بالمغرب ميلاد جبهة الدفاع عن الحريات الفردية
رئيس تحرير quot;المساءquot;: لسنا مستهدفين بالمبادرة
أحمد نجيم من الدار البيضاء:
أعدت شبكة من كبار المثقفين والوزراء السابقين ورجال الأعمال والصحافيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان المغاربة نداءا أطلقت عليه quot;نداء من أجل الدفاع عن الحريات الفرديةquot;. وقال هؤلاء إن المغرب شهد في السنوات الأخيرة quot;تناميا مستمرا للتهديدات والاعتداءات (الشفهية أو الجسدية) ضد عدد متزايد من الأفرادquot;، وذهب إلى أن أصحاب التهديدات يتهمون من يختلف معهم في quot;أذواقهم أو آرائهم أو اختياراتهم المعيشية الخاصةquot; بquot;المس بشعور المسلمينquot; وquot;تهديد القيم المغربية الأصيلةquot;. وأنه تحت ذريعة quot;حماية الأخلاق والفضيلةquot; لا تتردد بعض الجهات بتكفير هؤلاء quot;المنحرفينquot; (كما يصفونهم). مما يشكل، سواء كان التكفير صريحا أو مبطنا، دعوة مباشرة لممارسة العنف الجسدي ضد هؤلاء الأفراد، أو حتى لتهديد حياتهم.
كما ذهب الموقعون، حسب النداء الذي حصلت عليه quot;إيلافquot;، إلى أن ردود فعل الحملات التي تروجها بعض quot;الجماعات المتطرفة و/ أو بعض المواقع الإلكترونية و/أو بعض الصحفquot; لها quot;انعكاسات خطيرة على مبدأ معترف به كونيا، وهو مبدأ الحريات الفرديةquot;، وأكد البيان أن هذا الأمر أدى إلى quot;تكاثر الحملات التكفيرية أو شبه التكفيريةّ، وفي غياب تدخل السلطات، إلى جو عام وخطير من الإرهاب الفكريquot;.
كما انتقد البيان تعامل الدولة مع بعض الملفات، وقال أن وثيرة ضغط الأصوليين والشعبويين وصلت إلى حد quot; إلى اضطرار الدولة، بدافع quot;تهدئة الجموعquot;،إلى إطلاق سراح المخربين الذين اعتقلوا في حالة تلبس، وإلى الحكم بالسجن، وبدون سند قانوني، على ضحايا تلك الهستيريا الجماعيةquot;.
وأكد البيان أن المغرب يعيش حاليا quot;جوا من الكراهية يذكر بمحاكم التفتيش، قد يؤدي بعد حين إلى تهديد السلم المدني في المغربquot;.
ولم يكتف بيان هؤلاء الفاعلين المغاربة بهذا نبه quot;السلطات والرأي العام إلى الخطورة المتزايدة لهذه الوضعيةquot;، ودعاها إلى quot;مزيد من اليقظة ضد دعاة الكراهية ومحاكم التفتيش الذين يبحثون باستمرار عن ذرائع جديدة للتحريض على العنف والإخلال بالأمن العامquot;، كما شدد الموقعون على أن quot;الدين ملك جماعي لا يجوز استعماله من أجل تفرقة المغاربة وتحريض بعضهم ضد بعض، تحت طائلة العنف والانفلات الأمنيquot;، وأعلنوا أنهم يحترمون بشكل تام quot;أذواق ومعتقدات وآراء واختيارات الأفراد الخاصة، كيفما كان نوعها، مع التأكيد أنه ليس من حق أحد أن يكفر أو يشكك في إيمان الآخر بذريعة أذواقه أو معتقداته أو آرائه أو اختياراته الفرديةquot;، كما ذكروا بضرورة احترام المغرب لتوصيات quot;هيئة الإنصاف والمصالحةquot; التي تبنتها الدولة والداعية إلى التنصيص الدستوري الصريح بفحوى الحريات والحقوق الأساسية التي من ضمنها احترام الحياة الخاصة، كما هو منصوص عليه في المادة 12 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي انضم إليه المغرب، وكما هو منصوص عليه في المادتين 17 و18 من المعاهدة الخاصة بالحقوق السياسية والمدنية التي صادق عليها المغربquot;، وذكروا بأن المغرب صادق على اتفاقيات تحمي الحريات الفردية، وطالبوا الدولة بquot;حماية الحريات الفردية والدفاع عنها، وذلك بالتجريم الصريح والصارم، ضمن إطار القانون الجنائي، لدعوات الكراهية والتمييز والتحريض على العنف ضد الأفراد بسبب معتقداتهم أو أفكارهم أو اختياراتهم الشخصيةquot;.
