خلف خلف من رام الله: في ظل تقدم المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما، في استطلاعات الرأي، على منافسه الجمهوري جون مايكن، واقتراب موعد الحسم، الذي لم يتبق عليه سوى أقل من أسبوعين، وتلويح أوباما بإمكانية إجراء حوار مع طهران، لإقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي، فان المؤسسة الأمنية والإستخباراتية في تل أبيب تعيش حراكًا غير طبيعي، تدرس عبره كافة الاحتمالات المتوقعة، وتجري وزارة الخارجية الإسرائيلية بالتعاون مع العديد من أجهزة الأمن مداولات مكثفة، الهدف منها رصد كافة السيناريوهات، وكيفية التعامل مع كل منها، مع أخذ المصالح الإسرائيلية في عين الاعتبار.

وبحسب تقديرات مصادر إسرائيلية فإن احد المعضلات التي قد تواجه السياسة الإسرائيلية وتحرجها، تتمثل بدخول أوباما في حوار مع إيران، وكمحاولة لردع هذا الكابوس، قررت تل أبيب تشكيل أربعة طواقم جديدة مهمتها العمل على الجبهة الدولية ضد إيران، وضرورة وقف برنامجها النووي بكافة الوسائل والسبل، بما فيها الخيار العسكري. ومهام هذه الطواقم، متعددة، فالأول يعمل على مواصلة عزل إيران اقتصاديًا عبر تشديد الرقابة على أموالها في الخارج والدفع نحو مقاطعة بنوكها، والثاني يعمل على إحباط برنامجها النووي عبر سلسة ضغوط في الأمم المتحدة ووكالة الطاقة الذرية.

أما الطاقم الإسرائيلي الثالث، الذي تشرف عليه وزارة الخارجية، فهو سياسي، ومهمته جلب كتلة دولية مناوئة لإيران، في محاولة لعزلها عالميًا، عبر الترويج إلى أنها لا تحترم حقوق الإنسان، وغيرها من القضايا المتعلقة بالإطار الإنساني والأخلاقي، أما الطاقم الأخير، فهو دبلوماسي إعلامي، مهمته أشبه بالدعاية المضادة، عبر انتقاء أنواع معينة من المقالات والتقارير وتوزيعها على وسائل الإعلام، وما يحمله هذا الأسلوب من خطورة، وتكتيكات كثيرة، مرة عبر التسريبات، وأخرى عبر بلونات الاختبار، والإشاعات.

ومخاوف إسرائيل المتصلة بفتح باب الحوار بين واشنطن وطهران في حل تربع السيناتور أوباما على كرسي الرئاسة، نبعت بشكل رئيسي، بعد تصريح الأخير في مناظرة عقدها مع منافسة الجمهوري جون ماكين في نهاية أيلول/سبتمبر، حيث قال مشيرًا لإيران: quot;نحن ملزمون بالدخول إلى مفاوضات عنيدة ومباشرة معهم (...) هذا النهج في أننا لا نتحدث مع احد وهو يعاقبهم، لا ينجح. المساعي لعزلهم شددت فقط تطوير النووي لديهمquot;.

وعمليًا، المرشحان، الديمقراطي، والجمهوري، يجمعان على ضرورة وقف السلاح النووي الإيراني، ولكن ماكين يعتقد أنه يجب عدم مفاوضة إيران إلا بعد تغيرها لنهجها الحالي، وفي المقابل يناصر أوباما توجه المصالحة في تقرير quot;بيكر ndash; هملتونquot;، أي انه يمكن منع حصول إيران على القوة الذرية بالتفاوض. لخص احد كتاب الأعمدة في صحيفة quot;واشنطن بوستquot; يؤيد اوباما ذلك، بقوله: quot;في الأيام التي تكثر فيها أسباب قصف المنشآت الذرية في إيران، امتحان الرئيس القادم هو أن يضطر في غضون أيام قليلة إلى التوصل إلى احد القرارات الحاسمة في التاريخ الحديث، والسؤال هو من يملك قدرات اتخاذ القرارquot;. وكان اوباما أشار في الانتخابات التمهيدية أنه لا يستبعد لقاء مع الرئيس الإيراني أحمد نجاد، دون شروط مسبقة.

ومن المعروف أن الديمقراطيين يفضلون الجزر على العصي، بعكس الجمهوريين الذي أقل انفتاحًا، ويمتنعون عن محادثة ألد الأعداء قبل أن يبرهنوا أنهم غيروا نهجًا جزئيًا، وبحسب استطلاعات الرأي السابقة، فإن 90 في المائة من الديمقراطيين يعتقدون أنه من المهم الحصول على تأييد من الأمم المتحدة قبل عمل عسكري؛ وفي المقابل يعتقد 46 في المائة فقط من الجمهوريين ذلك.

في هذه الأثناء، ذكرت هآرتس الصادرة اليوم، فإن أحد السيناريوهات المركزية التي فحصت في وزارة الخارجية الإسرائيلية هو أن اوباما سينتصر في الانتخابات وسيقود خطوة لفتح حوار مع إيران، للضغط عليها لوقف برنامجها النووي. وحسب سيناريو آخر، فإن إيران كفيلة بأن تعلن من جانبها، بعد الانتخابات للرئاسة في الولايات المتحدة بل وربما قبلها، بأنها لا توافق على الخطة التي اقترحتها القوى العظمى الستة قبل بضعة أشهر.