طالب ميدفيديف بالضغط على الأسد
أولمرت يبحث عن quot;نجاة أخلاقيةquot; عبر البوابة السورية
خلف خلف من رام الله:
لم يترك رئيس الوزراء الإسرائيلي المغادر أيهود أولمرت فرصة إلا حاول استغلالها من أجل تحسين صورته، والمحافظة على ماء وجهه، بعد اتهامه بعدة قضايا فساد أجبرته التخلي عن منصبه. ومع قرب تشكيل خليفته تسيبي ليفني لحكومتها، بدأت الصحافة العبرية في كشف خفايا وأسرار ولاية أولمرت التي امتدت قرابة العامين، وحفلت بالكثير من التطورات والأحداث الساخنة، فشهدت حرب لبنان الثانية، وعدة عمليات عسكرية ضد قطاع غزة، بالإضافة لجملة أحداث دبلوماسية، عايشها المسارين: الفلسطيني والسوري.
أحد الأسرار التي ربما فضل أولمرت أن تبقى طي الكتمان، ما دام حيًا، تتمثل في محاولته خلال أيامه الأخيرة إغراء الرئيس السوري بشار الأسد بتحقيق quot;تسوية سلمية بين الطرفين في غضون وقت قصيرquot;، وطلب من الرئيس الروسي ديمتيري ميدفيديف في لقائهما في موسكو قبل نحو أسبوعين ممارسة الضغوط على الأسد من أجل القبول بهذا العرض، ولكن السوريون ردوا سلبًا على الاقتراح، حسبما تبين المصادر الإسرائيلية.
والمفاوضات السورية الإسرائيلية بدأت منذ منتصف العام الجاري، عبر الوسيط التركي، وعقدت أربع جلسات غير مباشرة بين الطرفين، ولم يعلن عن نتائجها، فيما يدلل أن الخلافات بقيت قائمة، والمباحثات قائمة أساسا على قاعدة quot;الأرض مقابل السلامquot;، حيث تعرض إسرائيل الانسحاب من هضبة الجولان مقابل توقيع اتفاق سلام مع سوريا يتضمن ترتيبات أمنية، ويتصل كذلك بخروج طهران مما تسميه إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، محور الشر، (إيران، حماس، حزب الله، كوريا الشمالية).
وبحسب المعلومات التي نشرت في صحيفة معاريف الصادرة اليوم الاثنين، فإن الرئيس الروسي أبلغ أولمرت أن السوريين لا يفضلون توقيع الاتفاق مع إسرائيل منفردة، ويريدون دخول الولايات المتحدة على الخط، والحصول منها على ضمانات، ولذلك ينتظرون نتائج الانتخابات الأميركية التي لم يتبق عليها أقل من أسبوعين.
وجاء أن أولمرت حاول الدفاع عن اقتراحه، وأوضح للرئيس الروسي، أن انتظار الإدارة الأميركية الجديدة خطأ، لأنها ستحتاج وقت طويل حتى ترتب أوراقها، وربما يحتاج ذلك لعدة شهور، قد تصل إلى منتصف 2009، وترى معاريف أنه يستشف من أقول أولمرت لميدفيديف، أن الرئيس الأميركي الحالي جورج بوش يميل إلى الموافقة على توقيع دمشق وتل أبيب اتفاق سلام في عهده، ليعلنه كإنجاز قبل انتهاء ولايته التي يغادرها وسط تدني شعبيته.
وتبدلت مواقف وتصريحات أولمرت بعد تقديمه استقالته من زعامة كاديما، حيث هاجم المستوطنين الذين يعتدون على المواطنين الفلسطينيين، كما صرح في مقابلة صحافية أنه لا يمكن تحقيق السلام دون التخلي عن معظم الأراضي الفلسطينية، وكذلك هضبة الجولان، وقد أشعلت تصريحاته هذه موجة من الانتقادات في أوساط اليمين الإسرائيلي، وفي المقابل، عبر الفلسطينيون عن أمنياتهم لو أنهم سمعوها قبل أن يستقيل أولمرت من منصبه، وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن تطبيق كلام أولمرت يوصلنا إلى السلام بيومين.
ويرى مراقبون أن تصريحات أولمرت واندفاعه نحو المسار السوري والفلسطيني هي محاولة لتحسين صورته، لا سيما أن شعبيته متدنية، وعندما يتذكره الإسرائيليون، تأتي في مخيلتهم قضايا الفساد المتهم بها، ولذلك فهو مكنب على العمل على المسارين: الفلسطيني والسوري، لربما تمكن من تحقيق إنجاز في الوقت الضائع، يدخله بوابة التاريخ، أو يبرئ ساحته أخلاقيًا على الأقل.
ومن المتوقع أن يخيم المجهول على مصير المفاوضات بين سوريا وإسرائيل، بعد تولي ليفني دفة الحكم في تل أبيب، ووفقًا لتصريحاتها الخاصة في هذا السياق، فأنها لا ترى أن الأولوية للمفاوضات السورية، بل تعتقد أنه الأجدر السير نحو الفلسطينيين، لأنه الموضوع الساخن والأكثر خطورة، لاشتعاله الدائم. وهذا الرأي يتماثل كثيرًا مع توجه الإدارة الأميركية خلال السنوات الأخيرة. وتشير تقارير صحافية إلى أن ليفني تشدد على أن المفاوضات التي أجراها أولمرت مع سوريا ساعدتها في الخروج من العزلة الدولية، دون أن تقطع علاقاتها مع حزب الله وحماس، وإيران.
وفيما يتصل بالملف الفلسطيني، فأن ليفني تزعمت على مدار الشهور العشرة الماضية الوفد الإسرائيلي المفاوض، وأجرت عدة جلسات مع الفريق الفلسطيني بزعامة احمد قريع، ولم يعرف ما طبيعة القضايا التي نوقشت خلال هذه الاجتماعات، لا سيما أن السرية تسيدت الموقف بفعل الغليان بالساحة الحزبية الإسرائيلية، وتهديد بعض الأحزاب بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال طرح موضوع القدس على طاولة المفاوضات.
كما ترفض إسرائيل الخوض في مسألة اللاجئين، وتعتبر ذلك تهديدا وجوديا عليها، ولكن تقارير إسرائيل ذكرت في وقت سابق أن اولمرت عرض على الرئيس عباس عودة رمزية للاجئين، وتعويض المتبقي منهم، وفق آلية دولية تكون إسرائيل جزءا منها، مع شرط عدم تحميلها مسؤولية تهجير هؤلاء اللاجئين من ديارهم.