وفي علاقة بالمبادرة قال أحمد بنشمسي، ناشر quot;نيشانquot; وquot;تيل كيلquot; وأحد الموقعين عليها، إن المبادرة جاءت للتأكيد على أن quot;من حق أي أحد أن يعيش حياته الخاصة كما يريد، وبدون أن يكفره أي أحدquot;، وأضاف quot;من المستحيل أننا نعيش في مجتمع محافظ، والديموقراطية تقتضي احترام الأقلية رأي الأغلبية، وتقتضي العكسquot;، وانتقد الدولة لأنها quot;تتناسى القواعد الديموقراطية الأساسية بسهولة، حينما تجد نفسها في وضعية محرجة، كما وقع في القصر الكبير بعد الهستيريا الجماعية التي تلت ما يسمى (عبثا) quot;زواج الشواذquot;. وختم بالقول أن المغزى من النداء هو quot;تجسيد مفهوم الحريات الفردية في المغرب وإبراز مساندته من طرف جزء كبير من نخبتنا الوطنية، وأخيرا quot;تبليغ الرسالة التالية إلى المتطرفين والشعبويين ومروجين النظام الأخلاقي الجديد (الخطير): لستم وحدكم في الساحةquot;.
وفي رده على هذه المبادرة، قال توفيق بوعشرين، رئيس تحرير quot;المساءquot; في تصريح لquot;إيلافquot; quot;لسنا مستهدفين بهذا النداءquot;، وكان هذا الأخير انتقد التعامل الشعبوي مع بعض القضايا، وهي التهمة الموجهة بشكل مبطن إلى جريدة quot;المساءquot; (الأكثر مبيعا في المغرب)، وأضاف بوعشرين quot;كان يمكن أن أوقع هذا النداء، إلا أن أحدا لم يخبرنا به، فأنا لست ضد هذا النوع من المبادراتquot; وذهب إلى أنه يتفق مع كثير من المطالب التي تحدثت عنها، لكنه استطرد قائلا quot;كان يمكن أن تدخل تعديلات عليها، فهناك أخطار أخرى تهدد حرية التسامح في المغرب، وكان يمكن للمبادرة أن تضيفهاquot;.
للتذكير فإن من بين الموقعين على النداء وزراء سابقون أمثال عبد الرحيم الهاروشي ومحمد الحكص وسعيد السعدي..كما تتضمن المبادرة مثقفين معروفين أمثال عبد اللطيف اللعبي والطاهر بنجلون ومحمد الطوزي ومحمد العيادي وعلي بوعبيد ومحمد الصغير جنجار ونور الدين الصايل، الحقوقيون حاضرون بقوة في التوقيع الأولي أمثال محمد عصيد وفوزية العسالي وصلاح الوديع وسعيد السولامي والحبيب كمال وأحمد أرحموش وبشير الراشدي وبشرى التونزي عز الدين بنيس وشمعون ليفي، كما وقع على النداء مجموعة من الصحافيين أمثال عبد المنعم دلمي وعلي عمار وناصر الدين العفريت وأحمد بنشمسي وكريم البوخاري ونور الدين مفتاح وإدريس شحتان، بالإضافة إلى سياسيين وأرباب مقاولات.
وكان المغرب شهد نقاشا كبيرا حول الحريات الفردية على خلفية ما أصبح يطلق عليه من قبل الأصوليين quot;عرس الشواذquot;، إذ اعتبر الناشطون الحقوقيون أن محاكمة أناس نظموا حفلا في فضاء خاص ثم إدانتهم بالسجن، بعد احتجاجات قادها أصوليون في المدينة، نوع من الرضوخ لهذا الفكر، لذا أطلقوا هذه المبادرة.