حرب باردة مفتوحة على خياري المفاوضات أم العودة للعمل المسلح
رمال تيفارتي تتحرك تحت أقدام المغرب والبوليساريو
انفجار سيارة يثير الرعب في المغرب
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: لم تعد تيفارتي مجرد منطقة عازلة، بل تحولت إلى نقطة تختزل حالة التوتر التي يعيشها كل من المغرب والبوليساريو، على الرغم من أن الطرفين دخلا مسلسل طويل من المفاوضات ينتظر أن تعرض حلقته الرابعة، في آذار (مارس) المقبل، بعد أن كللت الجولات السابقة بالفشل. وبدأت رمال تيفاريتي تتحرك تحت أقدام الطرفين وتهدد مستقبل المحادثات، قبل بداية السنة الجارية بعد أن عقدت البوليساريو مؤتمرها الأخير في المنطقة وصوتت على خيار العودة إلى العمل المسلح، وهو ما أثار غضب المغرب الذي اعتبره استفزاز خطير واحتج لدى الأمم المتحدة. ولم تقف الأمور عند هذه النقطة، بل استمرت لعبة شد الحبل بين حكومة الرباط والجبهة التي اعتبرت المنطقة quot;أرض محررةquot; ووضعت الحجر الأساس لبناء مرافق بها، ما زاد من حدة التوتر المفتوح على خياري المفاوضات أم العودة إلى العمل المسلح. استمرت سياسية ضبط النفس مع ارتفاع حرارة الحب الكلامية، قبل أن يختار المغرب الرد على هذا الاستفزاز بتنظيم quot;مسيرة سلمية إلى منطقة تفاريتي بالصحراء المغربية يوم 27 كانون الثاني (يناير) الجاريquot;، حسب ما أعلنت عنه جمعية الصحراء المغربية.
وقال رضا الطاوجني، رئيس الجمعيةّ، التي ستشرف على عملية التنظيم، إن منظمي هذه المسيرة، التي ستنطلق نحو منطقة تفاريتي المنزوعة السلاح، بمشاركة نحو914 شخصا، سيقيمون مخيما على بعد 12 كلم عن مدينة السمارة، وراء خط الدفاع، مشيرا إلى أن الجمعية اعتمدت في تنظيم هذه المسيرة على إمكاناتها المادية واللوجيستية الذاتية. وأوضح الطاوجني، في لقاء صحافي أمس الثلاثاء بالرباط، أن المشاركين سيلتحقون، يوم 25 كانون الثاني الجاري، بمدينة السمارة نقطة انطلاق المسيرة، مؤكدا أن المسار الذي ستسلكه المسيرة، خال من الألغام ومؤمن من طرف القوات المسلحة الملكية.
وحول الاتصالات التي أجريت قبل تنظيم المسيرة، ذكر أن الجمعية وجهت رسائل إلى رئاسة الجمهورية الجزائرية وإلى الأمين العام للأمم المتحدة، وكذا إلى مبعوثه الشخصي المكلف بملف الصحراء وبخصوص الترتيبات المتعلقة بالتغطية الاعلامية لهذه التظاهرة، أعلن الطاوجني أن 23 صحفيا مغربيا و13 صحفيا أجنبيا، أكدوا إلى حدود اليوم مواكبتهم لهذه المسيرة. وأبرز أن جمعية الصحراء المغربية توصلت عن طريق البريد الإلكتروني برسائل تهديد من قبل خصوم الوحدة الترابية للمغرب.
وليست هذه هي الورقة الوحيدة التي لوح بها المغرب في وجه البوليساريو، إذ توجهت اللجنة الخاصة المكلفة بالصحراء المغربية بأوروبا، أول أمس الإثنين، إلى سفارة كوبا بباريس، حيث استعرض رئيس اللجنة الحسن بنحمو، خلال اللقاء مع الديبلوماسيين الكوبيين، ليدو رودريغيز هيرنانديز (مستشار سياسي) وإيرنيستو ري بينو (سكرتير أول)، مأساة الأسر والأمهات الصحراويات المحتجزات بمخيمات تيندوف في الجزائر والمحرومات من أبنائهن، وذلك في إطار محادثات حول مصير الأطفال المبعدين quot;قسرا إلى كوبا من قبل انفصاليي البوليساريوquot;.
وحرص رئيس هذه المنظمة غير الحكومية على التأكيد بأن مأساة هؤلاء الأطفال المبعدين تعتبر انتهاكا خارقا للقانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية 1989 حول حقوق الطفل، محملا المسؤولية الكاملة، في هذه القضية، للجزائر اعتبارا لكون إبعاد هؤلاء الأطفال تم انطلاقا من أراضيها. كما شرح بنحمو للديبلوماسيين الكوبيين quot;صعوبة وأحيانا استحالة تمكن المنظمات الإنسانية ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان من الإلتقاء بأسر الأطفال المبعدين أو إحصاء عدد المرحلين لتقييم جسامة هذه الفضيحةquot;.
وندد رئيس اللجنة بهذا quot;الابتزاز اللاإنساني الذي يمارسه بشكل وقح قادة البوليساريو على الآباء والأسر بهدف إجبارهم على البقاء في مخيمات العارquot;، على حد تعبيره. وسلم بنحمو للديبلوماسيين الكوبيين نسخة من مشروع الحكم الذاتي للصحراء الذي اقترحه المغرب، موضحا أن هذا المشروع، الذي لقي دعم المجموعة الدولية ومجلس الأمن، هو الوحيد ذو المصداقية والقابل للتطبيق على أرض الواقع. كما تناول رئيس اللجنة مع الديبلوماسيين الكوبيين مفاوضات مانهاست بضاحية نيويورك التي تجري على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية، منددا ب quot;سوء نية انفصاليي البوليساريو المدعومين من قبل الجزائرquot;.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون اعتبر، قبل انطلاق الجولة الثالثة، أن تسوية قضية الصحراء تتطلب quot;الصبر والمثابرة والثبات والإرادة الحسنةquot;، معربا عن الأمل في أن يجري تحقيق تقدم جوهري خلال الجولة الثالثة من المفاوضات. وأوضح بان كي مون، خلال ندوة صحافية بمقر الأمم المتحدة، أنه يتعين على الأطراف المعنية البرهنة على quot;الصبر والمثابرة والثبات والإرادة الحسنة لتسوية هذا النزاع من خلال الحوارquot;. وعن سؤال حول التهديدات بالعودة لحمل السلاح، التي أطلقها البوليساريو عشية هذه الجولة الجديدة من المفاوضات، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنه من غير المجدي التعليق على مثل هذه التصريحات.
التعليقات