خلف خلف من رام الله: بينما كانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني تداعب خصلات شعرها، وهي تحاول إقناع حزب شاس الديني المشاركة في حكومتها المقبلة، كان إيلي يشاي زعيم الحزب يمسك ذقنه غير الطويلة على غير عادة قادة الأحزاب الدينية، ويواصل اشتراطاته. فشلت ليفني، وتمسك يشاي بمطالبه، والنتيجة حزب شاس الديني، لن يكون طرفا في حكومة تقودها امرأة، بينما تستعد الأخيرة خلال الساعات القادمة لتعلن قرارا ربما يكون مفاجئًا بالنسبة للكثيرين، في وقت لا تجد فيه أمامها الكثير من الخيارات، فهي أمام حكومة ضيقة أبطالها حزب العمل وميرتس والمتقاعدين وكديما، أو التوجه لانتخابات مبكرة وتسليم أختام الحكومة لزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو الذي تظهر استطلاعات الرأي تقدمه في حال جرت الانتخابات العامة.
صورة أخرى تبدو جلية على الساحة الإسرائيلية هذه الأيام، حيث يجلس نتنياهو بصمت، لا حضور له أمام عدسات الكاميرات، والصحف العبرية لا تتحدث عنه كعادتها، كونها منهمكة في متابعة مصير ليفني السياسي، لكن نتنياهو لا يريد أن يكون إلا صامتا إعلاميا، بينما كثف نشاطه منذ اللحظة الأولى لإعلان نتائج انتخابات حزب كديما، ذهب إلى وزير المواصلات وأحد قادة حزب كديما، قال له:quot; دعك من ليفني، وحاول أن تدعم الانتخابات المبكرة، فهي تصب في مصلحة إسرائيلquot; انتقل بعدها إلى قادة الأحزاب الدينية quot;لا تشاركوا في هذه الحكومة، فرئيستها تريد التفريط بالقدس، وترفض زيادة مخصصات الأطفال والفقرات والشرائح الاجتماعية الفقيرةquot;.
حزب شاس بدوره يقف أمام معضلة بين الدخول في حكومة لفني وكسب الأموال المقترحة وقبول سياسة لفني في الحديث حتى عن القدس وبين البقاء في المعارضة وتعريض الحركة للجفاف هناك مع أمل أن تعود قوية في حضن نتنياهو في الانتخابات المحتملة. وبحسب المحلل السياسي الإسرائيلي بن كاسبيت فإن quot;شاس ممزقة بين قطبين. على رأس الأول يقف ايلي يشاي، مع اتفاق مفصل لديه مع نتنياهو للبقاء خارج الحكومة، لفرض انتخابات، والدخول بعد ذلك بقوة إلى حكومة بيبي. وهكذا يكون بوسع يشاي quot;أن يحافظ على القدسquot;، وان يخوض بشاس مع الحاخام عوفاديا في الحملة الانتخابية ويعرقل آريه درعي. في القطب الثاني يقف ارئيل اتياس ومليار شيكل، زائد ناقص. اتياس لا يريد انتخاباتquot;.
أما ليفني فتتشبث بالأمل من أجل أن تصعد لرئاسة الحكومة حتى قدوم موعد الانتخابات المقبلة غير المبكرة، لأنه لا أحد يضمن مصير مستقبل حزبها quot;كاديماquot; في حال أجرت انتخابات هذه الأيام، فهو يضم الآن 29 مقعدًا في الكنيست، وقد يخسر الكثير منها لصالح حزب الليكود. وربما هذا هو السبب الذي يدفع ليفني إلى التفكير ولو برهة من الزمن بتشكيل حكومة ضيقة، تقدم لأجلها تنازلات تصفها بالمؤلمة.
وأفادت الإذاعة العامة الإسرائيلية أن ليفني تجتمع مساء اليوم السبت في منزلها بمستشاريها وبالمقربين منها لمناقشة الخيارين المتوافرين لديها، وهما أما تشكيل حكومة ضيقة أو تبكير موعد الانتخابات. وكانت ليفني قد أعربت خلال سلسلة مكالمات هاتفية أجرتها مع اقطاب كديما عن قلقها من المساس بهيبتها في حال انجرارها وراء تفاوض عن طريق الابتزاز.
وتوقعت مصادر مطلعة في حزب كاديما أن تعلن ليفني غدا عن قرارها إذ أنها ستتوجه إلى مقر رؤساء إسرائيل في القدس الساعة الخامسة من مساء غد لإبلاغ الرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس بفحوى القرار. ومن المقرر أن يعلن حزب يهادوت هاتورا المتدين خلال ساعات ما إذا كان ينوي دعم حكومة ضيقة تضم أحزاب كاديما والعمل وميرتس والمتقاعدين. وقال النائب الليكودي تساحي هنغبي أن صورة الوضع ستتضح خلال ساعات.
ويبقى الخاسر الأكبر في المشهد السياسي الإسرائيلي الحالي بعد تسيبي ليفني هو حزب العمل بقيادة وزير الأمن إيهود باراك، فهو وافق على دخول حكومة ليفني، وبالتالي خسر أي تحالفات مستقبلية مع حزب الليكود، كما أن الحزب أيقن أن حكومة ليفني قائمة لا محالة، وتجاهل الإعداد لانتخابات مبكرة، ولا تشير استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمل سيكون quot;الأسدquot; في الانتخابات القادمة، وتعطيه غالبية الاستطلاعات المركز الثالث.