تبادل الاتهامات وصبّ جام الغضب ...
quot;الحملة الاتهامية quot; قبل المعركة الانتخابية

عبد الخالق همدر من اسلام آباد: تبادل الاتهامات من عادة السياسيين في جميع أنحاء العالم بأسلوب أو بآخر. والمعركة الاتهامية تحتدم قبل المعركة الانتخابية في عامة الأحوال. طبعا هذه الحملة جزء من الحملة الانتخابية في باكستان أيضا. والقائمون بها يسمونها quot; حملة توعوية quot; ويتم صرف مئات الآلاف عليها. وفي الماضي كان التقليد تبادل الاتهامات بين حزب الشعب الباكستاني وحزب الرابطة. وكان كل حزب ينشر إعلانات الاتهامات في الصفحات الأولى من الجرائد مع ذكر اسمه أو باسم quot; أحد المواطنين quot; . والقصاصات الأخبارية أهم مادة تتكون منها تلك الإعلانات.

أما هذه المرة فقد طرأ تغيير على نمط تلك الإعلانات حيث أصبحت أطرافها كثيرة: الحكومة والمعارضة وحزب الرابطة جناح القائد الأعظم ndash; هو لقب محمد على جناح مؤسس باكستان. وقد سميت مجموعة حزب الرابطة التي تم تشكيلها لتأييد الجنرال مشرف خلال انتخابات عام 2002م ndash; وحزب الرابطة جناح نوازشريف.

ومن المثير أن تلك الإعلانات تنشر في الصحف معا. مثلا إذا كان الإعلان الحكومي على الصفحة الأولى تجد إعلان حزب نواز شريف على الصفحة الأخيرة والعكس صحيح. ويرى المواطنون أنها ليست أكثر من وسيلة لتسخيف عقول الناخبين؛ لأن تبادل الاتهامات تشير إلى أن كل واحد من الأحزاب فيه عيوب. وعين العدو تبدي المساوء.

في حين لا ينشر بعض الجرائد إعلانات بعض الجهات وذلك لعدة أسباب ، مثلا أن الجريدة لا توافق رأي المعلن أو المعلن لا يريد نشر الإعلان فيها أو تكون الجريدة تحت ضغط من إحدى الجهات؛ لكن من المعروف أن الصحافة الآن تجارة ويهمها الربح المادي مهما تكن الجهة المانحة سوى عدد قليل من الجرائد التي تناضل من أجل أفكار ومبادئ خاصة. ولمعاقبة تلك quot;الجرائد العنيدة quot; أيضا طرق لدى الجهات المتنفذة الباكستانية وعلى رأسها الحكومة والسلطات المراقبة للإعلام.

والآن نلقي نظرة على إعلانين نشرا في الصحافة اليوم. الإعلان الأول لحزب الرابطة (القائد الأعظم) الذي لا يستخدم كلمة القائد الأعظم مع اسمه الآن؛ لكن كل كلمة من الإعلان يصرخ بأعلى صوته بأنه لحزب القائد الأعظم. ويقول نص الإعلان:

quot; من كان ذاك الرئيس للوزراء الشقي القلب؟
الذي جعل اختلاسه المواطن الفقير يتلهث للخبز
الفقر والغلاء والفاقة: احتراق بطال عن العمل في اجتماع مفتوح للمحاسبة
صحيفة جنك اليومية 11/1/1999
عندما كان نواز شريف رئيسا للوزراء
هذا هو المواطن الفقير الذي أنهكه الجوع والغلاء
والذي أحرق نفسه حيا أمام منزل ذلك الشقي في حين كان يتلذذ ذلك الشقي بنعيم الدنيا داخل داره.
لم تستطع صرخات ذلك الفقير تليين قلبه المتحجر.
الشعب يعرف ذلك الفارّ
قد أكل ثروة البلاد غصبا ودون اكتراث فكيف يطلب الأصوات الآن؟
حزب الرابطة الإسلامية الباكستانيquot;

وأعترف بأني لم أتمكن من نقل روح الإعلان إلى العربية لصعوبتها التعبيرية إلا أن ما تمت كتابته تكفي للإشارة إلى مرارة كلمات الإعلان. ولا يفوتنا أن نشير هنا إلى أن الذين نشروا هذا الإعلان كانوا مع نواز شريف ذلك quot;المختلس الفارّquot; - حسب ذلك الإعلان- عندما كان يختلس أموال الدولة ويأكلها دون مراقبة رقيب ولا محاسبة حسيب.

ونفس الجريدة التي نشرت هذا الإعلان على صفحتها الأخيرة نشرت إعلانا آخر في صفحتها الأولى مع صورة لنواز شريف بملامح غاضبة ودون اسم للجهة الناشرة للإعلان. في حين الإعلان الأول في أكثر من نصف الصفحة والثاني في ربع الصفحة لا أقل ولا أكثر. ويمكن ترجمة كلمات الإعلان هكذا:

quot; هل هذا هو أداؤكم؟
الطحين مفقود. الكهرباء مقطوع. الغاز مقطوع. الماء مقطوع. الصناعات مغلقة. الأسواق مغلقة. القضاة محبوسون. المحامون محتجزون. الإعلام محظور. قد تقارب يوم محاسبتكم quot;

وفي خضم هذه الحملة الاتهامية يحتار المواطن يا ترى من يصدق في كلامه؟! ومن سيحاسب من؟ إلا أن أمرا واحدا لا يختلف فيه اثنان هو أن المواطن يواجه في الوقت الراهن مشاكل لم تمر على باله في الماضي. وهو يدعو لأن يستلم زمام حكم باكستان أحد يمكن له نقل سفينتها إلى بر الأمان منقذا إياها من فم الأمواج الهائجة وعين العاصفة العارمة.