنه لا يتلاءم مع الثقافة والمعتقد الإسلامي.

لا مساندة للمرشحين

ولغاية اليوم لم يصرح أي من المرشحين الخمسة الآخرين المهزومين المساندة لرفسنجاني أو نجاد حيث رفض محمد باقر قاليباف قائد الشرطة الإيرانية السابق إعلان تأييده ومساندة لأي المرشحين وخاصة نجاد بينما قال المتحدث الرسمي باسمه سندرس نتائج الدورة الأولى ونعلن خلال 24 ساعة موقفنا الرسمي من الدورة الثانية. كما لم يصرح المسؤولون في عن كروبي أو معين ما يثبت أو ينفي المساندة للشيخ الرفسنجاني كما هو متوقع.

ولم يتقدم المرشح الإصلاحي الشيخ الكروبي لغاية الآن بأي طعن أو اعتراض على النتائج حسب ما قاله يوم الإعلان النتائج حيث اتهم المحافظين المتشددين الداعمين للمرشح نجاد بالتزوير وانه سيطلب من المرشد علي الخامنئي بالتدخل وفتح تحقيق.

تعبئة ضد نجاد
ولقد سبب انتقال المرشح احمدي نجاد إلى المرحلة الثانية من الانتخابات كمرشح قوي أمام الشيخ الرفسنجاني إلى ردة فعل كبيرة لدى بعض التيارات والشخصيات ، التي ترى بان نجاد شخصية متشددة إذ أعلن هاشم اغاجاري الأستاذ الجامعي الإيراني "ان احمدي نجاد متشدد وان عددا كثيرا من المقترعين ومن الذين لم يقترعوا خلال الدورة الأولى للانتخابات، يشعرون أنهم مهددون باحمدي نجاد وسيصوتون لرفسنجاني " . وتقوم التيارات الرافضة لفوز نجاد بحملة تعبئة لمنع وصول نجاد من خلال التأكيد على التصويت لرفسنجاني.

حصيلة الأصوات
وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية حصيلة الأصوات التي فرزت لصالح المرشحين اللذين انتقلا إلى المرحلة الثانية من الانتخابات، حيث أوضحت ان رفسنجاني حاز على المرتبة الأولى في ۳ محافظات بينما حاز نجاد على المرتبة الأولى في ۹ محافظات. وجاء رفسنجاني في المرتبة الثانية في ۱۸ محافظة ونجاد جاء ثانيا في محافظتين. وحل رفسنجاني ثالثاً في ۳ محافظات في حين حل نجاد ثالثاً في 6 محافظات. و جاء رفسنجاني بالمرتبة الرابعة في 5 محافظات، في حين جاء نجاد رابعاً في ۳ محافظات فقط. كما حل نجاد في المرتبتين الخامسة والسادسة في ۱۰ محافظات بينما رفسنجاني لم يحل فيهما.